إيلاف من دمشق: ثماني سنوات مرت على "سيلفي" الفرنسي جوليان روتشيدي وبشار الأسد في دمشق، لم تدخلها في مجاهل النسيان، ومثلما هُوجم بعنف على التقاطه السيلفي "مع مجرم حرب" كما قيل وقتذاك، عادوا وتذكروه مجددا، فسخروا منه سخرية حادة وتهكموا به، بعد سقوط الأسد وفراره إلى موسكو.

وجوليان روتشيدي، سياسي فرنسي ينتمي إلى الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة، واعتُبر من وجوهها الشابة البارزة، خاصة عندما كان المدير الوطني لجبهة الشباب فيها، لأكثر من عامين، ثم ترك العمل السياسي في الفترة الأخيرة، ليتفرغ لعالم التأليف وعالم الأعمال، وصدرت له مؤلفات، ويعتبر من ناشري المحتوى الفرنسيين الآن، على مواقع التواصل.
يمكنك التقاط صورة مع بشار في موسكو

وقام روتشيدي، بزيارة إلى دمشق عام 2016، والتقط صورة "سيلفي" مع بشار الأسد، في ذروة الهجمات التي كان ينفذها جيشه، على معارضيه، والمذابح التي ارتكبها جراء عمليات القصف الجوي بالصواريخ والبراميل والأسلحة الكيميائية المحرمة دولياً، على أحياء ريف دمشق وحلب وإدلب وحماة ومناطق أخرى.

وفيما كان رد الفعل عنيفا على زيارة السياسي اليميني الفرنسي، بعدما احتفل بصورته مع الأسد ونشرها على حساباته على مواقع التواصل عام 2016، عاد من نشّط ذاكرته، إثر سقوط الأسد وفراره إلى موسكو عام 2024، بإعادة توجيه صورته السابقة على حسابه بمنصة "إكس"، تويتر سابقا، مع إرفاق هذا التعليق الساخر له: "لا تبكِ كثيراً، يا جوليان. لا يزال بإمكانك زيارة بشار الأسد في موسكو والتقاط صور سيلفي معه!".

وكان يوم سقوط الأسد وفراره إلى موسكو، في الثامن من شهر كانون الأول/ديسمبر الفائت، هو اليوم الذي حصل فيه الهجوم الانتقامي من السياسي الفرنسي الذي تباهى بصورته مع الأسد. فلم يكن منه سوى الرد على السخرية التي جوبه بها، بأن روسيا كانت مشغولة في حرب أوكرانيا، فلم تتمكن من حماية حليفها. وسط تعليقات كثيرة نالت منه على "سيلفي" الأسد.

الأسد يقصف بالكيميائي وهو يستقبل ضيوفه
أما اليوم الذي زار فيه روتشيدي الأسد، فكان في الخامس والعشرين من شهر آذار/ مارس من العام 2016، عبر وفد من الجمعية الوطنية الفرنسية، ضم خمسة أشخاص، وهو اليوم الذي قامت فيه قوات النظام، مجددا، بشن هجمات كيميائية على سوريين بمناطق متعددة.

وفيما استعمل الأسد السلاح الكيميائي المحرم دوليا، في حربه على السوريين، بشكل متكرر وأدى إلى مقتل وإصابة الآلاف من المدنيين، ذكرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الدولية لحقوق الإنسان، في تقرير لها، أن جيش الأسد قام بشن ثلاث هجمات كيميائية على السوريين في شهر آذار/ مارس 2016، إحداها كانت بتاريخ 25 من الشهر المذكور، أي في الوقت ذاته الذي كان الأسد يستقبل فيه السياسي الفرنسي وزملاءه ويلتقط معهم "السيلفي".

ويشار إلى أن الاحتجاج السابق على زيارة وفد سياسي غربي للقاء الأسد، بحسب المراقبين، يأتي من كون تلك الزيارات كانت تفك طوق العزلة المضروب على رأس النظام، وستُفهَم بأنها تشجيع له على ممارسة المزيد من الارتكابات والمذابح بحق السوريين، وتمكنه من خلق ظروف للإفلات من العقاب.

استعمال سلاح محرم دولياً قبل وأثناء وبعد التقاط الصورة!
فبحسب وثائق وبيانات "هيومن رايتس ووتش" فإن الأسد قصف السوريين بالأسلحة الكيميائية المحرمة دوليا، ليس فقط في يوم استقباله وفدا فرنسيا، بل أيضا بعد مغادرة الوفد سوريا.

وتؤكد المنظمة أن الأسد استعمل السلاح الكيميائي في 29 و30 من شهر آذار/ مارس 2016، في منطقتي "القابون" بضواحي دمشق، مستخدما فيها مادة "الكلور" و"اللطامنة" بريف محافظة حماة، واستخدم فيها غاز أعصاب. لتبلغ عدد هجمات الأسد الكيميائية في عام 2016، 12 هجوما كان أكثرها دموية هجوم "خان شيخون" في ريف إدلب، وأدى إلى مقتل نحو من 100 سوري وإصابة المئات.

وكانت وردت تعليقات حادة على "سيلفي" السياسي الفرنسي مع الأسد عام 2016، بحسب ما تم تناقله على وسائل التواصل، في تدوينات لاقت رواجاً واسعاً في ذلك الوقت، جاء في إحداها: "سيلفي رائع مع مجرم حرب، سيلفي رائع مع من قتل شعبه وشرده بالملايين".