انقرة: أعرب رئيس المجلس الأوروبي ورئيسة المفوضية الأوروبية للرئيس التركي رجب طيب إردوغان عن قلقهما حيال ملف حقوق الإنسان في تركيا، مشدّدين في المقابل على أهمية الشراكة معها، وذلك خلال زيارة يجريانها إلى أنقرة لإنعاش العلاقات الثنائية.

وعقب اللقاء مع إردوغان أعلن رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال أنّه أعرب للرئيس التركي عن "القلق البالغ" للاتحاد الأوروبي حيال انتهاكات لحقوق الإنسان.

وقال ميشال إن "دولة القانون واحترام الحقوق الأساسية هما قيمتان أساسيتان للاتحاد الأوروبي".

من جهتها، شدّدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين على "ضرورة أن تحترم تركيا حقوق الإنسان"، معربة خصوصا عن أسفها لانسحاب أنقرة من "اتفاقية اسطنبول" لمكافحة العنف ضد المرأة.

وقالت فون دير لايين "أنا قلقة للغاية لانسحاب تركيا من اتفاقية اسطنبول. إنه مؤشر سيئ".

وبالإضافة إلى انسحاب تركيا من "اتفاقية اسطنبول"، تطرّقت فون دير لايين إلى قضية رجل الأعمال التركي عثمان كافالا والزعيم الكردي صلاح الدين دميرتاش المعتقلين، مؤكدة أن الاتحاد الأوروبي يعتبر أن قضية حقوق الإنسان "غير قابلة للتفاوض".

لكن ميشال وفون دير لايين أكدا أن أنقرة تبقى "شريكا هاما" للاتحاد الأوروبي وشددا على دورها على صعيد استقبال اللاجئين، خصوصا السوريين الذين تستضيف منهم تركيا أكثر من أربعة ملايين.

وقال ميشال إن "الاتحاد الأوروبي هو أكبر شريك لتركيا"، مضيفا "نحن ممتنون لاستقبال تركيا للاجئين".

بدورها شددت فون دير لايين على أن تركيا "شريك هام"، مؤكدة تصميم الاتحاد الأوروبي على مساعدة أنقرة في الاستجابة لاحتياجات اللاجئين.

وبعد عام شهد توترات كثيرة، كثف المسؤولون الأتراك الدعوات للحوار مع الأوروبيين لتسوية القضايا الحساسة، لا سيما النزاع البحري مع اليونان في شرق المتوسط والدور الذي تؤديه أنقرة في سوريا، وليبيا ومؤخرا في ناغورني قره باغ.

لكن ميشال وفون دير لايين طالبا أنقرة بـ"خطوات ذات صدقية" وبـ"جهود مستدامة"، ووضعا تركيا قيد المراقبة حتى حزيران/يونيو ملوّحين بفرض عقوبات عليها.

كذلك، طلبا من الرئيس التركي اتّخاذ خطوات فعلية لإثبات نيته بالتهدئة، خصوصا بما يتصل بخلافاته مع اليونان وقبرص وسحب قواته من ليبيا واحترام الحقوق الأساسية في بلاده.

وفي أنقرة قالت فون دير لايين "نريد أن نمضي قدما معا نحو علاقات أفضل في المستقبل لكننا في بداية الطريق، والأسابيع والأشهر المقبلة ستبيّن إلى أين قد نصل".

من جهته، شدّد المتحدث باسم الرئاسة التركية ابراهيم قالن على ان المحادثات جرت "في جو إيجابي"، كاشفا أن إردوغان قدّم لميشال وفون دير لايين "تصوّر تركيا للعلاقات المستقبلية مع الاتحاد الأوروبي" وأبلغهما أن انقرة لا تزال تسعى لنيل عضوية كاملة في الاتحاد الأوروبي.

وتأتي سياسة التهدئة التي تعتمدها أنقرة فيما تبدي قلقا من احتمال تشدد الموقف الأميركي تجاهها مع تولي الإدارة الديموقراطية الجديدة مهامها في واشنطن التي أصبحت أقل مهادنة تجاهها مما كانت عليه في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب.

وفي سبيل تشجيع تركيا، أبدى الاتحاد الأوروبي استعداده لمباشرة تحديث الاتحاد الجمركي واستئناف الحوار على مستوى عال بعد تعليقه العام 2019 بشأن بعض المسائل مثل الأمن والبيئة والصحة ومنح بعض التسهيلات لإصدار تأشيرات دخول للاتراك.

وترغب أنقرة في تجديد الاتفاق الموقع العام 2016 مع الاتحاد الأوروبي والذي أتاح خفض عدد المهاجرين الوافدين من تركيا الى أوروبا بشكل كبير في مقابل مساعدة مالية كبرى.

وقال قالن إن الرئيس التركي دعا خلال المحادثات إلى "تمديد سريع" للاتفاق الذي انتهت مفاعيله في آذار/مارس.

من جهتها تنتقد بروكسل أنقرة لأنها أوقفت استرداد مهاجرين في أوضاع غير قانونية من الجزر اليونانية منذ بدء وباء كوفيد-19.

وقالت فون دير لايين "نتوقّع من تركيا أن تحترم التزاماتها، ويعني ذلك أن تمنع انطلاق (المهاجرين) بشكل غير نظامي (من أراضيها) واستئناف استقبال أولئك الذين يتم ترحيلهم من الجزر اليونانية، من دون تأخير".