طلال سلامة من روما: يُجمع المسؤولون في ائتلاف برلسكوني، أي ائتلاف الحرية الوسط اليميني، على أن الحالة التي تعيشها المحاكم الإيطالية خرجت عن سيطرة القضاة. وللمرة الأولى منذ تولي الفارس سيلفيو برلسكوني السلطة هنا، يلاحظ المراقبون تعاطفاً من بيار فرديناندو كازيني، زعيم حزب اتحاد الديموقراطيين المسيحيين، مع موقف الائتلاف الحاكم. في الوقت الحاضر، تشهد مدن ايطاليا الجنوبية حرباً نوعية لا ترى القضاة ضد زعماء المافيا إنما تتمثل في حرب بروتوكولية حقيقية بين محكمة وأخرى.

ويبرز على الساحة السياسية والقضائية الآن ما يحدث حالياً بين محكمتي مدينتي quot;كاتانزاروquot;(الواقعة في كالابريا) وساليرنو وهي مدينة تاريخية شهدت أول عملية إنزال أميركي في أربعينات القرن الماضي لتحرير ايطاليا من الفاشيين. فبين عمليات تفتيش طالت هاتين المحكمتين، قررتها كل محكمة على حدا بحق الأخرى، وشهدت محرك مد وجذر بيروقراطي آل الى إذلال بعض القضاة عبر التهجم الكلامي عليهم من قبل مجموعة من المفتشين القضائيين، يرى رئيس الجمهورية جورجو نابوليتانو نفسه عاجزاً عن رسم الخط الأحمر بين المحاكم الإيطالية. وقد يُترجم هذا العجز بإعطاء اللوبي القضائية الضوء الأخضر لإشعال ثورة في أوساط القضاة يتساءل الجميع هنا من سيستطيع إطفائها!

من جانبه، يسارع الحزب الديموقراطي اليساري الى إبداء استعداده للجلوس مع ائتلاف برلسكوني حول طاولة عمل مشتركة للبت في أمور أضحت خارج سيطرة الأحزاب الوطنية. في هذا الصدد، يبدي برلسكوني رغبته في تقديم بعض التنازلات أمام اليساريين للإقرار بإصلاحات مصيرية في القطاع القضائي والعدالي.

في أي حال، فان اقتراب حزب كازيني من خطة حل إصلاحية شاملة يقودها أمامياً ائتلاف الحرية اليميني تبشر بالخير. فكازيني حل محل أنتونيو دي بياترو، زعيم حزب قيم ايطاليا، ولو بصورة غير رسمية، كحليف مخلص لفالتر فلتروني زعيم المعارضة. بمعنى آخر، فان خطوة كازيني هي الحافز الرئيسي الذي سيلجأ إليه فلتروني ربما لفتح نافذة حوار أوسع مع خصمه السياسي، أي برلسكوني. ومن المؤسف ما اشتق سلبياً من علاقات فلتروني مع برلسكوني بعد فوز الأخير بالانتخابات السياسية في شهر أبريل(نيسان) الماضي. إذ ان هذه العلاقات كانت ودية عندما كان فلتروني عمدة روما مستقبلاً، لأكثر من مرة، سيلفيو برلسكوني في مكتب عمله. مع ذلك، فان الهزيمة الشنعاء التي تكبدها اليساريون في هذه الانتخابات قلبت بارامترات هذه العلاقات رأساً على عقب كي تتحول الى فخ حاقد ينتظر الفائز السياسي لتكريمه والخاسر لسحقه تحت قدميه.