صنعاء: استهدف الحوثيون الخميس في ثلاث عمليات منفصلة، سفينة تجارية بريطانية وبوارج تابعة لقوى غربية قبالة سواحل اليمن، إضافة إلى مدينة إيلات في جنوب إسرائيل، في تكثيف واضح لهجماتهم التي يقولون إنها تأتي تضامنًا مع قطاع غزة، متوعّدين بمواصلة التصعيد.
وجاء في بيان تلاه المتحدث العسكري باسم الحوثيين العميد يحيى سريع: "نفذت القوات البحرية في القواتِ المسلحةِ اليمنيةِ عمليةَ استهدافٍ لسفينةٍ بريطانيةٍ آيلاندر ISLANDER في خليجِ عدن، وذلك بعددٍ من الصواريخِ البحريةِ المناسبة، أصابتْها بشكلٍ مباشرٍ ما أدى إلى نشوبِ الحريقِ فيها".
وفي وقت سابق الخميس، قالت القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم) أن "بين الساعة 8:30 و9:45 صباحًا (بتوقيت صنعاء)، أطلق الحوثيون صاروخين بالستيين مضادين للسفن من جنوب اليمن نحو خليج عدن".
وأضافت أن "الصاروخين أصابا السفينة +إم/في آيلاندر+، وهي ناقلة بضائع مملوكة بريطانيًا وترفع علم بالاو، ما تسبب في إصابة طفيفة وأضرار" مشيرةً إلى أنّ "السفينة تواصل رحلتها".
وكانت وكالة "يو كاي أم تي أو" البريطانية التي تديرها القوات البحرية الملكية قد أفادت إن "سفينة هوجمت بصاروخين، ما أدى إلى نشوب حريق على متنها"، قبل أن توضح أن الأضرار "طفيفة" وأن "السفينة وطاقمها بخير".
من جهتها، لفتت شركة "أمبري" للأمن البحري إلى أن السفينة "يبدو أنها كانت متجهة من ماب تا فوت في تايلاند، في اتجاه البحر الأحمر".
ومنذ 19 تشرين الثاني (نوفمبر)، ينفّذ الحوثيون المدعومون من إيران، هجمات على سفن تجارية في البحر الأحمر وبحر العرب يشتبهون بأنها مرتبطة بإسرائيل أو متّجهة إلى موانئها، ويقولون إن ذلك يأتي دعمًا لقطاع غزة الذي يشهد حربًا بين حركة حماس وإسرائيل منذ السابع من تشرين الأول (أكتوبر).
في محاولة ردعهم، تشنّ القوّات الأميركيّة والبريطانيّة ضربات على مواقع تابعة لهم منذ 12 كانون الثاني (يناير). وينفّذ الجيش الأميركي وحده بين حين وآخر ضربات يقول إنها تستهدف مواقع أو صواريخ ومسيّرات معدة للإطلاق كان آخرها الأربعاء.
وإثر الضربات الغربية، بدأ الحوثيون استهداف السفن الأميركية والبريطانية في المنطقة معتبرين أن مصالح البلدين أصبحت "أهدافًا مشروعة".
"تهديد وشيك"
وتبنى الحوثيون إطلاق مسيّرات فجرًا باتجاه بارجة أميركية، في عملية كان قد أعلن عنها الجيش الأميركي وهيئة الأركان الفرنسية.
وقال المتمردون في بيانهم إنهم استهدفوا "مدمرة أميركية في البحرِ الأحمرِ بعددٍ من الطائراتِ المسيرة".
وقبل وقت قصير، أعلنت القيادة العسكرية الأميركية (سنتكوم) في بيان إن "بين الساعة 4:30 صباحًا و5:30 صباحًا (بتوقيت صنعاء)، في 22 شباط (فبراير)، أسقطت طائرات أميركية وسفينة حربية تابعة للتحالف (البحري) ستّ طائرات بدون طيار تابعة للحوثيين المدعومين من إيران".
وأضافت أنه تمّ تحديد أن المسيّرات "تستهدف على الأرجح السفن الحربية الأميركية وقوات التحالف وكانت تشكل تهديدًا وشيكًا".
ولم تحدّد سنتكوم هوية السفينة الحربية التابعة للتحالف، لكن هيئة الأركان الفرنسية أعلنت أن البحرية الفرنسية في البحر الأحمر دمّرت ليل الأربعاء الخميس مسيّرتَين انطلقتا من اليمن.
وقالت هيئة الأركان إن فرقاطة فرنسية متعددة المهام "رصدت نفس النوع من التهديد واشتبكت مع طائرتين مسيّرتين ودمرتهما" خلال الليل.
وفي مواجهة هجمات الحوثيين، أنشأت الولايات المتحدة تحالفًا بحريًا متعدد الجنسيات لحماية الملاحة في البحر الأحمر في كانون الأول (ديسمبر)، فيما أعلن الاتحاد الأوروبي الاثنين الإطلاق الرسمي لمهمة مماثلة لمدة سنة قابلة للتجديد. إلا أن المهمة الأوروبية مخولة إطلاق النار للدفاع عن السفن التجارية أو الدفاع عن نفسها، لكنها لن تضرب مواقع للحوثيين داخل اليمن، بحسب دبلوماسيين.
"نتجه إلى تصعيد"
وجاء في بيان الحوثيين أيضًا أنهم أطلقوا "عدداً من الصواريخِ الباليستيةِ والطائراتِ المسيرةِ على أهدافٍ مختلفةٍ للعدوِّ الصهيونيِّ في منطقةِ أمِّ الرشراشِ جنوبيَّ فلسطينَ المحتلةِ" (أي مدينة إيلات الإسرائيلية).
وكان الجيش الإسرائيلي أعلن في بيان باللغة العربية عبر تلغرام أن "الدفاعات الجوية اعترضت من خلال نظام السهم - حيتس، هدفًا واحدًا تم اطلاقه وكان في طريقه نحو الأراضي الإسرائيلية من منطقة البحر الأحمر".
وأكد أن "الهدف لم يجتز إلى داخل إسرائيل ولم يشكل أي تهديد على المواطنين وقد تم تفعيل الإنذار وفق السياسة المتبعة".
وتأتي العمليات الثلاث الخميس في سياق تكثيف الحوثيين هجماتهم في الأيام الأخيرة.
فقد استهدف المتمرّدون سفينتين أميركيتين الاثنين وأخرى بريطانية الأحد ما تسبب بتوقف الأخيرة ودفع طاقمها إلى مغادرتها.
وألحق الهجوم على سفينة الشحن "روبيمار" المسجّلة في بريطانيا وتديرها شركة لبنانية وترفع علم بليز وتحمل أسمدة قابلة للاحتراق، أكبر ضرر حتى الآن بسفينة تجارية منذ بدء الهجمات على السفن في منطقة البحر الأحمر.
ورغم أن الحوثيين أكدوا أنها غرقت بشكل كامل، إلا أن شركة "بلو فليت غروب" المشغلة للسفينة أكدت الخميس لوكالة فرانس برس أن السفينة لا تزال تطفو في خليج عدن في حين تمّ إجلاء طاقمها إلى جيبوتي.
كما أسقط الحوثيون مسيّرة أميركية من طراز "أم كيو-9"، في ثاني حادثة من هذا النوع في الأشهر الأخيرة.
وتوعّد الحوثيون بمواصلة تصعيدهم طالما "العدو يتّجه إلى التصعيد أكثر في قطاع غزة".
وأكّد زعيم المتمرّدين عبد الملك الحوثي في كلمة متلفزة بعد ظهر الخميس، أن "العمليات في البحرين الأحمر والعربي وخليج عدن ومضيق باب المندب... مستمرة ونتجه فيها إلى التصعيد".
وأضاف أنه سبق أن "اتجهنا فيها إلى التصعيد كمًّا ونوعًا، يتم تفعيل الصواريخ والطائرات المسيّرة والقوارب العسكرية وتم إدخال سلاح الغواصات وهو مقلق للعدو".
ونهاية الأسبوع الماضي، أكد الجيش الأميركي أن الحوثيين استخدموا للمرة الأولى منذ بدء هجماتهم "مركبة تحت الماء غير مأهولة".
التعليقات