المدنيون الفلسطينيون هدف شرعي للقتل الإسرائيلي
إسرائيل تلجا للقانون الدولي لتشريع قتل المدنيين

أسامة العيسة من القدس: بعد أن أوقف الجيش الإسرائيلي رسميا، عملية الشتاء الساخن، في غزة، حتى أعلن ايهود باراك وزير هذا الجيش، بأنه ينوي التحقق فيما إذا كان القانون الدولي يسمح بالرد على مصادر النيران التي تطلق من مناطق آهلة بالسكان المدنيين وان لجنة من مكتبه ستبحث هذا الأمر برئاسة وزير العدل الإسرائيلي، وهو ما رأى فيه الفلسطينيون تبريرا لما أطلقوا عليه quot;المجزرة الدامية التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي ضد السكان الأبرياء في قطاع غزة وإعطائها غطاءً قانونيًاquot;.

واتضح أن باراك، عندما أدلى بتصريحه، كان أمام مكتبه quot;دراسة قضائيةquot;، تبرر استهداف المدنيين، نشرت في إسرائيل باللغة الإنجليزية. واخطر ما جاء في هذه الدراسة، بالنسبة للفلسطينيين أنها توصلت إلى أن quot;القانون الدولي يعترف بأن قتل المدنيين أو إصابتهم بجروح قد يحدثان في نطاق عمليات عسكرية قانونيةquot;. وبان هذا القانون يشترط اعتبار عملية عسكرية قانونية بكونها موجَّهة ضد quot;هدف عسكري شرعيquot; وبكونها quot;متناسبةquot;.

وقدمت الدراسة تفسيرا لمواثيق جنيف، مريحا جدا لإسرائيل، وهي المتهمة بعدم احترام هذه المواثيق، وترفض الالتزام بالقرارات الدولية، فحسب الدراسة quot;إذا كان هدف عسكري- مثل قاذفة صواريخ أو مخزون للأسلحة- يقع وسط منطقة مدنية, فهو لا يزال هدفًا عسكريًا شرعيًا. أما المسؤولية عن الإصابات من ضمن المدنيين والناجمة عن كونهم دروعًا بشرية فتقع على الجهة التي تعرض المدنيين للخطر عمدًا.

أما فيما يتعلق بمصطلح التناسب الذي أشارت إليه الدراسة، وهو مصطلح نسبي إلى حد بعيد، تقول quot;يتطلب القانون الدولي أن تكون أي عملية عسكرية quot;متناسبةquot; مع الفائدة العسكرية المتوقعة من تنفيذ العملية. وفي ضوء هذا التقييم, فإن التناسب لا يقاس بالمقارنة مع أي اعتداء واحد, ولكن في ضوء التهديد الشامل الذي يواجهه الجانب الذي يقوم بالرد. إن ذلك الحساب معقد وصعب والقانون الدولي يثق بأحسن قرار يتخذه القائد في الميدان في غمار النزاعquot;، وهو ما يعني عمليا ان أي قائد عسكري يستطيع ان يرتكب اية مجزرة ويقرر الغطاء القانوني لها.

وقالت الدراسة بان إسرائيل تبنت quot;هذه المبادئ من قانون النزاع العسكري, وهي تطبقها عند التدريب العسكري ومن الناحية الفعلية على حد سواء. وكثيرًا ما تلغى عمليات عسكرية مخططة لأن احتمال إصابة المدنيين قد لا يتناسب مع الأهداف العسكرية للعمليةquot;. وأضافت quot;إذا نظرنا إلى ما يحدث على الساحة الدولية, تأكدنا من أن الخطوات التي تتخذها إسرائيل وتعاملها مع مبدأ التناسب, تتماشى مع الخطوات التي تتخذها معظم الدول الغربية التي تواجه التهديدات المماثلة أو تكون حتى أشد صرامة منهاquot;.

وتثير الدراسة التي وضعت على مكتب باراك، أسئلة في غاية الأهمية، من ضمنها ما يتعلق بماهية quot;الهدف الشرعيquot; الذي يمكن استهدافه ردًا على quot;اعتداء إرهابيquot;؟ وكيف يمكن التحديد إذا كان رد غير متناسب؟ وردا على ما أعلنه باراك، للاستعانة بالقانون الدولي لتبرير استهداف المدنيين الفلسطينيين، قال النائب في المجلس التشريعي الفلسطيني عيسى قراع quot;ان هذه المحاولة تثير السخرية لأن حكومة إسرائيل ومنذ احتلالها عام 1967 لم تلتزم ولا أي مرة بالقانون الدولي الإنساني، بل لم تعترف بانطباق اتفاقيات جنيف على الأرض المحتلة وتصدت لكل المحاولات التي تدعو إلى تطبيق القانون الدولي الإنساني في الأراضي الفلسطينية المحتلةquot;.

وأضاف قراقع، بان quot;حكومة إسرائيل تعتبر قطاع غزة quot;كيانًا معاديًاquot; في الوقت الذي تحتله وتسيطر عليه فعليا، فقطاع غزة محتل وواقع تحت السيطرة الإسرائيلية من كافة الجوانب مثل باقي الأراضي الفلسطينية المحتلة، وان تنصل إسرائيل السياسي من قطاع غزة وانسحابها أحادي الجانب لم تؤد إلى انسحاب الاحتلال والحصار ووقف العدوان المتواصل وبالتالي فهي ملتزمة باحترام قواعد القانون الدولي الإنساني وتتحمل المسؤولية الكاملة في صورة الإخلال بتلك القواعدquot;.

ومن بين هذه القواعد كما يشير قراقع quot;ورد في المادة (6) من اتفاقية جنيف الرابعة التي تنص على أنه يتوقف تطبيق هذه الاتفاقية في أراضي أي طرف في النزاع عند انتهاء العمليات الحربية بوجه عام) وان (دولة الاحتلال تلتزم بإحكام مواد أساسية للاتفاقية طوال مدة الاحتلال ما دامت هذه الدولة تمارس وظائف الحكومة في الأراضي المحتلة)quot;.

ورأى قراقع بان quot;امتناع حكومة إسرائيل عن تطبيق أحكام الاتفاقية على الأراضي الفلسطينية المحتلة من إعفاء إسرائيل من المسؤولية الدولية عن كافة الأفعال والتصرفات والذي يمثل القيام بها خرقاً وانتهاكًا ثابتًا لأحكام ومبادئ الاتفاقيةquot;. وأوضح قراقع، بان استخدام القوة الهائل من قبل إسرائيل والذي أدى إلى مجازر فظيعة في قطاع غزة جرمته المادة الثامنة في الفقرة الرابعة من ميثاق الأمم المتحدة التي أكدت على تجريم الحرب والاستخدام غير المشروع للقوةquot;.

واعتبر قراقع، ان بحث إسرائيل عن نص قانوني quot;يسمح لها بسفك دماء السكان المدنيين سابقة خطيرة لم تحدث في التاريخ ومحاولة لخداع المجتمع الدولي لكسب التأييد والحشد لصالحها وتجنب الاستنكار الدولي لها وحتى تتملص من الالتزامات القانونية على أفعالها الخطيرة في قطاع غزةquot;.
واكد أن جميع الأفعال التي تنفذها quot;إسرائيل في قطاع غزة مخالفة لاتفاقيات جنيف الرابعة لعام 1949 وخاصة المادة 147 من الاتفاقية الرابعة والتي تعتبر هذه الأفعال جرائم حرب سواء الحصار والتجويع وعدم تقديم الخدمات للقطاع وفرض الحصار الاقتصادي والبري والبحري وتجويع السكان المدنيين والقتل العمد والاغتيالات والتصفيات الجسديةquot;.

ورأى قراقع أن اتفاقيات جنيف الأربع تنص على حماية المدنيين حتى في أوقات الحرب وكذلك قواعد لاهاي لعام 1907 وميثاق بريان كيلوغ لعام 1928، مشيرا إلى أن إسرائيل رفضت أيضًا العديد من قرارات مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة التي تنص على وجوب تطبيق اتفاقيات جنيف على الأراضي المحتلة.

وقال قراقع بان quot;أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة المحتلين منذ عام 1967 من قبل القوات الإسرائيلية لا يزالان يحملان هذه الصفة حسب قواعد القانون الدولي على الرغم من توقيع اتفاقيات أوسلو وقيام السلطة الوطنية، لأن قوى الاحتلال ما زالت تسيطر عليها بسلطان القوة العسكرية وإجراءات الأمر الواقعquot;.

واضاف بان quot;قوات الاحتلال ما زالت تسيطر على معظم محاور سيادة السلطة الوطنية من أمن ودفاع وإدارة اقتصادية ومن حيث التحكم في دخول البضائع والأشخاص من والى الأراضي الفلسطينية المحتلة وان وجود السلطة لا يعفي حكومة الاحتلال من مسؤولياتها وتحمل أعباء استمرار احتلالها للشعب الفلسطينيquot;.