الياس توما من براغ: عاد رئيس الحكومة التشيكية ميريك توبولانيك إلى الدفاع عن مواقف إسرائيل واعتداءاتها على الفلسطينيين معتبرا أن جوهر الصراع في الشرق الأوسط لا يكمن في الاحتلال الإسرائيلي للأرض العربية وإنما في المواجهة بين ما اسماها بقوى الفوضى والعنف والخوف من جهة وبين قوى النظام من جهة أخرى.

وجاء في مقال كتبه اليوم في صحيفة quot; ملادا فرونتا quot; بعد عودته من زيارة رسمية قام بها إلى إسرائيل مطلع الأسبوع الحالي بان إطلاق حركة حماس 7000 صاروخ من نوع قسام خلال السبعة أعوام الماضية على بلدة سديروت الإسرائيلية يمثل الوجه الحقيقي للعنف الذي لا نهاية له في الشرق الأوسط غير انه رأى بأن الصراع القائم ليس دينيا أو بين قوميات ولا حتى بين دول وإنما ناجم عن غياب القوى التي تحظى بالاعتبار والتي يمكن لها منع ما أسماه بقوى الفوضى من ارتكاب الشر.

واعتبر أن الصواريخ التي تطلق على سديروت ليست موجهة ضد الإسرائيليين فقط وإنما ضد الفلسطينيين وضد الناس الذين يريدون العيش بسلام والذين يهتمون بقيام السلام والنظام والأمن . وأضاف أن القصف لم يتوقف على سديروت على الرغم من انسحاب الإسرائيليين من غزة الأمر الذي يعد دليلا جديد حسب رأيه على أن مهاجمي حماس لم يكن هدفهم أبدا أن يحكم الفلسطينيون بأنفسهم وإنما إثارة الفوضى والقلاقل ومنع حلول نظام يجعلهم مع مموليهم من إيران خارج اللعبة .

وتابع : عندما ينتقد العالم عمليات الرد الانتقامي الإسرائيلية ضد المتطرفين من حماس فانه ينسى التفريق بين الأسباب والنتائج فالدولة اليهودية حسب قوله لن تحتاج إلى التدخل في قطاع غزة لو أن السلطة الفلسطينية استطاعت منع الهجمات الإرهابية المنطلقة من أراضيها.

واعتبر أن حل المشاكل يبدأ بإزالة أسبابها وليس نتائجها وأنه من الضروري على السلطة الفلسطينية أن تبدأ بالعمل كسلطة تحظى بالاعتبار وكي تثبت بأنه لن يتم تحويل الأراضي الفلسطينية إلى مصدر تهديد للجيران . ورأى انه في الصراع القائم لا يتواجد الفلسطينيون بمواجهة الإسرائيليين وإنما قوى الفوضى بمواجهة قوى النظام.

وينتمي إلى الصنف الأول الذي ينشر الفوضى والخوف والعنف حسب قوله حماس التي quot; تقاتل ضد حكومتها الفلسطينية وإيران التي تدعم هذه المنظمة الإرهابية وحزب الله الذي يرهب لبنان وأيضا سورية راعية هذه المجموعات المقاتلة إنهم هؤلاء جميعا الذين يوافقون على هذه الهجمات أو لا يمنعون تنفيذها على الرغم من مقدرتهم على ذلك quot;.

ورأى أن من يمثل قوى النظام الملك الأردني عبد الله الثاني ورئيس الحكومة الإسرائيلية أيهود اولمرت و الرئيس الفلسطيني محمود عباس وكل من يدين العنف والذين يسعون إلى فرض النظام والالتزام بالقوانين.

ثم يتساءل كيف يمكن أن تنتصر قوى النظام على قوى الفوضى؟ ويجيب : تعجبني فكرة الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز التي تقول بان السياسيين يخفقون بشكل متكرر في إيجاد الحلول ولذلك يتوجب أن يحل بدلا عنهم رجال التجارة والأعمال فالضغوط الاقتصادية بالذات هي القوة الفعالة التي تجبر الناس على الالتزام بالقواعد حسب رأيه. ويضيف أن الأمر بسيط فعندما سيكون بامكان الناس تطبيق سيارات فإنهم لن يركبوا أو يطبقوا الصواريخ وعندما سيكون بامكانهم الاهتمام بازدهارهم الشخصي فلن تكون لديهم أفكار ا لتدمير ازدهار سكان سيدروت.

ورأى أن الأراضي الفلسطينية تحتاج إلى شرطة فعالة وقضاء فعال وحكومة واحترام لسلطة شرعية ولهذا فإن بلاده تدرب عناصر شرطة فلسطينية وتبني شبكات كهرباء لعشرات الآلاف من الفلسطينيين ، كما أن الفلسطينيين يحتاجون إلى شبكة مكثفة من العلاقات التجارية مع العالم المحيط بهم وفي مقدمته إسرائيل ولهذا تحدث في إسرائيل حسب قوله عن ضرورة إزالة العراقيل أمام البضائع الفلسطينية.

ويرى مراقبون عرب في براغ متابعون للشأن السياسي التشيكي أن هذا المقال يؤكد من جديد أن السياسة التشيكية الرسمية تجاه الأوضاع في الشرق الأوسط لا تتصف بالتوازن كما يتحدث عن ذلك مسؤوليها وإنما تميل بقوة إلى جانب إسرائيل ولذلك نبهوا إلى أن إسرائيل ستحاول خلال الرئاسة التشيكية للاتحاد الأوربي مطلع العام القادم الحصول على مزيد من المواقف لصالحها وعلى حساب الفلسطينيين والعرب الأمر الذي لوح به توبولانيك خلال زيارته الأخيرة إلى إسرائيل حين قال بان بلاده لن تتحاور مع حماس خلال رئاستها للاتحاد الأوربي وأنه يتفهم quot; رد الفعل quot; الإسرائيلي في إشارة إلى حصار غزة والاعتداءات المتكررة عليها.