القاهرة تقود تحركاً سياسياً عاجلاً لمحاصرة التوتر الإقليمي
كواليس الوزاري الثلاثي وإلغاء زيارة سليمان لإسرائيل

نبيل شرف الدين من القاهرة: تشهد العاصمة المصرية نشاطاً دبلوماسياً محموماً بدأ منذ الساعات القليلة الماضية، ويتواصل على خلفية سلسلة من الأحداث في المنطقة، لا تبدو للوهلة الأولى مترابطة، غير أنها تصب جميعاً في اتجاه حالة من التأزم في المشهد الإقليمي، فبين التصعيد العسكري الإسرائيلي على قطاع غزة، الذي تسبب في إلغاء زيارة كان مزمعاً أن يقوم بها رئيس الاستخبارات المصرية لإسرائيل، وصولاً إلى ما يدور في كواليس عدد من العواصم العربية في إطار الترتيبات الخاصة بقمة دمشق العربية، وارتباط ذلك بالأزمة السياسية في لبنان، ومدى التوصل إلى صيغة توافقية بين الفرقاء قبل انعقاد القمة العربية. وبينما أعلنت القاهرة أن وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس ستصل إلى مصر يوم الثلاثاء المقبل في مستهل جولة لها في الشرق الأوسط، فقد أكد مصدر سياسي في القاهرة صحة الأنباء التي أكدت إلغاء زيارة كان من المقرر أن يقوم بها الوزير عمر سليمان رئيس الاستخبارات المصرية إلى إسرائيل، وذلك على خلفية التصعيد العسكري الإسرائيلي في قطاع غزة.

على صعيد متصل عقد وزراء خارجية كل من مصر والسعودية والأردن اجتماعا مفاجئاً في القاهرة ليلة أمس لم يعلن عنه من قبل، واكتفى المتحدث باسم الخارجية المصرية بالقول إن الاجتماع ناقش آخر المستجدات على الساحة العربية، حيث تم التطرق إلى التطورات الخاصة بالأزمة اللبنانية والأحداث على الساحة الفلسطينية، غير أن مصادر مطلعة أفادت بأن اتفاقاً جرت بلورته بين الوزراء الثلاثة بشأن ربط المشاركة في قمة دمشق وتعاون الأخيرة الجدي في حلحلة الأزمة السياسية اللبنانية.

الوزاري الثلاثي

وكان عمر سليمان رئيس جهاز الاستخبارات المصرية يعتزم زيارة إسرائيل بهدف دفع مبادرة مصرية جديدة لتهدئة الوضع بين مصر وغزة وصفقة إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي الأسير جلعاد شاليت، وكان مقررا أن يلتقي سليمان كلا من رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت، ووزير الدفاع إيهود باراك، ووزيرة الخارجية تسيبي ليفني، وهي الزيارة التي تأتي عقب محادثات جرت بين مسؤولين في جهاز الاستخبارات المصرية وحركة حماس الفلسطينية.

أما على صعيد قمة دمشق العربية تتردد أنباء في أوساط الدبلوماسيين في جامعة الدول العربية عن رفض السعودية تلقي الدعوة من سورية لحضور القمة العربية المقبلة، بينما ربطت القاهرة صراحة على لسان الناطق باسم الرئاسة المصرية سليمان عواد بين التوصل إلى انتخاب رئيس لبناني ونجاح تلك القمة، غير أن مصادر الجامعة العربية استبعدت نقل القمة العربية من دمشق إلى القاهرة، وأكدت أن الجامعة العربية تسعى حثيثاً من خلال الزيارات المكوكية التي يقوم بها موسى إلى سورية ولبنان لتهيئة الأجواء لانعقاد القمة في مكانها وموعدها المحددين.

وعقب اجتماع وزاري مفاجئ استضافته القاهرة ليلة أمس لكل من وزراء الخارجية المصري أحمد أبو الغيط، والسعودي الأمير سعود الفيصل، والأردني صلاح الدين البشير، اكتفى المتحدث باسم الخارجية المصرية بالقول إن هذا الاجتماع يأتي في إطار التشاور المستمر بين الدول الثلاث خاصة في ضوء اللقاءات التي عقدها قادة هذه الدول الأسبوع الماضي. ومضى المتحدث باسم الخارجية المصرية قائلاً quot;إن هذا الاجتماع جاء أيضا في إطار الإعداد للاجتماع الوزاري العربي المزمع عقده يوم الخامس من آذار (مارس) المقبلquot;، بينما قالت مصادر في القاهرة إن الاجتماع استهدف تنسيق المواقف بين البلدان الثلاثة بشأن طبيعة ومستوى المشاركة في قمة دمشق العربية، ومدى ارتباط ذلك بالاستجابة السورية لمناشدات التدخل لوضع نهاية للأزمة السياسية المزمنة في لبنان، وفض ارتباطها بالأجندة الإيرانية في المنطقة. يذكر أن عمرو موسى أمين عام الجامعة العربية بدأ زيارة لدمشق يلتقي خلالها الرئيس السوري، في محادثات وصفتها مصادر الجامعة بأنها تتركز على الإعداد لترتيبات القمة العربية، فضلاً عن الأزمة السياسية في لبنان.