إيلاف من بيروت: يعتزم وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن السفر إلى الشرق الأوسط قريبًا، ومحتمل أن يتوقف أولاً في المملكة العربية السعودية، حيث يأمل في تجديد تعهد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان تطبيع العلاقات مع إسرائيل "إذا أوقفت الحرب في غزة والتزمت إنشاء دولة فلسطينية تشمل غزة والضفة الغربية"، كما يقول ديفيد أغناتيوس في "واشنطن بوست" الأميركية.

يرجح أغناتيوس أيضًا أن يسافر بلينكن إلى إسرائيل، حيث يلتقي رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو الغارق في الحرب، والذي يريد التوصل إلى اتفاق سلام مع الأمير محمد بن سلمان، "لكنه يرفض مع ائتلافه المتشدد الشروط السعودية المتمثلة في إنهاء القتال في غزة وخارطة طريق إلى الدولة الفلسطينية".

لعبة بايدن
يقول أغناتيوس: "هذه هي لعبة بايدن: يريد أن يقدم لنتانياهو عرضًا لا يمكن ائتلافه قبوله سياسيًا، لكن رئيس الوزراء الذي تحطم إرثه كزعيم إسرائيلي تاريخي، قد لا يتمكن من مقاومته".

يضيف: "إن تبنى نتانياهو الاقتراح السعودي، يتفكك ائتلافه ويحتاج إلى العثور على شركاء جدد. وإن رفض، تسقط حكومته تحت ضربات منافسيه الذين يتبنون الصيغة الأميركية لإنهاء الحرب".

عمل مارتن إنديك سفيراً للولايات المتحدة لدى إسرائيل مرتين، وربما يكون المراقب الأميركي الأكثر حكمة للصراع الإسرائيلي العربي. يستخدم إنديك استعارة خاصة به لوصف المناورة الدبلوماسية الأميركية: "يريد بايدن أن يجعل بيبي يبتلع الضفدع (يبرم الصفقة) أو يكمم الضفدع (يفسح المجال أمام حكومة أخرى)".

في الحالتين، تأمل الولايات المتحدة في الخروج من عنق الزجاجة.

صفر؟
يسأل أغناتيوس: "ما هي فرصة أن يصافح نتانياهو بن سلمان؟" بحسبه، قد نظن أن الجواب صفر، نظراً إلى رفض نتانياهو العلني المتكرر قيام دولة فلسطينية. لكن الإسرائيلي الذي يعرفه جيداً يقول إن نتانياهو يدرك أنه يواجه خياراً جدياً، وسوف يزن العوامل السياسية بعناية. يقول أغناتيوس: "كي أكون صريحًا، قد يكون التحول إلى صانع سلام مع السعودية السبيل الوحيد أمام نتانياهو لتجنب وصمة عار 7 أكتوبر".

أبلغت الولايات المتحدة إسرائيل أن التطبيع السعودي يجب أن يبدأ خلال الشهرين المقبلين. يرد أغناتيوس ذلك إلى أن الأمير محمد بن سلمان يضيف إلى حزمة التطبيع مع إسرائيل معاهدة توفر للمملكة العربية السعودية ضمانات شبيهة بضمانات الناتو. ونظرًا إلى أننا في عام انتخابي في الولايات المتحدة، مرجح أن يصادق مجلس الشيوخ الأميركي على هذه الصفقة بحلول يونيو المقبل، قبل أن تدفن تحت أنقاض الحملات الانتخابية".

لكننا لم نصل إلى الجزء الأصعب بعد. يقول أغناتيوس: "لا يمكن هذه الدبلوماسية المعقدة أن تبدأ إلا بعد انتهاء القتال في غزة"، علمًا أن مدير وكالة المخابرات المركزية ويليام بيرنز ومساعد البيت الأبيض بريت ماكجورك يعملان مع مسؤولين إسرائيليين ووسطاء قطريين ومصريين لصوغ صفقة لإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين في عملية تبادل مرحلية: "على مدى عدة أسابيع، تقوم حماس بتبادل 136 رهينة إسرائيلية وجثث قتلى تحتجزها مقابل ما تسميه وقف إطلاق النار".

لا خطة متماسكة
صفقة تبادل الرهائن قريبة وفقاً لمصادر أميركية وإسرائيلية وعربية، وما إن تصمت المدافع، قد يتحرك السعوديون نحو التطبيع، وقد يكون ممكنًا التوصل إلى اتفاق لترسيم الحدود البرية بين إسرائيل ولبنان، ويمكن حينها أن يبدأ التقدم نحو إقامة دولة فلسطينية. ويقول أحد المشاركين في المفاوضات الجارية اليوم: "الطريقة الوحيدة للتهدئة في غزة هي صفقة الرهائن، في مفتاح عكس دائرة العنف التي دفعت الشرق الأوسط إلى حافة حرب شاملة".

يقول أغناتيوس إن إسرائيل لا تملك خططاً متماسكة "لليوم التالي"، ويأمل الأميركيون أن تعترف إسرائيل في نهاية المطاف بأن الخطة السليمة هي تدريب الأمن التابع للسلطة الفلسطينية، وممكن أن تكون تلك القوة الأمنية جاهزة خلال ثمانية أشهر إلى سنة. ثم هناك مشكلة وقف عنف المستوطنين ونقل ما يصل إلى 200 ألف إسرائيلي من الدولة الفلسطينية المستقبلية. اتخذ بايدن خطوة قوية الخميس بفرض عقوبات على أربعة مستوطنين إسرائيليين في الضفة الغربية ارتكبوا أعمال عنف ضد الفلسطينيين. إنها البداية التي تعزز صدقية الولايات المتحدة لدى الفلسطينيين بوصفها وسيطًا للسلام.

بحسب أغناتيوس، يقول أحد المسؤولين الذين شاركوا في هذه المفاوضات المعقدة: "لحظة الحقيقة لم تأت بعد، لكنها آتية". هناك الكثير من الأخطاء التي يمكن أن تسوء، لكن بالنظر إلى البدائل القاتمة، الأمر يستحق المحاولة.

المصدر: واشنطن بوست"