إيلاف من لندن: على الرغم من التفوق العسكري الميداني الساحق، فإن إسرائيل تكافح من أجل تطوير استراتيجية فعالة للتعامل مع شبكة الأنفاق تحت غزة.

وهذا "العالم السفلي" وفر لحركة (حماس) درجة من الملاذ الآمن بعيدا عن أنظار الأقمار الاصطناعية والطائرات بدون طيار والقوات العسكرية.

وحسب تقرير لقناة (سكاي نيوز) البريطانية، فإن هذه الانفاق التي أسمها بـ"مترو غزة" أكبر حجما من شبكة مترو أنفاق لندن. وتم حفر العديد من الأنفاق في أوائل الثمانينيات لتجاوز الحدود بين مصر ورفح، مما أتاح التهريب غير القانوني للتجارة والأسلحة.
فئتان

ومع ذلك، فقد تم توسيعها منذ ذلك الحين إلى فئتين أخريين: دفاعية وهجومية.

يركز الأول في المقام الأول على تخزين الأسلحة والإمدادات اللوجستية (الوقود والمياه والغذاء) ومقرات القيادة والسيطرة، في حين أن الأخير عبارة عن شبكة معقدة من الأنفاق عبر الحدود إلى إسرائيل لتمكين حماس من القيام بأعمال هجومية صغيرة النطاق. ، والأهم من ذلك، احتجاز الرهائن.

من 2006
ومنذ سيطرتها على غزة في عام 2006، نقلت حماس تطوير شبكة الأنفاق إلى مستوى جديد. فالحجر الرملي الناعم الموجود تحت غزة يفضي إلى حفر الأنفاق، لكن حماس قامت أيضاً بتكييف الشبكة رداً على محاولات إسرائيل المختلفة لتدميرها.

ويمكن للقنابل الخارقة للتحصينات أن تخترق أعماق الأرض، وإذا لم تدمر النفق بشكل مباشر، فإن الرمال المتحركة قد تتسبب في انهيار الأنفاق القريبة.

ومن خلال حفر الأنفاق بشكل أعمق - أصبحت الشبكة الرئيسية الآن على عمق أكثر من 20 متراً (65 قدماً) بدلاً من حوالي 10 أمتار (32 قدماً) للأنفاق الأصلية - جعلت حماس من الصعب استهدافها وتدميرها. كما تم تبطينها بالخرسانة المسلحة.

تاريخ الأنفاق
ويقول التقرير إن حفر الأنفاق ليس مفهوما جديدا. فمنذ أكثر من 2000 عام، استخدم المتمردون اليهود الأنفاق للثورة ضد الحكم الروماني، واستغل مقاتلو الفيتكونغ شبكة واسعة تحت الأرض في حربهم (الناجحة في نهاية المطاف) ضد القوات الأميركية في فيتنام.

والأكثر ديناميكية هو أنه في الحرب العالمية الأولى تم استخدام الأنفاق لمحاولة كسر الجمود، حيث قام مهندسو الأنفاق المحترفون بالحفر تحت مواقع العدو واستخدموا كميات هائلة من المتفجرات لإحداث تأثير مدمر.

لقد أدركت حماس منذ فترة طويلة أن شبكة الأنفاق يمكن أن توفر ميزة غير متكافئة على عدوها الإسرائيلي، وبحلول عام 2021 ادعت أنها أنشأت شبكة يزيد طولها عن 500 كيلومتر (310 ميلاً)، والتي وفرت ملاذًا بعيدًا عن القوة العسكرية الإسرائيلية.

تحديات التدمير
وإذ ذاك، يزعم جيش الدفاع الإسرائيلي أنه اكتشف أكثر من 800 فتحة وصول إلى شبكة الأنفاق، وقام بتدمير أو إغلاق أكثر من 500 منها.
ومع ذلك، فإن شبكة الأنفاق نفسها تشكل خطورة كبيرة بحيث لا يستطيع الجيش الإسرائيلي تطهيرها، لذا فهي تظل في الوقت الحالي عالمًا سفليًا تهيمن عليه حماس.

فكيف يمكن لإسرائيل أن تدمر الشبكة؟
التحدي الأول هو تحديد مكان الأنفاق. وتجعل التضاريس الحضرية من الصعب للغاية تحديد موقعها عبر أجهزة الاستشعار، ولكن استخدام الدخان الملون وإغلاق نقطة الوصول يمكن أن يتتبع مكان ظهور الدخان - المعروف باسم تقنية "الشعر الأرجواني".

ومع ذلك، في النهاية يتعلق الأمر بالدخول إلى المتاهة والتخطيط للشبكة. ويمكن للمتفجرات أن تدمر أجزاء من الشبكة، ولكن يمكن إزالتها بسهولة نسبية وإعادة بناء الأجزاء المتضررة.

إن إغلاق جميع ممرات الوصول يجعل الشبكة غير قابلة للاستخدام لفترة قصيرة - ولكنه يوفر أيضًا بطريقة ما ملاذًا أكبر لأولئك الموجودين تحت الأرض حيث أن لديهم مداخل أقل للحماية.

الاغراق
والأسبوع الماضي، أشار الإسرائيليون إلى أنهم يخططون لإغراق الأنفاق بمياه البحر. ومع ذلك، فإن الأنفاق ليست كلها على نفس المستوى، لذلك قد تغمر مياه البحر أجزاء منها، ولكن ربما ليس الشبكة بأكملها.

وتتميز أرضيات الحجر الرملي بأنها مسامية، لذا يجب حقن كميات كبيرة من الماء وبسرعة لتجنب استنزاف المياه.

كما أن بعض المياه العذبة في غزة تأتي من طبقات المياه الجوفية، والتي قد تكون ملوثة - ربما لبعض الوقت - إذا تم إدخال المياه المالحة.
وأخيرا، ستكون الفيضانات عشوائية، وأي رهائن محتجزين في الأنفاق (ربما معظمهم) سيكونون عرضة للخطر للغاية.

لقد أدركت حماس بنجاح أنها لا تضاهي إسرائيل عسكرياً، لكن شبكة الأنفاق الواسعة توفر لها ميزة غير متماثلة وملموسة للغاية.

ومن غير المرجح أن يكون لدى إسرائيل الوقت ـ أو الرغبة ـ للتغلب على هذا العالم السفلي الغريب. وبدلا من ذلك، من المرجح أن يظل بمثابة تذكير صارخ بأنه لا يوجد حل عسكري للصراع، وأن التفوق العسكري لا يضمن دائما النجاح في ساحة المعركة.