غزة (الأراضي الفلسطينية): شنّت إسرائيل ضربات جوية على غزة السبت ردت عليها حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية بإطلاق وابل من الصواريخ، في أخطر تصعيد للعنف في المنطقة منذ حرب العام الماضي.
وأكدت إسرائيل أنها اضطُرت لإطلاق عملية "استباقية" ضد حركة الجهاد الإسلامي، مشددة على أن المجموعة كانت تخطط لهجوم وشيك بعد أيام من التوتر عند حدود غزة.
وأعلنت السلطات الصحية في غزة التي تديرها حركة حماس الإسلامية أن 12 شخصاً قتلوا في القصف الإسرائيلي، بينهم فتاة تبلغ من العمر خمس سنوات، بينما أصيب ثمانون شخصاً بجروح.
وأدى إغلاق إسرائيل لمعبر بضائع رئيسي قبل أربعة أيام، إلى إيقاف محطة الكهرباء الوحيدة في غزة السبت.
مقتل الجعفري
وأكدت إسرائيل والجهاد الإسلامي على حد سواء مقتل القيادي البارز في الحركة تيسير الجعبري في ضربة استهدفت مبنى غرب مدينة غزة الجمعة.
وأكدت حركة الجهاد الإسلامي أن القصف الإسرائيلي شكل "إعلان حرب" قبل أن تطلق وابلا من الصواريخ باتّجاه إسرائيل.
وتواصل إطلاق الصواريخ من جهة والقصف الإسرائيلي من جهة أخرى صباح السبت، مثيرا مخاوف من احتمال تكرار حرب أيار/مايو 2021 التي استمرت 11 يوما وأدت إلى تدمير غزة وإجبار العديد من الإسرائيليين على الاختباء في الملاجئ.
وتوقفت الحياة اليومية في القطاع بشكل شبه كامل تقريبا إذ بدت الشوارع مهجورة بمعظمها وأغلقت أكثر المتاجر أبوابها. كما عطّلت الضربات الإسرائيلية بعض خطوط الطاقة، وفق مراسل فرانس برس.
وقال محمد ثابت المتحدث باسم شركة توزيع الكهرباء السبت إن محطة الكهرباء أُغلقت "بسبب نقص الوقود".
وعادة يتمّ نقل الديزل الخاص بالمحطة بشاحنات من مصر أو إسرائيل التي أغلقت معبريها الحدوديين مع غزة الثلاثاء بسبب مخاوف أمنية.
أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لبيد في خطاب متلفز الجمعة ان "إسرائيل لا تسعى إلى نزاع أوسع في غزة، لكنها لا تخشى من حصول ذلك".
ودوت أصوات صفارات الإنذار في أنحاء جنوب إسرائيل لكن من دون صدور أي تقارير فورية عن سقوط ضحايا أو وقوع أي أضرار كبيرة، علما أن منظومة القبة الحديدية الدفاعية الإسرائيلية اعترضت العديد من الصواريخ.
وقال الجيش الإسرائيلي إن أغلب الصواريخ البالغ عددها 160 التي أطلقت من غزة إما سقطت ضمن الأراضي الفلسطينية أو اعترضتها منظومة القبة الحديدية للدفاع الجوي.
وحض مسؤولون في المناطق الحدودية السكان على البقاء قرب الملاجئ التي فتحت أيضا في تل أبيب، المركز التجاري المهم لإسرائيل.
وساطة مصرية
وقال مسؤولون مصريون لفرانس برس في غزة إن مصر التي تعد وسيطا تاريخيا بين إسرائيل والفصائل المسلحة في غزة، تسعى للقيام بدور الوساطة هذه المرة أيضا وقد تستقبل وفدا من حركة الجهاد الإسلامي في وقت لاحق السبت.
لكن مصادر ضمن حركة الجهاد الإسلامي نفت أن يكون أي وقف لإطلاق النار مطروحا. وقال أحد المصادر "لا يوجد حديث إطلاقا عن وساطة مصرية وبالنسبة للحركة فإن التركيز ينصب على ساحة المعركة".
من جهتها، دانت الجامعة العربية "بأشد العبارات العدوان الإسرائيلي الشرس (...) على قطاع غزة"، بينما دعا الأردن إلى "الوقف الفوري للعدوان الإسرائيلي المدان" على الجيب الفلسطيني.
وخاضت حماس أربع حروب مع إسرائيل منذ سيطرتها على غزة في 2007، بما في ذلك حرب أيار/مايو العام الماضي.
وتعتبر معظم الدول الغربية حركتي حماس والجهاد الإسلامي منظمتين إرهابيتين.
وانطلقت دوامة العنف بين إسرائيل والجهاد الإسلامي في 2019 بعدما قتلت الدولة العبرية بهاء أبو العطا، الذي حل الجعبري مكانه.
وتبادل الطرفان إطلاق النار على مدى عدة أيام من دون أن تشارك حماس في المعارك.
موجة عنف
ومن شأن الخطوات التي تتخذها حماس في ظل موجة العنف الحالية أن تحدد مدى شدة النزاع، بينما تواجه الحركة ضغوطا للمحافظة على الهدوء من أجل تحسين الظروف الاقتصادية في القطاع.
قال محمد أبو سلامة مدير مستشفى الشفاء الرئيسي في مدينة غزة، إنّ المسعفين يواجهون "نقصاً حاداً في الإمدادات الطبية".
وأعلنت وزارة الصحة الجمعة أن من بين القتلى "طفلة تبلغ من العمر خمس سنوات". وحمل والد الطفلة آلاء قدوم ابنته التي بدت علامة الإصابة على جبهتها خلال تشييعها.
وتجمّع مئات الأشخاص في غزة للمشاركة في تشييع الجعبري وغيره من ضحايا القصف.
وقال الناطق باسم الجيش الإسرائيلي ريتشارد هيشت لوسائل إعلامية "بحسب تقديرنا، قُتل 15 شخصاً في العمليّة" في غزة، في إشارة إلى العناصر الفلسطينيين.
واصطفت دبابات إسرائيلية على طول الحدود بينما أكد الجيش الخميس بأنه يعزز قواته.
وجاءت الضربات بعد أربعة أيام على إغلاق إسرائيل معبرين حدوديين مع غزة وتقييد حركة المدنيين الإسرائيليين الذين يقطنون على مقربة من الحدود، لأسباب أمنية.
وأعقبت الإجراءات اعتقال إسرائيل قياديين في حركة الجهاد الإسلامي بينهما باسم السعدي المتّهم بتدبير سلسلة هجمات ضد الدولة العبرية.
ونفّذت إسرائيل عمليات دهم متكررة في الضفة الغربية منذ منتصف آذار/مارس ردا على هجمات دامية استهدفت مواطنين إسرائيليين.
التعليقات