بهية مارديني من دمشق: زار مدينة القامشلي قادما من لبنان كامل نادر الأمين والمسؤول الاعلامي في الحزب السوري القومي الاجتماعي- جناح عصام المحايري، المقرب من سوريا، ليلقي محاضرة في المركز الثقافي العربي بعنوان quot; الوحدة الوطنية ومشكلة الأقليات quot;.

واكد متابعون في القامشلي لايلاف ان عنوان المحاضرة ،التي عقدت الاحد الماضي، شكلّ حافزاً اضافياً بل اساسيا لمثقفي القامشلي للحضور، باعتبار أن سوريا دولة متعددة القوميات والأديان تعاني من اشكالية حقيقة في هويتها الوطنية. لهذا كان الحضور نوعياً ومتميزاً من مختلف الطيف القومي والديني والسياسي للمدينة. وقد ضم ممثلين عن العديد من الأحزاب العربية والآشورية والكردية والأرمنية والشيوعية وجمهور من المثقفين والمهتمين بالشأن العام. جاؤوا ليسمعوا وجهة نظر أو رؤية الحزب quot;السوري القومي الاجتماعيquot; لحل مشكلة القوميات في سوريا وبما يعزز الوحدة الوطنية بين مختلف مكونات المجتمع السوري الذي يعاني من نقص كبير في الاندماج الوطني بين شعوبهquot;.

وفوجىء الحضور بان نادر لم يتحدث عن مشكلة أقليات قومية في سوريا والمنطقة سوى أنه اتهم تلك المصرة على أنها قومية وترفض السورية كقومية جامعة موحدة للأمة السورية كجزء من الأمة العربية، اتهمها باللاوطنية والعمالة للخارج. وقال عنها:quot;حاملة وصاحبة مشروعات تخريبية في المنطقةquot;. واعتقد بأن هذه هي احدى الرسالة الأساسية التي حمل بها وكلف بنقلها الى الأكراد والآشوريين في سوريا،خاصة الأكراد حيث شهدت الحالة الكردية نمواً لافتاً في السنوات الأخيرة.والرسالة الثانية هي نقل مواقف حزبه من الأزمة اللبنانية ومن الأحداث والتطورات الساخنة التي تعصف بالمنطقة. فهو لم يتطرق لمشكلة القوميات في سوريا ودول المنطقة التي برزت بقوة واضحة قنبلة موقوتة تقلق الكثيرين ما لم يصار الى حلها حلاً ديمقراطياً على قاعدة حقوق المواطنة الكاملة والمساواة التامة بين ابناء الوطن الواحد.

وقد صدم بعض من الحضور تحدث لايلاف بالخطاب السياسي اعتبروه حزبي قوموي مؤدلج، مشبع بشعارات تعود الى خمسينات وستينات القرن الماضي عفا عليها الزمن وشرب. مطعم بفكر تخويني للآخر. واعتبروا انه خلط بين القومية السورية ومفهوم quot;الهوية الوطنية السوريةquot;، واكدوا ان ، الهوية السورية التي هي هوية مركبة من مجموعة هويات قومية ودينية وثقافية باعتبار سورية دولة متعددة القوميات والأديان والثقافات واللغات وان لم يعترف النظام السوري رسمياً بهذه التعددية.

وقالوا أن القومية السورية والعروبة هما مقولتان ايديولوجيتان لا تعبرا عن هوية وطنية لدولة بعينها ،ونصف قرن وأكثر من الزمن كاف لاثبات عقمهما السياسي، حيث تراجعت فكرة القومية السورية و أخفقت في أن تصبح مشروعاً سياسياً للشعوب القاطنة في المنطقة المسماة quot;سوريا الكبرىquot; أو quot;الهلال الخصيبquot;.كذلك تراجعت العروبة و فشلت في توحيد الكيانات العربية في دولة قومية واحدة.

وانتقل المحاضر الى الحديث عن الأزمة اللبنانية ناطقاً باسم حزبه quot; السوري القومي الاجتماعيquot; رافضاً اقامة علاقات دبلوماسية بين سوريا ولبنان من مبدأ الوحدة السورية، مخوناً العديد من قوى الرابع عشر من آذار. واعتبر اغتيال الرئيس اللبناني المنتخب quot;بشير الجميلquot; من قبل أحد كوادر الحزب السوريquot;حبيب شرتونيquot; عملاً بطولياً يعتز به لأن quot;بشير الجميلquot;، طبعاً والكلام للمحاضر كمال، خائن عميل لاسرائيل يجب أن يقتل.هكذا وبكل بساطة، وعلى طريقة التكفيريين الاسلاميين المتشددين، برر اغتيال الرئيس المنتخب لدولة لبنان.لاغياً دور كل سلطات الدولة اللبنانية، القضائية والتشريعية والتنفيذية والسياسية. وانتقل الى الوضع العراقي وتحدث فيه مطولاً بالمنطق والمنحى ذاته. وكأنه يتحدث في مرحلة ما قبل عالم الفضائيات والانترنيت التي جعلت من العالم قرية كونية صغيرة، بمقدور أي شخص أن يرى ويراقب العالم ويشاهد أحداثه وهو جالس في مكتبه أو منزله...

وجاءت الأسئلة في معظمها معارضة لما طرحه المحاضر من شعارات وخطابات ومواقف سياسية من الأزمات التي تعصف بالمنطقة . غالباً بتوجيهات من الفروع الأمنية بالمدينة التي منعت الأسئلة والمداخلات الشفهية المباشرة .لكن وبالحاح من بعض الحضور تدخلت ادارة المركز الثقافي مشكورة ليسمح ببعض المداخلات المباشرة. أول المتحدثين كان قيادي في الحزب التقدمي الديمقراطي الكردي. انتقد المحاضر على عدم الحديث عن سياسات التمييز القومي والاقصاء التي تمارسها السلطات السورية باتجاه الكورد والآشوريين والأرمن وتحدث القيادي الكردي عن الغبن الواقع على الأكراد السوريين وعن حرمانهم من حقوقهم القومية وخاصة هؤلاء المجردين من الجنسية. وهنا قاطعه كمال وتساءل كما لو أنه محقق أمني استخباراتي، متسائلاً:المتحدث الكردي فيما اذا كانت الحركة الكردية السورية هي مع اقامة دولة كردية في الشمال العراقي أم لا ؟ طبعاً الأخ الكردي رد بالنفي وقال اذا كان أكراد العراق لم يطرحوا الانفصال عن العراق وقيام دولة كردية فكيف لنا نحن أكراد سوريا أن نطرح مشروع الدولة الكردية.

وبعدها طلب من الكاتب الآشوريquot;سليمان يوسفquot; بصفته من الحركة الآشورية التفضل بالتحدث وتقديم مداخلته. وهنا كانت الصدمة الثانية التي صعق بها الحضور. فقد قام العديد من البعثيين، ومعهم اعضاء من شعبة مدينة القامشلي لحزب البعث، واعترضوا محتجين واتهموا ادارة المركز بالانتقائية في اختيار المتداخلين من الكرد والآشوريين واقصاء الآخرين علماً انه قيل لهم ان هناك من الوقت الكافي ليتداخل ويتحدث من يريد لكن اصر البعثييون على منع استكمال سليمان مداخلته وعلى اثر هذا الاحتجاج طلب المحاضر من الكاتب سليمان يوسف بأن لا يتحدث لكن اصر يوسف على تمسكه بحقه بالمداخلة وبدأ يتحدث:عن المغالطات السياسية والتاريخية الكثيرة التي وقع فيها المحاضر خاصة في موقفه السلبي من قضية الأقليات القومية وتخوينه لها ،محتجاً على قول المحاضر بأنها صاحبة مشاريع تخريبية في المنطقة مضيفاً أن الأنظمة القائمة هي من تتحمل مسؤولية تدهور أوضاع المنطقة. وهنا سارع أحدهم وبتوجيهات... على قطع الميكرفون من الجهاز الاذاعي فعم السخط والاستياء الشديدين في القاعة ودبت الفوضى في القاعة وصفق غالبية الحضور بحرارة تضامناً مع ما قاله سليمان يوسف .... وخرج غالبية الحضور احتجاجاً على هذا التصرف والسلوك غير الديمقراطي وغير حضاري والمنافي للقيم الثقافية ولآداب المحاضرات.