إيلاف من بيروت: ظلت الطائرة بدون طيار الصغيرة التابعة للجيش الإسرائيلي، التي أُطلقت داخل ممر خرساني مقوس، تحلق لعدة دقائق، على طول نفق يبلغ طوله 300 متر، وهو كبير بما يكفي لمرور رجل طويل القامة من خلاله دون أن ينحنى. إلى اليسار واليمين كانت هناك غرف بها وحدات تكييف هواء، ومراحيض ومطابخ صالحة للاستخدام، مزودة بمياه جارية، فضلاً عن كابلات كهربائية واتصالات، وباب مقاوم للانفجار، أصبح الآن مدمراً، ويمكن لمقاتلي حماس إطلاق النار من خلاله.
قدرات عسكرية كبيرة
بحسب تقرير مسهب نشرته صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، كان النفق الذي قال الجيش الإسرائيلي إنه صوره في الشهر الماضي أسفل مستشفى الشفاء في غزة، يظهر "قدرات عسكرية كبيرة بكل المقاييس. لكنها أيضًا ليست سوى جزء صغير من المجال الجوفي الشاسع لحماس الذي قال المسؤولون والمحللون إنه سيحدد النتيجة الاستراتيجية للحملة الإسرائيلية ضد الجماعة المسلحة".
بحسب التقرير، تدمير أنفاق حماس هو الجانب الأصعب في مهمة الجيش الإسرائيلي في غزة. فشبكة الأنفاق، "التي تشير التقديرات إلى أنها أكبر من شبكة قطارات أنفاق لندن"، تمكن كبار قادة حماس ومقاتليها من الاحتماء. ويُعتقد أن معظمهم نجوا من الهجوم الإسرائيلي المستمر تحت الأرض مدة ثمانية أسابيع تقريبًا.
هذه الأنفاق المحصنة ضد طائرات الاستطلاع من دون طيار والعديد من الأسلحة الإسرائيلية الأخرى "هي أيضًا المكان الذي يُعتقد أن حماس تحتفظ فيه بترسانتها من الصواريخ، إضافة إلى أكثر من 130 رهينة لا تزال تحتجزهم"، كما تقول الصحيفة، ناسبة إلى مسؤول أمني إسرائيلي كبير سابق قوله إن كلمة أنفاق لا تنصف ما أنشأته حماس تحت قطاع غزة، واصفا إياها بأنها "مدن تحت الأرض".
عنكبوتية متقنة
ووصف يوتشيفيد ليفشيتز، وهو رهينة ثمانيني أفرجت عنه حماس في أكتوبر الماضي، شبكة الأنفاق بأنها "عنكبوتية متقنة طولها كيلومترات طويلة فيها قاعة كبيرة تكفي لاستيعاب 25 شخصاً".
تقول الصحيفة البريطانية إن الجيش الإسرائيلي جعل تدمير الأنفاق أولوية، لكنه لم يوضح كيف يخطط لتحقيق ذلك. وقد عثر حتى الآن على أكثر من 800 مدخل، ودمر 500 منها. قال أحد المطلعين على التخطيط العسكري الإسرائيلي: "تكتيكيًا، أينما يناور جنودنا نحقق معدل نجاح مرتفع في تدمير الأنفاق"، لكنه يقدر طول شبكة الأنفاق بأكثر من 500 كيلومتر، ويظهر العديد من أعمدتها في المباني المدنية مثل المستشفيات والمساجد والمدارس، وفقًا للجيش الإسرائيلي.
وقال أحد المسؤولين الإسرائيليين: "تشكل الأنفاق تحدياً هائلاً. لقد فخخوها، ووضعوا فيها عوائق تعيق حركتنا داخل الأنفاق، ما يزيد من المخاطر على القوات الإسرائيلية".
خطوتان
الخطوة الأولى، بحسب الصحيفة، هي تحديد موقع الأنفاق. "ممكن أن تعمل أجهزة الرادار وأجهزة الاستشعار الصوتية التي تخترق الأرض، على الرغم من أن البيئة الحضرية الكثيفة في غزة والركام الذي خلفه القصف الجوي الإسرائيلي يحدان من فائدتها. وهناك تكتيك أبسط، يُعرف باسم الشعرة الأرجوانية، يتضمن إلقاء قنبلة دخان في مدخل النفق، ثم يتم إغلاقه بعد ذلك برغوة متوسعة لمعرفة ما إذا كان الدخان سيظهر في مكان آخر".
الخطوة التالية هي تدمير النفق. لا تتسبب الانفجارات الموضعية إلا في سقوط محدود، والذي يمكن إزالته أو تجاوزه من قبل المقاتلين الناجين. وقال مهندسون وخبراء عسكريون إن هدم النفق بشكل كامل يتطلب وضع متفجرات على طول أجزاء طويلة من الممرات تحت الأرض.
أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية
التعليقات