إيلاف من القدس: على الرغم من التعقيدات الإقليمية، فقد نجحت أذربيجان في ترسيخ مكانتها كواحدة من أهم شركاء إسرائيل، وفي المقابل تمكنت إسرائيل من أن يكون لها حليف مسلم قوي، بل هو أقوى حليف مسلم لتل أبيب.
سلط تقرير جديد لوزارة الخارجية الإسرائيلية الضوء على العلاقات الاستراتيجية المتنامية بين إسرائيل وأذربيجان ، مشددا على التعاون الاقتصادي والتعاون الأمني والدعم الاستثنائي الذي تقدمه أذربيجان لمجتمعها اليهودي الداخلي، فضلاً عن قوة علاقتها على المستويات كافة مع تل أبيب.
وقال وزير الخارجية جدعون ساعر: "إن الشراكة بين إسرائيل وأذربيجان تشكل نموذجا فريدا للتعاون بين دولة يهودية ودولة ذات أغلبية مسلمة".
حافظت أذربيجان، وهي دولة مسلمة بنسبة 99%، والأغلبية شيعية (65 %)، على علاقات وطيدة ومتنامية مع إسرائيل، معززةً تعاونها في مجالات الطاقة والتجارة والأمن. ورغم التعقيدات الإقليمية، رسّخت هذه الدولة الواقعة في جنوب القوقاز مكانتها كواحدة من أهم شركاء إسرائيل.
وأكد ساعر أن هذا التحالف الذي بني على المصالح الاستراتيجية المشتركة والحوار المفتوح من المتوقع أن يتعمق أكثر ويمكن أن يكون نموذجا للدول الإسلامية الأخرى.
يُسلّط التقرير الضوء على الجالية اليهودية العريقة في أذربيجان كعامل رئيسي في علاقاتها الإيجابية مع إسرائيل. وبصفتهم من أقدم الجاليات اليهودية في العالم، تمتع يهود أذربيجان تاريخيًا بحرية دينية كاملة ودعم حكومي.
يهود أذربيجان
وفقًا للتقرير، لم يشهد اليهود الأذربيجانيون "معاداة للسامية قط" - وهو تصريح يؤكد موقف البلاد الفريد من التسامح الديني. في مدينة قوبا، موطن "القرية الحمراء" التاريخية - إحدى المستوطنات اليهودية الوحيدة في العالم، لا تزال المعابد اليهودية والمؤسسات الثقافية مزدهرة بحماية حكومية.
70 ألف أذري يعيشون في إسرائيل
في الوقت نفسه، في إسرائيل، تُشكل جالية كبيرة من أصل أذربيجاني، يبلغ عدد سكانها حوالي 70 ألف نسمة، رابطًا ثقافيًا واقتصاديًا حيويًا بين البلدين.
الحرية الدينية
من الجوانب المميزة للعلاقات الإسرائيلية الأذربيجانية نهج باكو الاستباقي تجاه الحرية الدينية. فعلى عكس العديد من الدول الأخرى ذات الأغلبية المسلمة، تضمن أذربيجان حرية العبادة الكاملة لجميع الأقليات، بمن فيهم اليهود والمسيحيون. كما أنها أول دولة ذات أغلبية مسلمة تُدرج تعليمًا رسميًا حول معاداة السامية في مناهجها الدراسية.
وة على ذلك، اتخذت الحكومة الأذربيجانية تدابير للحفاظ على المعابد اليهودية والكنائس، مما يعزز التزامها بحماية التراث الديني.
علاقات قوية في قطاع الطاقة تحديداً
إلى جانب العلاقات الثقافية والدبلوماسية، تربط إسرائيل وأذربيجان علاقات اقتصادية متينة، لا سيما في قطاع الطاقة. لطالما كانت أذربيجان أحد أهم موردي النفط لإسرائيل، وتلعب دورًا محوريًا في أمنها الطاقي، لا سيما في ظل تقلبات الأسواق العالمية.
يمتد التعاون الاقتصادي ليشمل قطاعات أخرى، بما في ذلك الزراعة، والأمن السيبراني، وتكنولوجيا الفضاء، وإدارة المياه، والصناعات المتقدمة، حيث تشارك الشركات الإسرائيلية والأذربيجانية في مبادرات استراتيجية مشتركة. وتعمل السفارة الإسرائيلية في باكو بنشاط على تسهيل الروابط التجارية وفرص الاستثمار.
تواصل العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل وأذربيجان اكتساب زخم متزايد. فعلى مدار العام الماضي، عُقدت اجتماعات رفيعة المستوى بين وزيري الخارجية، إلى جانب زيارات رسمية لوزراء إسرائيليين إلى باكو ومسؤولين أذربيجانيين إلى القدس. كما زار الرئيس إسحاق هرتسوغ ووزير الدفاع الإسرائيلي أذربيجان، مما يؤكد الأهمية الاستراتيجية للعلاقة. ويشمل الحوار الدبلوماسي الجاري شراكات في مجالي الأمن والابتكار، مما يعزز دور أذربيجان كحليف إقليمي مستقر لإسرائيل.
قلق إيراني من علاقة إسرائيل وأذربيجان
مع ذلك، لم تغفل طهران عن تنامي علاقات أذربيجان مع إسرائيل. فقد أعربت وسائل إعلام رسمية إيرانية ومسؤولون عن قلقهم إزاء نفوذ إسرائيل في جنوب القوقاز، متهمين باكو بتسهيل أنشطة الاستخبارات الإسرائيلية قرب الحدود الشمالية لإيران.
ردًا على ذلك، أجرت إيران تدريبات عسكرية قرب حدود أذربيجان، مما زاد من توتر العلاقات بين الجارتين. يُبرز هذا التوتر الجيوسياسي سعي أذربيجان إلى الموازنة بين تحالفها مع إسرائيل وإدارة علاقتها مع إيران.
مؤخرًا، قدّمت مجموعة من الحاخامات البارزين ذوي الخلفيات الدبلوماسية عريضةً إلى الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، داعيةً إلى ضم أذربيجان إلى إطار اتفاقيات إبراهيم.
قاد هذه المبادرة الحاخام مارفن هير، مؤسس مركز سيمون فيزنتال، والحاخام إيلي عبادي، كبير الحاخامات في الإمارات العربية المتحدة والشريك المقرب لجاريد كوشنر، كبير مهندسي الاتفاقيات.
كان من بين الموقعين الحاخام أرييه رالباغ، رئيس التحالف الحاخامي لأمريكا وكندا. وأكد الحاخامات في رسائلهم على حجة رئيسية: بينما تلقى أعضاء اتفاقيات إبراهيم حوافز أمريكية، لم تتلقَّ أذربيجان - الشريك الإسلامي الأكثر موثوقية لإسرائيل وحليف رئيسي للولايات المتحدة منذ عقود - دعمًا مماثلًا. علاوة على ذلك، لا تزال أذربيجان خاضعة للعقوبات الأمريكية بموجب المادة 907، مما يُقيّد المساعدات الأمريكية رغم مساهماتها في الأمن الإقليمي.
بما أن أذربيجان لا تزال شريكًا أساسيًا لكل من إسرائيل والولايات المتحدة، فمن المرجح أن تُصبح جهود ضمها إلى اتفاقيات إبراهيم - ورفع القيود القديمة - محورًا رئيسيًا في المناقشات الدبلوماسية.
وفي ظل التحالفات الإقليمية الناشئة، تُمثل الشراكة الإسرائيلية الأذربيجانية دليلًا على أن المصالح المشتركة قادرة على سد الفجوات الدينية والجيوسياسية.
التعليقات