لغة التآمر والتخوين تفعل مفعولها
المصالحة بين فتح وحماس تبتعد مع الوقت

خلف خلف من رام الله: بعدما اعتقد الشعب الفلسطيني لبرهة من الزمن، أن ساسته قريبون جدًا من توقيع المصالحة، وإنهاء الانقسام الحاصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة، تبخرت أحلامه، وذهبت جميع الآمال التي عقدها مع الريح، فلغة الاتهام والاستقطاب السياسي، عادت من جديد تطغى على خطاب حركتي فتح وحماس، ويلحظ المتابع لوسائل الإعلام أن تصريحات قادة الجانبين تنطوي على لهجة تخوينية، تنذر بمزيد من التوتر والصدام الداخلي، الذي بدأ يلوح بالأفق، منذ الإعلان عن تأجيل الحوار في القاهرة على أساس الوثيقة التي أعدتها جمهورية مصر العربية، وقدمتها للفصائل الفلسطينية، لتكون أرضية للمصالحة.

ونتيجة للتراشق الإعلامي الحاصل حاليًا بين الفصائل الفلسطينية المتصارعة، يرى محللون سياسيون وخبراء إعلاميون، أنه من الضروري تنقية الأجواء إعلاميًا، ووقف لغة التحريض والاستفزاز، المتداولة بشكل كبير في الإعلام الحزبي الفلسطيني، معتبرين أن هذا الأمر، لا بد منه، كخطوة أولى، لإزالة العقبات التي تقف في طريق عقد الحوار الفلسطيني الفلسطيني، والذي تعقد الآمال على نتائجه، لإنهاء الانقسام وترتيب البيت الداخلي الفلسطيني.

تقول د.زينات أبو شاويش، رئيس تحرير شبكة فلسطين للإعلام والدراسات، لـquot;إيلافquot;: quot;يجب أن يكون الإعلام ذا لغة رسالية، بعيدا من أي تنميط فئوي أو حزبيquot;. وتتابع: quot;أن حالة التشظي والانقسام المجتمعي، انعكست بدورها على وسائل الإعلام الفلسطينية، فتبارى كل فريق من خلال منابره الإعلامية يقوم بعمليات الشد والجذب التي يتبناها كل حسب وجهة نظره، وهي نسبية إذا أردنا الإنصاف في ذلك، جعل الآلة الإعلامية أسيرة حالة التنميط، وتبعد بدورها عن هدفها السامي النبيل الذي في الأساس، هو الرسالية، وليس الفئوية أو الحزبيةquot;.

وتوضح د.زينات، أن دراسة أعدتها هذا العام، كشفت عن نتائج مذهلة، ومن ضمنها، أن استطلاعا للرأي شمل عينة من اللاجئين الفلسطينيين في الدول العربية، أجري لغرض الدراسة، بين أن 78% من المستطلعة أراؤهم، يعتقدون أن الإعلام الفلسطيني عمق الأزمة الداخلية والانقسام.

أما المحلل السياسي الفلسطيني، حامد أبو ثابت، فيعقد أن الإعلام الفلسطيني لم ينجح في معالجة الأزمة الداخلية، فهو مثلا، لا يوضح ما هي أسباب الخلاف الحقيقية، بل يعتمد على نقل التصريحات والبيانات الصحافية، دون القيام بتحقيقات وتقارير مفصلة، تكشف عن خفايا الأمور، وتبين للمواطن ما هي أسباب الخلاف الحقيقة بين حركتي فتح وحماس، مشددًا في الوقت ذاته، على أن الصحافة مطلوب منها، أن تبحث عن نقاط الالتقاء، وترفدها بما يعززها، بما يقود إلى خلق جو يسمح بإطلاق الحوار.

وكانت التصريحات التي أطلقها الرئيس الفلسطيني محمود عباس في مهرجان إحياء الذكرى الرابعة لوفاة الرئيس ياسر عرفات في مقر المقاطعة في مدينة رام الله أمس الأول، والتي نعت خلالها حركة حماس بالخيانة، وطالب الجامعة العربية بتحمل مسؤوليتها، وإعلان الجهة التي أفشلت الحوار على الملأ ، فجرت موجة جديدة من التجاذب الإعلامي بين حركتي فتح وحماس، حيث ردت الأخيرة على تصريحات عباس ببيان شديد اللهجة.

كما خصص سعيد صيام، وزير الداخلية في الحكومة المقالة، وهو أيضا أحد أبرز قادة حركة حماس، خطابه الذي استمر نحو ساعة ونصف، لشن هجوم عنيف على الرئيس الفلسطيني، محملا إياه، المسؤولية عن الانقسام باعتبار أن الانقسام حدث في عهده، ووصف الكلام الذي جاء في خطاب الرئيس عباس بالمخيب للآمال.

وبدوره قال المتحدث الرسمي باسم حماس، فوزي برهوم أن quot;الرئيس (عباس) لم يتحدث كرئيس للشعب الفلسطيني, بل تحدث بصفة حزبية مقيتة بعد أن أفلس في إحداث وقيعة بين حماس وبين الفصائل الفلسطينية والدول العربيةquot;. وتابع برهوم: quot;حديث الرئيس عباس يوضح أنه لم يعد أمينًا على شعبنا وعلى حقوقنا وثوابتناquot;، وأضاف: quot;عباس يكشف عن مخططه الاستئصالي لحركة حماس ولا يمكن أن نبني على هذا الخطاب آمال وفرص لإنجاح الحوارquot;.

والحوار بين فتح وحماس، كان من المقرر أصلا إطلاقه في العاشر من الشهر الجاري، ولكن حركة حماس قاطعته بسبب عدم تلبية مطالبها، وأبرزها، عدم إطلاق سراح أنصارها ومعتقليها من سجون السلطة في الضفة. هذا فيما تواصل مصر مساعيها، لتذليل العقبات التي تعترض إطلاق الحوار، وكان رئيس وفد حركة فتح في القاهرة، نبيل شعث أعرب عن توقعه أن تنجح مصر في ذلك في غضون أسبوعين، ولكن الكثير من المراقبين يستبعدون ذلك، على الأقل بسبب ما تشهده الساحة الفلسطينية من تصريحات واتهامات شبه يومية بين قادة فتح وحماس.