الياس توما من براغ: فتح توقيع قيادات صربيا والبوسنة والهرسك وجمهورية الجبل الأسود على اتفاقيات الشراكة مع حلف الناتو أمس الطريق أمام العضوية المستقبلية لهذه الدول في حلف الناتو ولذلك وجد هذا الأمر ترحيبا قويا من قبل مختلف الأوساط والشرائح الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في هذه الدول البلقانية باستثناء القوى القومية المتشددة في الدول الثلاث . ورأى الرئيس الصربي بوريش تاديتش الذي وقع على البروتوكول الخاص بالانضمام إلى برنامج الشراكة من اجل السلام في بروكسل بان الاتفاقية تفتح الإمكانية لتعاون صربيا الأوسع مع الناتو وتساهم في استقرار البلقان كما تمثل الاتفاقية تشجيعا للمستثمرين الأجانب كي يوظفوا أموالهم في صربيا . واعتبر الاتفاقية بأنها تنهي عزلة صربيا لكنه أكد بان بلاده سيتوجب عليها إقامة تعاون كامل مع محكمة جرائم الحرب الخاصة بيوغسلافيا السابقة .

من جانبه اعتبر رئيس جمهورية الجبل الأسود فيليب فويانوفيتش توقيع بلاده التي استقلت قبل نحو نصف عام على اتفاقية الشراكة مع الناتو بأنها لحظة تاريخية مشددا على أن بلاده ستواصل وبحس من المسؤولية تنفيذ الإصلاحات في مختلف المجالات فيما اعتبرت البوسنة والهرسك ان هذه الاتفاقية تحظى بأهمية خاصة بالنسبة لها كونها تتزامن مع الذكرى الحادية عشرة للتوقيع على اتفاقات دايتون التي أنهيت بموجبها الحرب الدامية التي دارت في أراضي هذه الجمهورية . وبالتوازي مع هذا التقييم الايجابي للقيادات السياسية في الدول الثلاث رأت العديد من المعلقين في وسائل الإعلام في هذه الدول بان منطقة البلقان تدخل مع التوقيع على هذه الاتفاقيات مرحلة اجديدة ستكون السمة البارزة فيها تكثيف الإصلاحات والاستقرار والبحث عن حلول توافقية بدون اللجوء إلى العنف والقوة كما حدث في التسعينيات أملا بان يؤدي ذلك ليس فقط إلى انضمام هذه الدول إلى حلف الناتو وإنما أيضا إلى ضمها مستقبلا إلى النادي الأوربي الأغنى أي الاتحاد الأوربي .

وكان برنامج الشراكة من اجل السلام قد تشكل في عام 2004 ويعتبر المرحلة التمهيدية للانضمام إلى الناتو لأنه يسمح للدول المشاركة فيه بالمساهمة في العديد من الفعاليات والعمليات التي يقوم بها الحلف من دون أن تكون عضوة فيه. ويستهدف البرنامج الذي يضم الآن 23 دولة بناء الاستقرار وتقوية التعاون العسكري بين دوله وفي نفس الوقت تحضير جيوش الدول المشارك فيه للانضمام لاحقا إلى الحلف إضافة إلى تعزيز التعاون السياسي بين دول الحلف والدول المنضمة إلى برنامج الشراكة في مختلف المجالات ولذلك شدد أمين عام الناتو ياب دي هوب شيفر أثناء التوقيع على البروتوكولات الخاصة بالانضمام بان الحلف ينتظر من هذه الدول تنفيذ كافة الالتزامات المترتبة عليها ومنها التعاون بشكل كامل مع محكمة لاهاي بالشكل الذي يغلق ملف المتهمين بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية التي وقعت في التسعينيات في البلقان وكانت من أفظع ما شهدته أوروبا بعد الحرب العلمية الثانية.