في مسرحية "الثعلب و العنب"، للمٶلف البرازيلي "فدريکو جولهيرم" وبعد أن يتم عتق العبد الاسود الحکيم"إيزوب" للخدمات الکبيرة التي يقدمها لسيده السيناتور في مجلس الشيوخ الروماني، فإنه يعود بعد فترة الى سيده و يطلب العودة للعبودية بعد أن رفض المجتمع عتقه و ظل ينظر إليه بإحتقار، هذه الرٶية الوجودية المتشائمة و الضبابية للحرية يمکن سحبها على الواقع الايراني ولکن مع تغيير يجب الانتباه إليه، وهو إن السيناتور"المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية الايرانية"، يريد من إيزوب"الشعب الايراني" التيقن من إن إن الحرية و کل القيم و المثل تتجلى فيه لوحده ولهذا فإن المطلوب منه أن يتصرف وفق هذا السياق وإلا فإنه سيلاقي الاسوء.

بعد أن هدد المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية الايرانية بصفع کل من يعارض النظام و يسير بإتجاه مخالف له في الانتخابات المزمع إجراءها في 19 من هذا الشهر، عاد مرة أخرى ليطيب خاطر الشعب بالمنطق الذي طرحناه في بداية المقال، عندما أکد بأن الفائز الاساسي في الانتخابات هو نظام الجمهورية الاسلامية، ذلك إن روحاني و رئيسي المتنافسين الرئيسيين في الانتخابات لايعکسان معارضة واقعية للنظام وانما إمتداد له ولکن لکل واحد منهما اسلوبه و نمطه الخاص من أجل الذود عن جمهورية الخميني، والحقيقة أن المرشد الاعلى من خلال تأکيده آنف الذکر يريد أن يقول للشعب الايراني بأنه مهما شئت و حاولت فإن شيئا لن يتغير، تماما کالقول العراقي الشائع"تريد أرنبا خذ أرنب، تريد غزالا خذ أرنبا"، وإن إختيار روحاني أم رئيسي لن يغير من الامر شيئا فکلاهما وجهان لعملة واحدة اسمها الجمهورية الاسلامية الايرانية.

المشکلة التي يرفض المرشد الاعلى الايراني الالتفات لها و الاقرار بها هي إن المساحة المحددة للحرية من قبل طهران لم يعد الشعب الايراني يقبل بها و صار يرى بأنها أضيق بکثير من تلك التي يريدها و التي تتنعم بها شعوب الدول المحيطة بإيران ذاتها، کما إنه يرفض التصديق بأن الاسلوب و النمط المتبع في الانتخابات في إيران، قد صار من دون معنى ولاسيما مع بقاء دوره و تأثيره على السلطات التنفيذية و التشريعية و القضائية، وهذا مالا يلائمه ولايلائم قادة و مسٶولي الجمهورية الاسلامية الايرانية ولذلك فإن الذي يجري هو الإصرار على النمط المتبع و الذي صار الشعب الايراني يعلم من إنه إنتخابات"مسيجة"و"محاصرة" وبالتالي ليس لها من أي دور أو تأثير بإتجاه التغيير نحو الاحسن، ذلك إن الشعب الايراني صار يريد الغزال و يرفض الارنب الذي يجب أن يختاره منذ 38 عاما!