إيلاف من لندن: فيما يزرع الذكاء الاصطناعي الخوف في نفوس الكثيرين، الذين يخشون من أن يحرمهم مصادر قوتهم، تواجه صحيفة "إيلاف" الإلكترونية الخوف بالركض نحوه، لتكون الأولى عربيًا في الاستثمار في الذكاء الاصطناعي. فإن كان الإنسان عدو ما يجهل، نجحت "إيلاف" باستشراف المستقبل، مطلقة الدعوة لقطاع الإعلام لينضم إليها في خوض تجاربهم الخاصة في غمار هذا العالم الجديد. صحيفة "عرب نيوز" السعودية الناطقة بالإنكليزية قابلت عثمان العمير، ناشر إيلاف ورئيس تحريرها، للحديث عن الخطوات التي تتخذها "إيلاف" في مجال تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي.
في مايو الماضي، أعلنت "إيلاف"، وهي أول صحيفة إلكترونية أطلقها عثمان العمير في مايو 2001 ومقرها لندن، عن المبادرة إلى الاستثمار في الذكاء الاصطناعي. وإذ يعترف العمير في حديث مع "عرب نيوز" أن ثمة وسائل إعلامية عالمية، مثل "نيويورك تايمز" و"فايننشال تايمز"، سبقت بالفعل إلى الاستثمار في هذه التقنية الجديدة، فهو يؤكد أن "إيلاف" ستتعلم مما أنجزته المؤسسات الإعلامية الأخرى، ولن تقلدها، ليكون لها تجربتها الفريدة، مضيفًا: "لا أحد يملك الخبرة الكاملة في هذا الإطار، فالجميع بدأوا في الوقت نفسه".
الغد أجمل!
ترى "إيلاف" تقنيات الذكاء الاصطناعي تسير جنباً إلى جنب مع قطاع الإعلام نحو غد أفضل، وخصوصاً أنه يتم تطويرها وتخصيصها على يد إعلاميين يعرفون جيداً كيف يوجهون خطاها لتلبي احتياجاتهم المهنية، ومن شأن ذلك أن يحدث ثورة في كيفية تنفيذ الصحافيين لمهماتهم الإعلامية. ويرى العمير في التقنيات الذكية دوراً مكملاً لدور الصحافي في عملية إنتاج المحتوى، كما في صوغ العلاقة بين الوسيلة الإعلامية والمستخدم لتقديم تجربة إعلامية ثرية.
وتقول المسؤولة عن الشراكات في "إيلاف"، كاليدونيا إدموند: "نريد أن نسبق غيرنا، وأن يكون لنا تجربة فردية مع الذكاء الاصطناعي، أي أكثر ملاءمة لكل فرد يقرأ المحتوى أو يشاهده". وتضيف لـ "عرب نيوز" إن هذا الذكاء يساعد "في صوغ العلاقة الجديدة بين الخبر والجمهور. وأعتقد أنها ستكون علاقة تكافلية بين الطرفين".
لا ينفي العمير الشكوك التي تحوم حول مسألة الذكاء الاصطناعي الذي يغزو وظائف البشر، لكنه يقول: "نعم، ثمة جانب سيء فيه، وهو التقارير والصور المزيفة، لكن سيعتاد الناس هذه التقنية في المستقبل، وسيجدون الطريقة الصحيحة لاستخدامها".
مفهوم صحيح
باعتمادها الذكاء الاصطناعي في استراتيجيتها، تسعى "إيلاف" إلى تثبيت خطاها في تنفيذ رؤيتها، ألا وهي إثراء تجربة القارئ الإخبارية من خلال تقديم محتوى مخصص وجذاب ومتعمق، يراعي الدقة والصدقية والموضوعية.
ويكشف العمير أن تقنية الذكاء الاصطناعي التي تنتجها "إيلاف" قيد التطوير منذ فترة طويلة، وهذا هو الوقت الملائم لإطلاقها، وعلى عكس ما هو شائع، ستقدم هذه التقنيات مجموعة متنوعة من الوظائف داخل "إيلاف" نفسها، وستوظف التقنيات الحديثة في صناعة الخبر، بما يقدم للجمهور تجربة غامرة من ألفها إلى يائها.
من الميزات التقنية الذكية التي تعمل إيلاف على إضافتها على خدماتها الإخبارية تمكين المستخدم من تحديد خصائص الأخبار التي يرغب بالحصول عليها، بالإضافة الى توظيف مذيعين ومذيعات رقميين يقودهم الذكاء الاصطناعي، بالإضافة الى خاصية تمكن المستخدم كما الإعلامي من التأكد من دقة الخبر وصدقيته، وبذلك يكون دور هذه التقنيات تمكين المؤسسات الإخبارية من توفير محتوى شخصي موثوق وسهل المنال، يمكنها بكل ثقة أن تقدمه لقرائها.
تعمل إيلاف إيضاً على اطلاق روبوت محادثة يقوم على برمجة شبيهة بـ"ChatGPT"، ومصمم لتزويد المستخدم ببيانات استشرافية، وبآخر التحديثات الخبرية، وبشرح أعمق وأشمل لأحداث محددة. فعلى سبيل المثال، سيسمح روبوت المحادثة هذا للمستخدم بطرح أسئلته ليعرف المزيد عن أحداث معقدة في العالم، مثل الصراع في أوكرانيا أو الأزمة في سوريا.
إلى ذلك، سيتمكن هذا الروبوت أيضًا من ترجمة الصوت في الوقت الفعلي من الإنكليزية إلى العربية وبالعكس، وهي مهمة كانت تستغرق وقتًا طويلًا وتتطلب قدرًا كبيرًا من البحث. ولا شك أن الترجمة من الانكليزية الى العربية لا تزال تشكل تحدياً لبرامج الذكاء الاصطناعي، لكن إيلاف تعمل على تطوير برمجيتها في هذا الإطار، لتحقيق الدقة في الترجمة، مع توظيف أصوات أكثر قربًا من طبيعة البشر، أثمرت اختبارات إيجابية، ما يشير إلى أن التقنية تصل فعليًا إلى مبتغاها.
استراتيجية أوسع نطاقًا
يمثل تبني "إيلاف" تقنيات الذكاء الاصطناعي جزءًا من استراتيجية أوسع نطاقًا، تشمل جذب القراء الأصغر سنًا. وتتوقع إيلاف جذب هذه الفئة من القراء البارعين في التقانة، مع تبني باقي القراء لها خلال فترة زمنية أطول.
الجديد في استراتيجية "إيلاف" هذه أنها لا تهدف إلى توسيع نطاق وصولها إلى جمهور أصغر سنًا فحسب، بل إلى توسيع نطاق الاستهداف الجغرافي. ويقول العمير إن "إيلاف" تخطط للنشر بلغات أخرى، "كالعبرية والكردية، وتلبية احتياجات الأقليات، كالأمازيغ في المغرب، فهذا مجال إخباري أهملته وسائل الإعلام".
في الختام، تتوقع "إيلاف" أن يكون الذكاء الاصطناعي حليفًا قويًا للصحفي، وسيمكنه من تحليل دفق البيانات الضخم بسرعة مذهلة، والتحقق من الأخبار، وهذه هي الطريق المثلى لمعلومات أدق، ولنزاهة صحفية لا تشوبها شائبة.
أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن صحيفة "عرب نيوز"
التعليقات