كامل الشيرازي من الجزائر: حذر الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة مواطنيه من سنوات عجاف قادمة، وتحدّث بوتفليقة في معرض جولة قادته إلى جنوب البلاد، عما سماها quot;سنوات عجافquot; ستلي quot;السنوات السمانquot;، منبّها إلى حتمية توخي التقشف من خلال تصريحه:quot;ليس لدي دينار فائضquot;، في تصريحات قرأها مراقبون على أنّها إنذار من حاكم البلاد وإحالة على ما قد تتسبب به أزمة المال العالمية من تداعيات محلية في غضون الأعوام القادمة، خصوصا عندما قال:quot;حان الوقت ليشمّر الجزائريون عن سواعدهم لمواجهة الموقفquot;، علما أنّ الجزائر تتمتع بفائض ضخم من احتياطي النقد الأجنبي يصل حدود 140 مليار دولار بينها 53 مليار دولار مودعة في مصارف أميركية.

ولدى معاينته لمواقع متعددة في ولاية غرداية (650 كلم جنوب العاصمة)، خاطب بوتفليقة أهالي المنطقة بأنه لا يحمل إليهم هذه المرة أموالا (..)، في خروج منه عن تقليد كرّسه منذ سنوات عديدة، من خلال منحه أغلفة مالية خاصة للولايات التي يزورها، وبدا واضحا أنّ السلطات ورغم إعلانها عن إنفاق 5.4 مليارات دولار لإصلاح ما أفسده طوفان غرداية قبل ثلاثة أشهر، إلاّ أنّها على لسان وزير الداخلية نور الدين يزيد زرهوني، أكدت على أنّ ما جرى إقراره لصالح غرداية quot;استثنائيquot;، إذ تمّ التشديد على عدم ضخ أموال إضافية لباقي المناطق، وأشار زرهوني في تصريحات للصحفيين إلى أنّ البرامج المسطرة لدعم الولايات لن يعاد النظر فيها، علما إنّ كثيرا من هذه الولايات استفادت في الماضي من أظرفة مالية ضخمة مثلما كان عليه الحال سنتي 2003 و2004 والأعوام التالية.

وبوجه ما، تعدّ تصريحات بوتفليقة بمثابة تكذيب قاطع لما استبسل مسؤولون محليون في اجتراره خلال الفترة السابقة، فالوزير الأول الجزائري أحمد أويحيى تماما مثل وزيره للمال عبد الكريم جودي ومحافظ بنك الجزائر المركزي quot;محمد لكساسيquot; واظبوا على مدار الثلاثة أشهر الماضية في تطمين مواطنيهم والقول ببعد الجزائر عن أي انعكاسات وخيمة لأزمة الاقتصاد العالمي رغم وجود الاقتصاد المحلي في تبعية غذائية شبه مطلقة.

ورغم توفر الجزائر على احتياطي مريح من النقد الأجنبي، حيث وصل الشهر الفارط إلى أكثر من 138 مليار دولار، إلاّ أنّ كثيرا من الخبراء يحذرون من ارتهان مخططات النمو في البلاد، رغم توكيد سائر المسؤولين الجزائريين، على أنّ وقع الأزمة المالية التي ألمت بالبلدان المتقدمة سيكون محدودا على الاقتصاد الجزائري، وذهابهم إلى أنّ الجزائر في منأى عن هذه الاضطرابات على المدى القصير.

ويشدّد مختصون خلافا لتقديرات مسؤولين حكوميين، على أنّ الوضع الاقتصادي سيتأزم سيما مع الانخفاض المستمر لأسعار النفط وتراجع قيمة الدولار المعتمد محليا بكثرة على حساب اليورو، بجانب الانكماش الاقتصادي العالمي واضطرار الجزائر لاحقا إلى التصرف بالاحتياطات المالية، كما يحترز خبراء من عواقب اتكاء الاقتصاد الجزائري بـ96 بالمئة على البترول، بينما لا تزال السلطات متمسكة بعدم مراجعة سياساتها المالية والاقتصادية.