ايلاف من القدس: "مترو حماس" أو شبكة أنفاق غزة التحتية... عالم مواز أو مدينة تحت المدينة، تعتبرها إسرائيل سلاح حماس الاستراتيجي في غزة.

ولا تقتصر الأهداف من أنفاق غزة على الهجوم او الاختباء فحسب، فالمصادر العسكرية تقول إن حركة حماس تخزن الأنفاق في التي حفرتها تحت مدينة غزة كل ما تحتاجه من عتاد وطعام وشراب وأسلحة وذخيرة. تضيف المصادر أن الأنفاق هي المخبأ الرئيسي لحركة حماس، إذ تستخدمها لتخزين الصواريخ وللتحكم بالمنصات وتحريكها من مكان إلى آخر تحت الأرض بسرعة فائقة.

كوماندوس حماس

وتشرح المصادر أن نخبة حماس من كوماندوس بحري وقوات برية تلقت تدريبات لمباغتة الجيش الإسرائيلي وأسر الجنود واستهداف القوات خلال أي اجتياح بري إسرائيلي قد تتعرض له غزة، ولتفخيخ مسارات الدبابات أو القوات الراجلة.

تضيف المصادر العسكرية أن قوات النخبة التابعة لحماس استخدام هذه الشبكة المتفرعة من شمال القطاع الى جنوبه لشن هجمات مفاجئة ضد إسرائيل براً وبحراً، ولإطلاق المسيرات بشكل مباغت ومفاجئ من فتحات الانفاق كي لا تستطيع مسيرات إسرائيل وطائراتها من رصد أي عمل عسكري لحماس.

إحباط عمليات نوعية

خلال الايام الأولى من العملية، وبعد ان أطلقت حماس صواريخها باتجاه القدس وتل أبيب، هاجمت اسرائيل وعبر خدعة الاجتياح البري شبكة انفاق حماس. وتؤكد مصادر عسكرية إسرائيلية أنها نجحت في المرحلة الاولى بتدمير الشبكة الاخطر عليها، والممتدة بين شمال القطاع وشرقه، وأحبطت بذلك عمليات نوعية من البر والبحر.

ضرب شبكة الأنفاق

تضيف المصادر أن إسرائيل واصلت ضرب شبكة الأنفاق في كل مناطق القطاع وصولاً إلى حي الرمال ومنه الى وسط القطاع وجنوبه. وتقول المعلومات إن إسرائيل استطاعت حتى الآن تدمير نحو مائة كيلومتر من هذه الأنفاق المتشعبة والتي لها فتحات وأبواب في بيوت نشطاء وقادة وفي مساجد وفي مجمعات سكنية مدنية وغير ذلك.

مترو حماس

اللافت هنا، وبحسب المعطيات، أن شبكة الأنفاق هذه، والتي تطلق عليها إسرائيل اسم "مترو حماس" كانت حتى بداية هذه المواجهة إحدى أبرز أدوات حماس السرية، والتي حرصت حماس على عدم كشف أي تفاصيل عنها للعامة خشية معرفة إسرائيل بها، وخصوصاً لإنها تلامس كل البنى التحتية المدنية في غزة.

خبرات إيران وحزب الله

وتشير المصادر التي تحدثت لـ"إيلاف" إلى أن حركة حماس استخدمت في تشييد الأنفاق تقنيات إيرانية، مستفيدة من تجربة حزب الله، حيث كانت المعدات تعمل تحت اشراف خبراء من إيران وحزب الله بنوا انفاقا مماثلة في لبنان وفي إيران لخدم المشروع النووي الايراني.

مدينة تحت المدينة

وتقول المصادر إن حماس أنفقت مئات الملايين من الدولارات خلال السنوات العشر الاخيرة في بناء هذه الانفاق وقد طورتها بشكل كبير بعد عام 2014 على اثر المواجهة السابقة حيث تيقنت حماس ان عليها سد الفجوة بين قدرات اسرائيل التكنولوجية والعسكرية وبين قدراتها المحدودة، فاختارت انشاء مدينة تحت الارض لمفاجأة العدو والاجهاز على قواته برا ومفاجأته بحرا بعناصر كوماندوس يظهرون فجأة او يرسلون غواصة مسيرة صغيرة محملة بالمتفجرات باتجاه سفن اسرائيل الحربية من فتحات هذه الانفاق التي وصلت الى ميناء غزة ومبان على شاطئ البحر.

تقول اسرائيل إن "مترو حماس" يمتد لنحو مائة وخمسين كيلومترا، وتعتبر تدمير شبكة الأنفاق هذه - او جزء كبير منها - إنجاز مهم خاصة وان استنفاذ اطلاق الصواريخ على تل ابيب لم يعقبه اي انجاز اخر لحماس بسبب كشف اسرائيل للسر الدفين على حد تعبير المصادر العسكرية.

وتلفت المصادر العسكرية كذلك الى أن قطع الاتصالات بين النشطاء والقيادة نجح بخلق بلبلة في العمل العسكري لدى حماس والفصائل الاخرى بالإضافة الى تدمير إسرائيل لأجزاء كبيرة من "مترو حماس"، الامر الذي يتضح مدى تأثيره حتى الساعة. ولم يعرف عدد القتلى تحت الأرض، إلا أن المصادر تشير إلى دغن عدد من القياديين، وخصوصاً أنه بات يتعذر العثور على جثثهم بعد انقطاع شبكة الاتصالات الداخلية، وبالتالي عدم معرفة القيادة بكل الامور... فالوسيلة الوحيدة القائمة حاليا للتواصل بين عناصر حماس هي باستخدام الشبكات العامة المراقبة، ناهيك عن اضطرار النشطاء للخروج إلى أعمالهم فوق الأرض، ما يفسر عدد الخلايا التي استهدفتها اسرائيل خلال الايام الاخير قبل وخلال وبعد اطلاق الصواريخ ومن ثم استهداف بيوت النشطاء وقت محاولتهم الاتصال او العمل على تنفيذ مهمات قتالية او اسناد للمقاتلين من خلايا اطلاق الصواريخ.

تبقى الإشارة في هذا السياق إلى أن إسرائيل استخدمت في هذه العملية القذائف والقنابل المخترقة للدروع الاسمنتية والباطون المسلح بعمق يتجاوز الثلاثين مترا تحت الارض بحسب خبراء عسكريين يتابعون مثل هذه الحالات.

ويتضح ان الولايات المتحدة زودت اسرائيل بهذه الذخائر بحسب الاتفاق الذي ابرم في نهاية عهد الرئيس الاميركي باراك اوباما، فيما تشير المعلومات إلى ان دفعة جديدة من هذه الذخائر وصلت إلى اسرائيل مؤخراً وهناك كميات كبيرة في طريقها الى تل ابيب.