إيلاف من بيروت: يحمل عدد أكتوبر من مجلة الرفاهية العربية How To Spend It Arabic، التي تصدرها "إيلاف" بالتعاون مع صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، عنواناً عريضاً: التجدُّد. فلا حياة من دون تجدد، ولا تجدد من دون تحولات تحكم التكيّف مع واقعٍ لا يتطور فحسب، إنما يتطور بسرعة أيضاً، كما تؤكد سمر عبد الملك، رئيسة تحرير المجلة، في تقديمها للموضوعات المنشورة في هذا العدد.

غلاف عدد أكتوبر

ربما هذه هي خلاصة القول في حكاية بييتر موليير ودار Alaïa المرموقة في عالم الأزياء، وهي حكاية غلاف هذا العدد. فمنذ عُيّن هذا المصمم مديرًا إبداعيًا في Alaïa في عام 2021، كان عليه أن يخطو خطوات تلائم الصيت الأسطوري الذي لازم هذه الدار؛ إذ كان عزّ الدين عليّة المولود في تونس "مصمّماً مهماً جداً"، كما تقول جو إليسون، رئسة تحرير مجلة How To Spend It بالنسخة الإنكليزية الأصلية التي تصدرها صحيفة "فايننشال تايمز"، كما كان عليه أن يسير متوازناً على حبل مشدود بين ضفتين متباعدتين: احترام إرث عليّة وإحياء الدار بأفكار مبتكرة.

تضيف إليسون: "موهبة موليير في التواصل هي قوّته العظمى. في Alaïa، وجد فرصة سانحة ليوقد شمعة شغفه من جديد". وهو يخبرها: "ما رأيت فيها شركةً للأزياء، بل داراً للموضة". ضمّت مجموعاته الجينز، ومعطفاً بصفين من الأزرار. جدّد، وأعاد تأسيس الجسم بوصفه منتجاً أساسياً، وأطلق مجموعة ملابس للسباحة، لكنه ما تخلّى عن الأساسيات. وفي النهاية، يحبّ موليير أن يصنع ملابس داخلية، ويحلم بصنع ملابس رجالية، وبذلك تكتمل التحولات.

أزياء من مجموعة Black Silhouette، من تصميم دار Alaïa

ذواقة هذا الشهر هو المصمّم والمعماري الإيطالي غايتانو بيشي، الذي يخبر كين وو أن العلامة الفارقة في أسلوبه الشخصي هي Issey Miyake. يقول: "لا أعتقد أن لي أسلوباً شخصياً، فالتكرار يزعجني"، مضيفاً أن عمل مياكي نفسه أنيق جداً، إذ هو في مرحلة تجريبية لا تنتهي، وقد استطاع ترجمة الأسلوب الياباني لمن يحبّون الابتكار. هونغ كونغ مكان يعني له كثيراً. يقول: "قصدتها أول مرةٍ في التسعينيات عندما كانت أعمالي تقودني إلى اليابان، فكنت أتوقّف فيها لرؤية صديق. يخيّم عليها جوّ من اختلال التوازن المستمرّ. فهي مكان ليس مستقراً أو ثابتاً، بل هي مكان ينعدم فيه الأمان إلى حدّ كبير، وأنا أستمتع بذلك كثيراً. إنها مدينة رائعة وناسها مميزون جداً". وأجمل تذكار حصل عليه كانت لعبة دبّ أبيض ضخم. يروي: "كنت ماراً بأحد شوارع لندن قبل ست سنوات، ورأيته في واجهة زجاجية، فاشتريته لابنتي فونتيسا". يضيف: "عموماً، لا أشتري التذكارات في الوقت الحاضر، وبرأيي إن أفضل ما في السفر هو فكرة السفر نفسها. مهمٌ أن يضع المرء نفسه أمام التنوع والثقافات المختلفة حتى يعود بمفهوم آخر للقيمة".

في عالم المطاعم، تتحدث غرايس كوك عن جلبة كبيرة تحدثها المطاعم الصغيرة. بحسبها، يُعَدّ The Small Canteen واحداً من عدد متزايد من المطاعم الصغيرة التي تضم 20 مقعداً أو أقلّ. وOtto في برلين مطعم فيه 16 مقعداً، يركّز على مشاركة الأطباق. وفي مانهاتن، Mimi حانة صغيرة لها جوّ خاص، فيها 18 كرسياً وقائمة طعام فرنسية خفيفة تتألف من 10 أصناف إلى 12 صنفاً. أما مطعم The Barbary Next Door بلندن فصغير جداً، فعليه استعارة مطبخ مطعم مجاور.

أما دار Chaumet للمجوهرات فاستحوذت على عالم الزهور. في لغة هذا العالم، ترمز زهرة الثالوث إلى الحبّ، وتبدو هشّة جداً، لكنها تصمد في وجه الثلج والشمس، وما هذه الهشاشة إلا مرسال قوي. "إنها عاطفية جداً"، كما يقول جان - مارك مانسفيلت، الرئيس التنفيذي في Chaumet، متحدثاً إلى كلير كولسون، خصوصاً أن هذه الزهرة عنصر أساسيا في مجموعةLe Jardin للمجوهرات الراقية من Chaumet، والتي تقطف أزهاراً وتحوّلها إلى 68 جوهرة جريئة، بينها 12 حلية فريدة مخصّصة لزهرة الثالوث وحدها.

في دبي، يرى المشاركون في سباق القفال أن هذه هي طريقتهم في إحياء تراثهم

يبدأ موسم السباقات البحرية في دبي، بموجة عارمة من الفاعليات التي يراد منها إحياء إبحار مارسه الأجداد. بالمقابل، في الخط البحري الممتد 245 ميلاً بحرياً، على طول الساحلين الفرنسي والإنكليزي، ابتداءً من شاطئ الكورنيش في فالماوث وانتهاءً بميناء Société des Régates du Havre، كان الموج يحكم المشاركين في سباق Richard Mille Cup المحصور بمراكب شراعية مصنوعة قبل عام 1939، وبمراكب أخرى هي نسخ طبق الأصل عن مراكب صنعت قبل ذلك العام. التحولات هنا دقيقة، مرهونة بكل دقيقة، وبخبرة ربان كل مركب وبحارته. يصف ريتشارد ميل، صانع الساعات السويسري الشهير، هذا السباق بأنه "مغامرة إنسانية تتميز بأنها رحلة جمالية وعاطفية في الوقت نفسه"، فيما يؤكد وليم كولييه، منظم سباقات اليخوت العالمية أن البحر يفرض قواعده، "وخائب من لا يُطيع"، أي من لا يتكيّف مع التحولات التي يعايشها، لحظة بلحظة.

في ورشة ماكس هازان، حيث يبتكر دراجات نارية مختلفة، يرى حين تشارلي توماس تطوراً تقنياً "يدوياً" ما توقعه أبداً. صار معظم دراجات هازان قطعاً فنية تعرض في المتاحف. في عمله، يبدأ هازان بالمحرّك، الجزء الوحيد الذي لا يصنعه من الصفر، مفضّلاً قطعة كلاسيكية، لذا ربما يعتمد محرّك دراجة Royal Enfield القديم بأسطوانة واحدة، أو محرّك دراجة Vincent المزدوج الذي يعود إلى منتصف القرن الماضي. أحدث ابتكاراته يأتي تلبية لطلب الممثل جيسون موموا، الذي أراد دراجةً كبيرة، فزودها هازان بمحرّك استخرجه من درّاجة Brough Superior، صُنعت في عام 1938.

تتحدث ميشلين مراد عن تحول مشهود في عالم الضيافة في إيبيزا، بوتيرة متسارعة فرضها الأخوان كريستيان وألان أنادون، أو الأخوان مامبو ، اللذان يؤكدان أن الموسيقى ضيافة، والضيافة موسيقى، ومحور الاثنين واحد: "تجربة رائعة طرباً ومذاقاً وإقامة"، بحسب كريتسيان. لا يقصران هذه التجربة على إيبيزا، "إنما نأتي بتفاصيلها من كل مكان، من أي مكان نزوره". وبحكم عملهما في تنسيق الأغنيات والموسيقى، يجوبان بلدان العالم، وما يروق لهما ينقلانه ليضيفاه إلى مزايا الضيافة في مطاعمهما ومقاهيهما. يقول ألان: "ندس ذكريات نحملها من أسفارنا في نهجنا بالضيافة، ونراعي في ذلك جانباً روحياً لا نتخلى عنه".

فنانة البوب ليلي الِن

في حوار مع أليكس بيلمز، تتحدّث فنانة البوب ليلي الِن عن الرصانة والعائلة وعن سبب "تذمّرها القليل". إنها تسكن اليوم مبنى حجرياً بُنّياً أنيقاً في كارول غاردنز في بروكلين بنيويورك، مع زوجها الممثل دايفيد هاربور الذي تزوجته في عام 2020، ومع ابنتيها من زواجها الأول، إثِل، 11 عاماً، ومارني، 10 أعوام. وإذ تبلغ آلِن 38 عاماً، تحولت مغنية البوب الشهيرة المنتمية لجيل الألفية، والتي اعتادت جذب اهتمام الإعلام، إلى نجمة رشيقة ورصينة من نجوم المسرح والسينما، مستريحة في إقامتها بين شاربي الشوفان والماتشا واللاتيه، في مكان لا يتبعها فيه صيت هستيري التصق بها منذ كانت في عشرينياتها. عن حياتها في بروكلين، تقول: "إنها جيدة جداً. أعتقد أن التخلّص من الكحول والمخدّرات كان مفيداً. أتردّد في قول شيء مثل: 'ذلك كلّه بفضل دايفيد'. لكنه فضله كبير في هذا الأمر. العيش في أميركا أمر رائع، لأنني غير معروفة هناك".

كان منزل كارين هيبرت وعائلتها الريفي Southrop Manor في كوتسوولدز قصراً فيه ثماني غرف نوم، عُرف سابقاً باسم Philibert's Court، وشُيِّدَ الجزء الأكبر منه في القرن السادس عشر، ثم أضيفت إليه أقسام أخرى في عام 1800، وقد حولته هيبرت إلى فندق Thyme النموذجي. تقول لأيمي فاريل إن هذا المنزل يروي حكاية ممتدّة ألف عام، وقد تطوّر تدريجياً بمرور الوقت. ينطبق هذا التدرّج البطيء على كل جانب في Thyme الذي نما منذ عام 2008، فتحوّل من مدرسة للطهو إلى فندق مزدهر فيه منتجع صحي.

ورقة 100 ليرة لبنانية صادرة في عام 1945، معروفة باسم "السجادة" لجمال تصميمها

بين عام 1920، عام إعلان دولة لبنان الكبير في ظل الانتداب الفرنسي، ومنتصف ستينيات القرن الماضي، حين أنشئ مصرف لبنان، طغت سمة الجمال على العملات الورقية اللبنانية. فورقة 100 ليرة الصادرة في عام 1945 - يطلق عليها هواة الجمع اسم "السجادة" - من الأوراق المميزة جداً. ينقل غاندي المهتار عن المهندس وهاوي جمع العملات اللبنانية علي شور قوله: ثمة أوراق نقدية لبنانية تفوقها جمالها، مثل ورقة ليرة واحدة الصادرة في عام 1939 وتعرف باسم ’ليرة الغزال‘، وورقة 25 ليرة الصادرة في عام 1925، وورقة 50 ليرة الصادرة في عام 1939". ويقول وسام اللحام، وهو مؤلف مشارك لكتاب "تاريخ النقد الورقي اللبناني 1919-1964" مع طوني عنقة: "قد يصل ثمن ’ليرة الغزال‘ إلى 500$ إن كانت بحالة ممتازة". يضيف أن ’ليرة السجادة‘ غير نادرة لكن الطلب عليها كبير لجمالها، ويتراوح سعرها بين 5,000$ و10,000$. العملة الورقية اللبنانية حاضرة دائماً في المزادات العالمية مثل مزادات Spink & Son و Heritageو Stack's Bowers وغيرها. يقول شور: "في عام 2020، بيعت ورقة 250 ليرة الصادرة في عام 1939 في مزاد Heritage بمبلغ 57,600$، وبيعت في عام 2018 ورقة 25 ليرة الصادرة في عام 1935 في مزاد لمصرف لبنان بمبلغ 52,000$".

في صفحة الضيافة والسفر، تتحدث ماريا شولنبارغر عن افتتاح فنادق وملاذات جديدة في إيطاليا، مثل Casino Doxi Stracca، وهذا مجمّع يستقبل 12 شخصاً على بعد كيلومترات قليلة من مدينة غاليبولي الأيونية الجميلة، مساحة أراضيه 20,235 متراً مربعاً مزروعة ببساتين الزيتون وكروم العنب؛ وفندق La Torricella، وهو جوهرة مدمجة خارج مارينا بيكولا مباشرة؛ وفندق Anantara Convento di Amalfi Grand Hotel على ساحل أمالفي الشهير. أما في باب "واحة التكنولوجيا"، فيتحدث روري مارسدن عن خمس أدوات تحقّق أقصى الاستفادة من الذكاء الاصطناعي. ويدلنا أجيش باتالاي إلى أفضل من يصنع الزبدة في العالم. يقول: " أنا متقلّب في شأن الزبدة. أضمّخ بها الخبز المحمّص، وأذوّبها فأحوّلها إلى هريس، وأصفّيها فتصير سمناً، لكنني لم أستقرّ أبداً على علامة تجارية واحدة أفضّلها على نظيراتها. في الآونة الأخيرة، بالرغم من ذلك، كان صعباً أن أقاوم صناع الاتجاهات من ذوي الرتب العليا الذين يدفعونني إلى تسمية علامة تجارية على وجه الخصوص: Kerrygold". إلى جانب هذه الزبدة، يتحدث باتالاي زبدة Lurpak، وزبدة Isigny Ste-Mère، وغيرهما أيضاً.

سباحة وتجذيف في يوم مشمس قبالة ساحل البترون، شمال لبنان

في حديث حميم عن سلام وجدته في زوايا بلدة البترون الصاخبة في شمال لبنان، تتحدّث رشا كحيل، المديرة الإبداعية في HTSI، عن تحوّل في الضيافة اللبنانية بدأته والدتها (صفحة 62). فكحيل، المتحدرة من عائلة لبنانية عاشت خارج البلاد بسبب الحرب الأهلية وعادت إلى الوطن في عام 1992، تزور في كل صيف Beit al Batroun (بيت البترون)، الذي أقامته أمها في عام 2013. تقول: "منذ جرّبت أمي الإقامة في بيوت الضيافة في المملكة المتحدة وتناول الفطور فيها، تتمسّك بحلم إقامة استراحة خاصة بها". حين افتتاحه، كان هذا البيت يضمّ ثلاث غرف فقط، أما اليوم فيتألّف من خمس غرف. تضيف كحيل: "منذ ذلك الحين، تضاعف عدد الاستراحات في لبنان، وسمّى عدد كبير منها نفسه بيتاً، إلا أن أمي هي من بدأت هذه الموجة فعلياً".، لتسبح بعدها في مياه شاطئ White Beach المجاور. تأكل سمكاً شهياً في مطعم Jammal فيما يغمرها زبد البحر حتى ركبتيها، وتتناول الغداء في La Table de Sept الذي يعلو 950 متراً عن سطح البحر. تنهي روتينها اليومي الصيفي بجلسة عند المغيب في Bolero، وتبدو منه البترون القديمة ممتدة أمامها. تحصل كحيل على توابلها المفضلة من Batrounyat، أو من أحد الخبازين والبقالين المنتشرين في الطرق المتعرّجة هناك.

في هذا العدد أيضاً، موضوع عن ملح الأزرق الواسع الذي يتحول مجوهرات في مجموعة Out of the Blue التي أطلقتها Tiffany & Co أخيراً. تقول ناتالي فيرديل، المديرة الفنية لقسم الحلي والمجوهرات الراقية في Tiffany & Co: "إنها تحية تقدير لإبداعات المصمّم الفرنسي الراحل جان شلمبرغر"، وهو من استوحى دائماً الحياة البحرية، وغاص عميقاً في استكشافه نفسه والحياة من منظور متخيّل للبحر. تضيف: "ابتكرنا لغة جديدة، تروي حلماً يحاكي ما برع شلمبرغر في إنتاجه قبل نصف قرن".