ايلاف من الرياض: الكاتب السعودي عبدالله بن بخيت ممن كتب وعمل في ايلاف، يتحدث في عشرينية أول صحيفة إلكترونية عربية عن هذه المناسبة الخاصة، فيقول: كانت انطلاقة صحيفة إيلاف الإلكترونية نبوءة بما حل بالصحف الورقية اليوم. توقعت في بداية انطلاقتها ان تتحول إلى جريدة ورقية، لكن ناشرها الأستاذ عثمان العمير كان يصر منذ البداية على أنها ولدت الكترونية وستبقى كذلك. ويمكن القول إن أسلوب ادارتها والعمل فيها منذ انطلاقتها كانت أيضا نبوءة لما نعرفه اليوم بالعمل عن بعد. عملت فيها عدة اشهر مع زملاء لم التقهم.

ايلاف بين حرية الرأي والمكاسب

حجبها حرمها من سوق أقوى دولة عربية بعضهم في الرياض وبعضهم في لبنان وفي اليمن وأخرون في أماكن أخرى من هذا العالم. حجبها في المملكة فترة طويلة منعها من سوق اقوى دولة عربية اقتصاديا، وحرمها من مصدر اخباري كبير ومن قاعدة قراء ضخمة ومن الإعلان.

شكلت ايلاف صورة جلية للصراع بين حرية الرأي والمكاسب. فانحاز ناشرها إلى حرية الرأي فانكمشت وراحت تتسلل عبر برامج كسر الحجب، ورغم ذلك تقدمت على كثير من الصحف العريقة.

بعد سنوات ومع تطور الوسائل التقنية وتوسع مفهوم الصحف الإلكترونية غاصت ايلاف بين عدد كبير من الصحف الإلكترونية المنافسة. ومن تجربتي الشخصية، تختلف الصحف الورقية عن الصحف الإلكترونية أن الأولى تذهب إليها والأخيرة تأتي اليك.

الصحف الورقية مكلفة وتحتاج إلى تراخيص صعبة المنال فانحصرت أعدادها في عدد قليل من الصحف مما سهل عليها اكتساب قراء رغم انفهم.

بيد ان عالم اليوم تغير. كل منا يستطيع ان يصدر صحيفة الكترونية بقليل من المال وبفضل الفوضى في لطش مواد الآخرين دون حسيب أورقيب. معيار انتشار الصحف الألكترونية اليوم هو ما يصل منها اليك عبر الوتساب أو ما تتلقاه في تويتر.

ايلاف والتحديات الجديدة

يبدو لي ان صراع ناشرها اليوم انتقل من الحجب إلى الأمانة وحقوق الغير. إبقاء إيلاف صحيفة جادة تلتزم معايير الصحف الكبرى تحتاج إلى بيئة قانونية أخرى غير البيئة القانونية العربية.

أفقدها هذا الالتزام القدرة على التنافس. يضاف إلى ذلك نوعية المواد التي تسوقها الصحف الإلكترونية. من الواضح ان ناشر إيلاف وقع في مأزق ثالث: الصحف الإلكترونية اليوم قريبة من الصحف الصفراء التي كانت تنقل الأخبار والمواد المثيرة بغض النظر عن صدقها أو قيمتها. هذه المواد المنفلتة تشكل مادة مهمة وجذابه عند مجموعات الوتساب وهذا يصادم نهج أيلاف الذي لا بسمح لها أن تدخل في هذه السوق فخسرت القراء الذي ينتظرون ان تصلهم المواد المثيرة والمسلية إلى باب بيتهم دون اهتمام بقيمة المادة.

محاولة بناء كيان إعلامي جاد وملتزم بالمعايير المقررة امر متعذر، لكن ما يجعل المستقبل مفتوحا امام هذه الصحيفة أن عالم النت متغير، وسوف يأتي اليوم الذي تستقر فيه نوعية القراء.

فكما ان الصحف الألكترونية دحرت الصحف الورقية من غير توقع فلعل يأتي اليوم الذي تتوارى فيه صحف الفوضى فتستقر إيلاف الجادة التي نرجو ويرجو القائمون عليها.