غزة (الاراضي الفلسطينية): قتل ما لا يقل عن 22 فلسطينياً مدى يومين من الغارات الاسرائيلية التي طاولت قطاع غزة فيما ردت الفصائل الفلسطينية بإطلاق عشرات الصواريخ على المناطق المتاخمة للقطاع في اسوأ جولة عنف تندلع بين الجانبين منذ أشهر.

واطلقت صفارات الإنذار في منطقة تل أبيب وبلدات جنوب إسرائيل مساء الأربعاء بعد إطلاق الفصائل الفلسطينية المسلحة عشرات الصواريخ من القطاع الساحلي، بحسب مراسلي فرانس برس.

كما تجددت الغارات الإسرائيلية على أهداف عديدة خصوصا لحركة الجهاد الإسلامي في قطاع غزة، رغم تصريحات لمسؤولين إسرائيليين وفلسطينيين عن جهود تبذلها القاهرة للتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار بين الجانبين.

وأكدت بيانات وزارة الصحة المتلاحقة في قطاع غزة مقتل 22 شخصا في القصف الجوي الإسرائيلي على القطاع بينهم خمسة أطفال إضافة إلى ما لا يقل عن 50 إصابة.

ويعتبر هذا التصعيد بين الجانبين الأخطر منذ آب/أغسطس 2022.

وقالت وزارة الدفاع الإسرائيلية إن 270 صاروخا على الأقل أطلقت من القطاع عبر 205 منها المجال الجوي وتم اعتراض 62 من قبل منظومة القبة الحديدية.

وأكد الجيش أنه "يقصف حاليا البنية التحتية لإطلاق الصواريخ لمنظمة الجهاد الإسلامي الإرهابية في قطاع غزة"، مشيرا إلى أن الضربات تستهدف مواقع في "الأجزاء الشمالية والجنوبية" من القطاع.

وقال في بيان منفصل إنه "استهدف أكثر من 40 قاذفة صواريخ وقذيفة هاون تابعة لحركة الجهاد الإسلامي" مؤكدا مواصلته "العمل للحفاظ على أمن المدنيين الإسرائيليين".

وأعلنت وزارة الصحة في غزة مقتل سبعة أشخاص في الغارات الجوية الأربعاء ليضافوا إلى 15 فلسطينيا قضوا الثلاثاء في قصف إسرائيلي استهدف خصوصا ثلاثة قادة عسكريين في حركة الجهاد الإسلامي.

ورصد مراسلو وكالة فرانس برس غارات جوية على شمال مدينة غزة وسط تصاعد للدخان.

وبحسب الجيش فإن القصف طال أشخاصا "كانوا في طريقهم إلى موقع إطلاق صواريخ في مدينة خان يونس" جنوب قطاع غزة.

وبعد دقائق، شاهد مراسلو فرانس برس عشرات الصواريخ التي أطلقها مسلحون فلسطينيون نحو إسرائيل.

ودوت صفارات الإنذار في البلدات المحاذية لحدود القطاع على ما أكد الجيش الإسرائيلي.

ولم تسجل إصابات في صفوف الإسرائيليين. وأعلنت وزارة الدفاع تمديد "إعلان الطوارئ" الساري في التجمعات السكنية الجنوبية.

عملية "ثأر الأحرار"
وفي بيان، أطلقت الغرفة المشتركة لفصائل "المقاومة" الفلسطينية على العملية اسم "ثأر الأحرار"، مؤكدة أنها جاءت "ردا على جريمة اغتيال قادة سرايا القدس" الثلاثاء.

من جانبه، قال المتحدث باسم حركة حماس التي تسيطر على القطاع عبد اللطيف القانوع في بيان إن الضربات "جزء من عملية الرد على المجزرة التي ارتكبها الاحتلال الصهيوني".

وأشار طاهر النونو المستشار الإعلامي لرئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية إلى وجود اتصالات من أجل التهدئة.

وقال النونو "تلقى رئيس المكتب السياسي لحركة حماس ... اتصالات من الأخوة في مصر وقطر والأمم المتحدة بحث خلالها العدوان على قطاع غزة خلال الساعات الأخيرة وسبل التعامل معه".

من جهته، أكد مصدر مصري لفرانس برس "إجراء عدة اتصالات مع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي".

وقال المصدر الذي فضل عدم الكشف عن هويته "دعت مصر إلى وقف لإطلاق النار بين الجانبين بشكل فوري".

وأكد مصدران متطابقان في الجهاد الإسلامي وحماس لفرانس برس أن مصر أجرت اتصالات "مكثفة ومثمنة" مع الحركتين، "وأبلغتنا أنها أجرت اتصالات مع الجانب الإسرائيلي وطلبت وقفا فوريا لاطلاق النار والعودة للهدوء. وحتى الآن لا يوجد اتفاق للتهدئة".

واشار النونو إلى تحميل هنية "الاحتلال المسؤولية عن التصعيد وتداعيات العدوان".

وبحسب النونو أكد هنية "جهوزية المقاومة للتعامل مع أي تماد من الاحتلال".

من جانبه صرح مسؤول إسرائيلي فضل عدم الكشف عن هويته بأن جهودا مصرية تبذل للتوصل لاتفاق لوقف اطلاق النار بين الجانبين، مضيفا "سنجري تقييما للأوضاع بناء على الأفعال على أرض الواقع وليس على البيانات الصحافية".

كما قال وزير الخارجية الاسرائيلي إيلي كوهين في تصريحات للقناة الحادية عشرة الاسرائيلية "تواصلت معنا مصر بخصوص التهدئة، هذا يأتي من جانب الجهاد الاسلامي، اعتقد أنه من الواضح السبب الذي يدفع الجهاد الى أن تتوسل التهدئة".

تصعيد
في مستشفى الشفاء في قطاع غزة، وصل جثمان الطفلة ليان مدوخ (10 سنوات).

ووضع جثمانها الذي لف بغطاء أبيض تلطخ بالدماء على حمّالة وتجمع حوله مواطنون كان أحدهم يبكي بحرقة.

من جانبها، نعت كتائب "الشهيد أبو علي مصطفى" الجناح العسكري لتنظيم الجبهة الشعبية الفلسطينية أربعة من نشطائها.

وذكرت الكتائب أسماء الأربعة وهم محمد أبو طعيمة وعلاء أبو طعيمة وأيمن صيدم وسمير عبد العزيز.

وفي قطاع غزة، أغلقت المحال التجارية أبوابها وبدت الشوارع شبه خالية.

وقال منذر عبدالله "نحن قلقون ونعيش في توتر"، مضيفا "ما حصل بالأمس مباغت ... مجزرة غير متوقعة".

وأكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بعد اجتماع للحكومة الأمنية المصغرة مساء الثلاثاء "هذا المساء، أقول لأعدائنا: أي تصعيد من جانبكم سيتم الرد عليه بشكل مدمر من جانبنا".

وأضاف أن المسؤولين الأمنيين يستعدون "لأي سيناريو تصعيدي على أكثر من جبهة".

وفي مدينة عسقلان قال الاسرائيلي شاحر بطبل (25 عاما) "لقد مر يومان على نجاحهم (الفصائل الفلسطينية) في تعطيل روتين حياتنا وسلامتنا".

وأضاف "لدي مشاعر مختلطة ... نواجه كثيرا من التصعيد الذي يجعل حياتنا متوترة ويزيد من ذلك عندما تطلق الصواريخ نحونا".

هدأت الجبهة بين إسرائيل وقطاع غزة بعدما شهدت الأسبوع الماضي قصفا متبادلا أوقع قتيلا وخمسة جرحى في الجانب الفلسطيني وثلاثة جرحى في الجانب الإسرائيلي. وجاء بعد وفاة القيادي في حركة الجهاد خضر عدنان (45 عاماً) في سجن إسرائيلي نتيجة إضراب عن الطعام استمر نحو ثلاثة أشهر.

اشتباكات مسلحة
في آب/أغسطس 2022، أدت اشتباكات مسلحة استمرت ثلاثة أيام بين إسرائيل والجهاد الإسلامي إلى مقتل 49 فلسطينياً، بينهم 12 من أعضاء الجهاد، وفقا للحركة، وما لا يقلّ عن 19 طفلا، وفق الأمم المتحدة.

ومنذ مطلع كانون الثاني/يناير، قُتل أكثر من 125 فلسطينيا و19 إسرائيلياً وأوكرانية وإيطالي في مواجهات وعمليات عسكرية وهجمات، حسب حصيلة لوكالة فرانس برس تستند إلى مصادر رسمية إسرائيلية وفلسطينية.

وتشمل هذه الأرقام مقاتلين ومدنيين بينهم قصّر من الجانب الفلسطيني، أما من الجانب الإسرائيلي فغالبية القتلى مدنيون بينهم قصّر وثلاثة أفراد من عرب إسرائيل.

يأتي تجدد القصف بعد ساعات من قتل الجيش الإسرائيلي شابين فلسطينيين اتهمهما بإطلاق النار على جنوده في الضفة الغربية المحتلة، على ما أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية والجيش الإسرائيلي.

وأعلنت وزارة الصحة "استشهاد الشابين أحمد جمال توفيق عساف (19 عاما) وراني وليد أحمد قطنات (24 عاما) برصاص الاحتلال الإسرائيلي في قباطية بمحافظة جنين"، مشيرة إلى إصابة "حرجة جدا" لفتى في السابعة عشرة.

وتحتل إسرائيل الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية منذ العام 1967.