اليوم ترفع التوصيات ودعوة لضمان تطبيقها
النووي الإيراني يتصدر مؤتمر المنامة

مهند سليمان من المنامة:طغت القضية الإيرانية ومفاعلاتها على اعمال مؤتمر quot;تداعيات الانتشار النووي في الخليجquot; والذي شارك فيه رئيس الوزراء البحريني الشيخ خليفة بن سلمان ال خليفة ووزير داخليته الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله ال خليفة لافتتاحه. والمؤتمر الذي شارك فيه 250 مشاركا من مختلف التخصصات ذات العلاقة ركز على خطورة الملف النووي الايراني وقربه من دول الخليج التي قد تكون الضحية الأولى في حال وقوع أي كارثة او تسرب اشعاعي من مفاعلات طهران.

وزير الداخلية البحريني اكد أن القضية التي يبحثها المؤتمر ليست قضية اقليمية فحسب وانما قضية كونية تحتاج الى تضافر كل جهود قوى الخير المحبة للسلام في هذا العالم من أجل مواجهتها واتخاذ الاجراءات الكفيلة بالوقاية من آثارها وتداعياتها الضارة وتوجيه الانشطة والطاقات من أجل توظيف التقنية النووية سلميا بما يخدم الحياة ويساهم في الارتقاء بها بدلا من ان يكون مصدرا لتدميرها.

واشار الى ان المؤتمر ينعقد في موعده المطلوب والملائم نظرا للتطورات السريعة والمتلاحقة التي تشهدها منطقة الخليج والنطاقات الاقليمية المحيطة بها سواء على مستوى الجوار المباشر او الامتداد الاقليمي الاوسع والتي تتأثر بها منطقة الخليج بدرجات متفاوتة وبأشكال متعددة وقال وزير الداخلية إن إلقاء نظرة فاحصة على الموقع الجغرافي تظهر ان المنطقة محاطة من كل جانب بقوى نووية اقليمية ودولية وقد لا تختلف هذه المنطقة عن المناطق الاخرى في العالم من حيث وجود هذه الظاهرة واوضح ان واقع التفاعلات الدولية والاقليمية التي تشهدها المنطقة والتي يغلب عليها طابع الصراع والتنافس والرؤى الاستراتيجية المتضاربة تزيد من خطورة الانتشار النوويفي هذه المنطقة مقارنة بالمناطق الاخرى ومن هنا تزداد اهمية هذا المؤتمر حيث انه يبحث في ظاهرة الانتشار النووي ومخاطرها وتداعياتها على منطقة تتسم بالاهمية الاستراتيجية لدى دول العالم .

ودعا الامين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية عبدالرحمن بن حمد العطية الى اقامة مشروع نووي عربي للطاقة النووية من خلال التعاون المشترك وفي اطار مسؤولية جماعية عربية وذلك للاستفادة منه في مختلف المجالات والاستخدامات العلمية والطبية والزراعية والصناعية وغيرها اضافة إلى جعل الطاقة النووية العربية ظهيرا احتياطيا لمصادر الطاقة العربية الاخرى من نفط وغاز وغيرها. كما طالب بجعل منطقة الشرق الاوسط بما فيها منطقة الخليج خالية من كافة أسلحة الدمار الشامل وحصر امتلاكها في مجال الاستخدامات السلمية المشروعة داعيا المجتمع والقوى الدولية للتخلص من الازدواجية في التعامل مع دول المنطقة وقضاياها.

الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى قال في كلمة له إن الاسلحة النووية ومخاطر انتشارها قضية بالغة الخطورة ينبغي أن تحتل المكانة التي تستحقها على قائمة الاولويات العاجلة للعمل العربي المشترك لما لها من تداعيات وتأثيرات على مستقبل المنطقة ، وأضاف في كلمة وزعت اليوم خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر أن نظام منع الانتشار النووي لم ينجح في الوفاء بالمقاصد التي سعى اليها بل أوشك على الفشل الامر الذي يستوجب القيام بمعالجة هذه الظاهرة معالجة جذرية لا تقتصر على الاعراض وانما تتناول الاسباب التي أدت الى المزيد من الانتشار النووي على نحو غير مسبوق وعلى رأسها أن حقيقة الخطر الذي تتعرض له الانسانية انما هو خطر يتأتى من وجود الاسلحة النووية وأنه لا سبيل للخلاص من هذا الخطر سوى حظر تملكها بشكل نهائي وكامل وأوضح أن التدهور في مجالات نزع السلاح ومنع الانتشار على الساحة الدولية أثر بشكل حاد على منطقة الشرق الاوسط والتي تعاني منذ عقود من صراعات ونزاعات وتوترات استنزفت طاقتها ومواردها وأعاقت جهود التنمية فيها ويزيد من عمق الازمة واثارها على المنطقة ما تشهده من جهود تبذله أطراف قوى دولية لاعادة ترتيب الاوضاع في المنطقة بما يتناسب مع أولويات ومصالح هذه القوى.

وأشار موسى الى أن الموقف العربي من قضية انتشار الاسلحة النووية وغيرها من أسلحة الدمار الشامل تميز بالوضوح والثبات على مدار ما يزيد عن ثلاثين عاما متصلة حاولت خلالها جامعة الدول العربية ودولها الاعضاء ترسيخ هذه المسألة في عمق الوعي الامني الاقليمي والتذكير بأن انفراد اسرائيل بالأسلحة النووية يمثل خطرا بالغا على الامن والاستقرار في المنطقة مضيفا أن هذا الخلل يتطلب تحركا عربيا جماعيا وقويا لعلاجه بالتوازي مع الجهود الدولية المتعلقة بالملف النووي الايراني لحث المجتمع الدولي على معالجة مشكلة انتشار الاسلحة النووية من منظور اقليمي متكامل يحقق الامن للجميع.

الجلسات شهدت العديد من النقاشات حيث تناولت جلسة العمل الاولى بالبحث والتحليل ظاهرة الانتشار النووي وجهود مواجهتها دوليا واقليميا وذلك من خلال ورقتين ركزت الاولى على الجهود الدولية التي بذلت في هذا الصدد واستعرضت الورقة الثانية الجهود الاقليمية في مجال منع انتشار الاسلحة النووية، وخلصت الورقة الاولى التي قدمها الدكتور مصطفى علوي استاذ العلوم السياسية في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة القاهرة الى أن سجل الجهود الدولية لمنع الانتشار النووي هو سجل مختلط بين النجاح والفشل.

وتوصلت الورقة الى ان من مؤشرات النجاح ازدياد عدد الدول الاطراف في المعاهدة الرئيسة في النظام الدولي لمنع الانتشار وهي معاهدة منع انتشار الاسلحة النووية لعام 1968 والذي وصل الى 187 دولة من اجمالي عدد الدول الاعضاء في الامم المتحدة والبالغة 191 دولة. كما ان هناك 63 دولة قد صادقت على البروتوكول الاضافي الا أنه لا يزال بعيدا عن العالمية نظرا إلى أن هناك 92 دولة من دول الضمانات لم تصادق بعد وبعضها ذات أنشطة نووية، وفي ما يتعلق بمظاهر الاخفاق أوضحت الورقة انها تتمثل في عدم التزام الدول النووية بالاتفاقيات والمعاهدات الدولية بل وعلى النقيض من التزاماتها وسعت ترسانتها النووية وذلك بين عقدي الخمسينات والثمانينات.

وأشارت الورقة الى أن القدرات والاسلحة النووية لكل من اسرائيل والهند وباكستان تمثل تحديا كبيرا لنظام منع الانتشار النووي اذ ان الدول الثلاث صممت على عدم الانضمام الى تلك المعاهدة وتابعت انجاز برنامجها النووي العسكري حتى أقامت ترسانة عسكرية نووية معلنة كالهند وباكستان أو غير معلنة كإسرائيل، وأوضح علوي ان من أهم التحديات التي تواجه منع الانتشار النووي السوق النووية السوداء الواسعة التي يشارك فيها علماء وشركات والتي كان لها دور كبير في مساعدة العديد من الدول على امتلاك السلاح النووي أو السعي اليه وكذلك الجماعات والتنظيمات الارهابية التي تسعى إلى امتلاك السلاح النووي والتي تمثل تهديدا كبيرا لنظام منع الانتشار النووي.

وخلصت الورقة الى أن الضعف الاخطر في سجل الجهود الدولية لمنع الانتشار النووي هو عدم تنفيذ المادة السادسة من معاهدة منع الانتشار النووي والخاصة بنزع السلاح النووي كما أعاقت الدول النووية تشكيل مجموعة للتفاوض حول هذه المسألة في مؤتمر الامم المتحدة لنزع السلاح.

وتناولت الورقة الثانية التي قدمها وائل ناصر الدين محمد الاسد مدير ادارة العلاقات العامة متعددة الاطراف في جامعة الدول العربية الفرضية الخاصة بأن آلية المناطق الخالية من الاسلحة النووية تعد كأهم وأقدم الاليات الاقليمية التي تستخدم للحد من التسلح بين مجموعات من الدول في مناطق جغرافية محددة وكواحدة من أهم اجراءات بناء الثقة والامن على المستوى الاقليمي معتبرا أن الفكرة الخاصة بإنشاء مناطق خالية من الاسلحة النووية حققت نجاحات في العديد من المناطق منها أميركا اللاتينية ومنطقة الكاريبي وأفريقيا.

وأكد أنه على الرغم من أن هناك حواجز وموانع متعددة تعوق إنشاء هذه المناطق الخالية في مناطق النزاعات المستعصية مثل الشرق الاوسط فإن هناك عددا من المؤشرات والظروف التي تسهل وتساعد على التوسع على إنشائها منها استمرار المجتمع الدولى في دعم وتأسيس المحافل الدولية الرئيسة التي تحكم قضايا نزع السلاح والانتشار مثل الجمعية العامة ومؤتمرات مراجعة معاهدة الانتشار النووي والوكالة الدولية للطاقة الذرية ومجلس الامن اضافة الى بعض الموانع التي فرضتهاالحرب الباردة على انشاء المناطق الخالية مثل نشر ومرور الاسلحة النووية التكتيكية على السفن والطائرات الحربية.