بيروت: تبذل الدبلوماسيتان الروسية والدولية اليوم الثلاثاء جهودا في بيروت بهدف إيجاد حل للمأزق الذي يحول دون إقرار المحكمة ذات الطابع الدولي التي يفترض أن تحاكم قتلة رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري.وفور وصوله إلى بيروت مساء الاثنين، دعا نائب وزير الخارجية الروسي الكسندر سلطانوف اللبنانيين إلى quot;أن يجدوا بأنفسهم وبمساهمة من المجتمع الدولي، الحل المقبول من جميع اللبنانيينquot;.
وترفض المعارضة اللبنانية المقربة من دمشق وطهران الموافقة على اتفاقية المحكمة بشكلها الحالي في حين تسعى الغالبية البرلمانية المناهضة لسوريا إلى إقرارها حتى لو اقتضى الأمر صدورها بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.ويسمح هذا الفصل لمجلس الأمن باتخاذ إجراءات محددة بحق الدول التي ترفض الامتثال لقراراته.وأعرب سلطانوف اثر لقائه رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري، احد قادة المعارضة، عن quot;تحفظاتquot; حول اللجوء إلى الفصل السابع، مشددا على أهمية إقرار المحكمة quot;بالطرق الدستورية اللبنانيةquot;.
وقال سلطانوف بعد لقائه رئيس الجمهورية اميل لحود أن quot;روسيا تريد المساهمة في التقريب بين مختلف وجهات النظرquot;.ومن المقرر أن يتوجه المبعوث الروسي الأربعاء إلى سوريا التي أشارت تقارير مرحلية للجنة التحقيق الدولية إلى احتمال ضلوع مسؤولين أمنيين فيها في اغتيال الحريري في شباط/فبراير 2005 في بيروت حين كان لبنان لا يزال تحت الوصاية السورية.وتنفي دمشق أية علاقة لها بهذا الاغتيال وتقول أنها غير معنية بالمحكمة.ووقعت الحكومة اللبنانية برئاسة فؤاد السنيورة اتفاقية مع الأمم المتحدة لإنشاء هذه المحكمة.
المحكمة الدولية ستشكل لكنها لن تعمل quot;قبل عامquot;
واكد المستشار القانوني للامين العام للامم المتحدة نيكولا ميشال الثلاثاء ان المحكمة ذات الطابع الدولي التي ستحاكم الضالعين في اغتيال رفيق الحريري ستشكل بالتأكيد لكنها لن تبدأ عملها quot;قبل عام على الاقلquot;. وقال ميشال للصحافيين بعيد وصوله الى بيروت ان quot;جميع (القادة اللبنانيين) متوافقون على ان الموضوع ينطوي على موجبات عدالة، لا شك ان المحكمة ستشكلquot;.واذ شدد على ان quot;الوقت حان لاقرار الاسس القانونية للمحكمةquot;، اوضح ان المحكمة quot;تحتاج الى عام على الاقلquot; بعد تبني هذه الاسس quot;لتباشر عملهاquot;.

وتتحفظ المعارضة اللبنانية القريبة من دمشق وطهران عن مشروع المحكمة في صيغته الحالية، فيما تسعى الغالبية النيابية المناهضة لسوريا الى اقراره من جانب مجلس الامن الدولي بموجب الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة.وقال ميشال quot;نريد ان تكون المحكمة هيئة قضائية فعلية لا اداة سياسيةquot;، مؤكدا ان quot;الامم المتحدة لا تستطيع ولا تريد ان تكون طرفا في الخلافات الداخليةquot; اللبنانية.
وستتولى هذه المحكمة محاكمة الضالعين في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري في 14 شباط/فبراير 2005 في بيروت، وتتهم الغالبية المعارضة بالسعي الى عرقلة قيام المحكمة لحماية سوريا، وخصوصا ان لجنة التحقيق الدولية اشارت الى احتمال تورط مسؤولين امنيين سوريين في الجريمة.ويزور ميشال بيروت حتى نهاية الاسبوع، ويلتقي مساء الثلاثاء رئيس مجلس النواب نبيه بري (معارضة) ورئيس الوزراء فؤاد السنيورة، على ان يجتمع الاربعاء برئيس الجمهورية اميل لحود الداعم للمعارضة والذي يقاطعه الغرب منذ تمديد ولايته في ايلول/سبتمبر 2004.
وقبيل توجهه إلى بيروت قال ميشالquot;نأمل أن نتمكن من التوصل إلى إقرار المحكمة بتوافقquot; اللبنانيين، من دون العودة مرة أخرى إلى مجلس الأمن.وفي هذا الإطار، أعلن وزير الطاقة المستقيل العضو في حزب الله محمد فنيش في مقابلة نشرتها الثلاثاء صحيفة quot;لوريان لو جورquot; اللبنانية، أن التوصل إلى اتفاق حول المحكمة ممكن quot;إذا ما كانت نوايا ميشال صادقة فعلاquot;.
وتبدي المعارضة خشيتها من تسييس هذه المحكمة وquot;مصادقتها على أحكام صادرة مسبقاquot; في قضية اغتيال الحريري.غير أن فريق الأغلبية يتهم المعارضة بمحاولة إفراغ المحكمة من مضمونها من خلال سعيها إلى إنشاء هيئة قضائية quot;تبرئ قتلةquot; رفيق الحريري.واعتبر تيار المستقبل الذي يرئسه النائب سعد الحريري نجل رئيس الوزراء الأسبق أن موقف المعارضة يتقاطع بشكل تام مع موقف النظام السوري الذي قرر عدم التعامل مع المحكمة.
وفي تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، استقال الوزراء الشيعة الخمسة من الحكومة وهم يمثلون حزب الله وحركة أمل التي يرأسها رئيس مجلس النواب نبيه بري، احتجاجا على إقرار الحكومة نظام المحكمة الذي أقرته الأمم المتحدة. وفتحت هذه الاستقالة الباب أمام أزمة حادة تعصف بلبنان وتشل مؤسساته الدستورية.