كييف: قال الكرملين الأربعاء إن حياد أوكرانيا على نسق السويد أو النمسا هو التسوية التي يناقشها المفاوضون الروس والأوكرانيون لكن كييف سرعان ما أعلنت رفضها هذا المقترح، حاليا فيما تواصل موسكو هجومها بقصف العديد من المدن الأوكرانية.

وبعد ثلاثة أسابيع من بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، قال الناطق باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف الأربعاء "إن حياد أوكرانيا على نسق السويد أو النمسا هو الخيار الذي يناقش حاليا والذي يمكن اعتباره تسوية".

كذلك، اعتبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن "هناك صيغ محددة جدا أعتقد أنها ستكون محور اتفاق قريب" مشيرا في الوقت نفسه إلى أن المحادثات "ليست سهلة".

الرئاسة الأوكرانية

من جانبها، أعلنت الرئاسة الأوكرانية الأربعاء أنها ترفض فكرة أن تكون كييف محايدة على غرار السويد أو النمسا مطالبة ب"ضمانات أمنية مطلقة" في وجه روسيا.

وقال المفاوض الأوكراني ميخائيلو بودولياك في تعليقات نشرتها الرئاسة "أوكرانيا في حالة حرب مباشرة مع روسيا الآن. والنسق لا يمكن أن يكون إلا أوكرانيا".

ويجري الأوكرانيون والروس منذ الاثنين جولة جديدة من المفاوضات عبر الفيديو وسيعقدون اجتماعا الأربعاء.

وأثار الرئيس الأوكراني بعض الأمل الثلاثاء بتأكيده أن المواقف أصبحت الآن "أكثر واقعية". لكنه اعترف في الوقت نفسه بأن الأمر "ما زال يحتاج إلى مزيد من الوقت لاتخاذ القرارات لتكون في مصلحة أوكرانيا".

وهذا التكثيف الواضح للمفاوضات لم يمنع استمرار القصف الروسي على العديد من المناطق في البلاد والذي دفع أكثر من ثلاثة ملايين أوكراني إلى النزوح، نصفهم تقريبا من الأطفال.

وتخضع العاصمة كييف لحظر تجول منذ مساء الثلاثاء وحتى صباح الخميس، بعد غارات عدة استهدفت مباني سكنية يومي الاثنين والثلاثاء.

وسمع دوي انفجارات قوية فجر الأربعاء في العاصمة الأوكرانية، تلاها تصاعد أعمدة الدخان الأسود فوق المدينة حيث أسفرت غارات روسية على مبان سكنية عن مقتل أربعة أشخاص على الأقل.

ولم تقدم السلطات المحلية على الفور أي تقييم أو تفاصيل فيما لم يسمح للصحافة بالتجول في المدينة وسط التوتر بسبب حظر التجول. وقال رئيس البلدية فيتالي كليتشكو الثلاثاء إن العاصمة تمر "بلحظة خطيرة".

طوابير تتزود بالمؤن

وتشكلت طوابير طوال النهار أمام محلات السوبر ماركت حيث يقوم السكان بالتزود بالمؤن. وأكد أحد هؤلاء فلاد فولودكو (26 عاما) "نحن صامدون".

وخلت كييف التي تحاول القوات الروسية محاصرتها من نصف سكانها على الأقل والبالغ عددهم 3,5 ملايين نسمة منذ بدء النزاع في 24 شباط/فبراير.

وتتعرّض مدن كبرى مثل خاركيف (شمال شرق) وماريوبول (جنوب شرق) للقصف بشكل مكثف، وفقا للسلطات المحلية.

وما زال آلاف الأشخاص عالقين في ماريوبول، مختبئين في أقبية رغم تمكّن 20 ألف شخص من مغادرة هذه المدينة الساحلية الاستراتيجية الواقعة على بحر أزوف الثلاثاء المحاصرة منذ أيام، باتجاه زابوريجيا على مسافة أكثر من 200 كيلومتر إلى الشمال الغربي.

وقد لا تبقى هذه المدينة ملاذا لفترة طويلة، فقد أصيبت بصاروخ واحد على الأقل الأربعاء، للمرة الأولى منذ بدء الصراع بحسب حاكم المنطقة، من دون التسبب في أي إصابات كما يبدو. وتضم هذه المدينة أكبر محطة للطاقة النووية في أوروبا التي احتلها الروس منذ 4 آذار/مارس.

وأكدت السلطات الأوكرانية أيضا أن الروس احتجزوا 400 مدني كرهائن الثلاثاء في مستشفى في ماريوبول، لكن لم يتسن التحقق من المعلومات من مصدر مستقل.

تتعرض العديد من المناطق الأخرى للنيران الروسية مثل ميكولايف (جنوب) قرب أوديسا.

في أوديسا، قالت السلطات الأوكرانية إنها "تستعد لإنزال روسي من البحر الأسود". وتقول سلطات مناطق جيتومير (جنوب كييف) وسومي (شمال شرق) ودنيبرو (وسط) وسفيرودونتسك (شرق) إنها تتعرض لقصف روسي.

حظر طيران

في مواجهة استمرار الهجوم، من المتوقع أن يدعو زيلينسكي مجددا إلى إنشاء منطقة حظر طيران فوق بلاده في خطابه أمام الكونغرس الأميركي عن طريق الفيديو.

وقد رفض الرئيس الأميركي جو بايدن هذا الطلب حتى الآن خوفا من دخول الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي في الصراع.

في الوقت نفسه تتواصل جهود الوساطة من جانب تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي والتي رفضت الانضمام إلى العقوبات المفروضة على موسكو. وزار وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو موسكو الأربعاء حيث أجرى محادثات، ومن المقرر أن يتوجه إلى أوكرانيا الخميس.

ومن المقرر عقد قمة استثنائية للناتو مخصصة للنزاع في 24 آذار/مارس في بروكسل، بالإضافة إلى قمة لقادة الاتحاد الأوروبي. وستعقد قمة الحلف بحضور بايدن لإعادة تأكيد التزام الولايات المتحدة "في كل الظروف" تجاه حلفائها حسب البيت الأبيض.

وتأتي زيارته بعد زيارة رؤساء الوزراء البولندي والتشيكي والسلوفيني ماتيوش مورافيتسكي وبيتر فيالا ويانيز يانسا كييف الثلاثاء، بعد رحلة طويلة بالقطار لتأكيد دعمهم للرئيس الأوكراني. وهم عادوا الأربعاء إلى بولندا.

وكتب مورافيتسكي على تويتر قبل العودة إلى وارسو الأربعاء "لن نترككم بمفردكم أبدا. سنكون بجانبكم لأننا نعلم أنكم لا تقاتلون فقط من أجل حريتكم ومن أجل منزلكم وسلامتكم لكن أيضا من أجلنا".

وفي الوقت نفسه، دعت بولندا إلى إنشاء "مهمة سلام" لحلف شمال الأطلسي "محمية من القوات المسلحة" لمساعدة أوكرانيا.

وبسبب عدم رغبته في مواجهة عسكرية مع روسيا، يواصل الغرب تزويد أوكرانيا السلاح وتشديد عقوباته.

وسيحرم الاتحاد الأوروبي الأثرياء الروس القريبين من السلطة من السيارات الفارهة والشمبانيا وغيرها من السلع الفاخرة، عبر حزمة رابعة من العقوبات دخلت حيز التنفيذ الثلاثاء.

وكانت موسكو ردت بعقوبات مضادة استهدفت جو بايدن ورئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو والكثير من أعضاء حكومتيهما.

وستصدر محكمة العدل الدولية الأربعاء حكمها في إجراء أطلقته كييف يطلب من أعلى هيئة قضائية تابعة للأمم المتحدة أن تأمر موسكو بوقف غزوها لأوكرانيا على الفور.

وتسعى روسيا أيضا إلى تقديم مشروع قرار "إنساني" إلى مجلس الأمن الدولي يمكن أن يعرض للتصويت الخميس.

ويعبر النص الروسي الذي حصلت وكالة فرانس برس على نسخة منه عن "قلق عميق" لمجلس الأمن "إزاء التقارير التي تفيد بسقوط ضحايا مدنيين بينهم أطفال في أوكرانيا ومحيطها".

ومن غير المرجح أن يحصل النص على الأصوات اللازمة. وقال دبلوماسي غربي طلب عدم كشف هويته إن هذا النص الذي "لا يدعو إلى إنهاء فوري للقتال" هو "دعابة".