التقرير السنوي للمجلس القومي لحقوق الإنسان
اعتراف حكومي بحزمة انتهاكات حقوقية في مصر


نبيل شرف الدين من القاهرة : جاء التقرير السنوي الرابع للمجلس القومي المصري لحقوق الإنسان وهو كيان حقوقي أنشأته الحكومة المصرية ليعترف بعدة انتهاكات حقوقية ، في صدارتها انتشار ظاهرة التعذيب وسوء المعاملة في أماكن الاحتجاز والسجون ، بالإضافة إلى محاولات الحد من حرية الصحافة باستخدام تشريعات تجيز حبس الصحافيين ، كما أعرب عن بالغ قلقه إزاء استمرار العمل بقانون الطوارئ ، وصياغة مشروع قانون مكافحة الإرهاب ، وفي هذا السياق فقد حذر التقرير الحقوقي من خطورة صدور هذا القانون من دون مناقشته وإبداء الرأي بشأن مواده تفصيلياً .

ودعا تقرير المجلس الحقوقي الذي أسسته الحكومة في تقريره إلى ضرورة إصدار قانون جديد لتنظيم الانتخابات ومباشرة الحقوق السياسية على أساس نظام القائمة النسبية ، اتساقا مع التعديلات الدستورية ، وتدعيما للمشاركة الحزبية والتعددية السياسية من ناحية ، ودافعا للممارسة الديمقراطية من ناحية أخرى .

وجدد تقرير المجلس الذي يضم شخصيات شغلت مناصب رفيعة في الحكومة المصرية من قبل التأكيد على ضرورة تفعيل الإشراف القضائي على السجون وأماكن الاحتجاز ، مطالبا بضرورة عرض مشروع قانون مكافحة الارهاب على المجلس القومي لمناقشته في جلسة خاصة لتحقيق مزيد من التوازن المطلوب بين أمن الوطن وأمن المجتمع ، وكفالة حقوق وحريات المواطنين ، وطرح نصوصه للنقاش على الرأي العام .

الرصد الكمي للشكاوى

أما في ما يتعلق بحجم الشكاوى التي تلقاها المجلس القومي المصري لحقوق الإنسان خلال العام الماضي ، فقد أشار التقرير إلى أنها بلغت 6676 شكوى مثلت وسيلة إرسال الشكاوى بالبريد الوسيلة الأكثر استخداما حيث وصل عددها إلى 2942 شكوى بنسبة 1ر41% من إجمالي الشكاوى التي تلقاها المجلس ، وجاء في المرتبة الثانية وسيلة الفاكس حيث وصل عدد الشكاوى إلى 1716 بنسبة 7ر25% .فيما مثلت الشكاوى الواردة عن طريق البريد الالكتروني من خلال شبكة الانترنت نسبة محدودة للغاية حيث لم تتعد 40 شكوى بنسبة 6ر0% .

وتصدرت القاهرة قائمة الشكاوى المقدمة حيث بلغ عددها 1099 بنسبة 5ر16% ، تليها الجيزة 469 شكوى بنسبة 7% ، ثم الإسكندرية 453 بنسبة 8ر6% ، وكانت أقل المحافظات في عدد الشكاوى محافظة البحر الاحمر 19 شكوى ، ثم جنوب سيناء 15 والوادي الجديد 24 شكوى .

وقد مثلت الحقوق الاقتصادية والاجتماعية نسبة أعلى حيث بلغت 40ر42% بعدد 2825 شكوى ، والحقوق المدنية والسياسية 29ر32% بعدد 2156 شكوى.

كما تلقى المجلس القومي لحقوق الإنسان شكاوى بعدم الاختصاص بنسبة 19ر22% بلغت 1482 ، وأخرى خاصة بقضايا عامة بلغت 49 شكوى، وشكاوى الحق في العمل من حملة المؤهلات العالية والمتوسطة 228 شكوى .وقد تراوحت ردود الجهات المعنية والوزارات المختلفة مابين عدم الاختصاص ودراسة الشكوى وأسبابها والرد على المجلس .

حرية التعبير

وبعد استعراضه لعدد من قضايا الرأي والتعبير، أكد التقرير أن حرية الرأي والتعبير هي ضمان لكل تطوير ديمقراطي وضرورة لإعلاء قيم المراجعة والتصحيح والنقد .وأقر التقرير القومي لحقوق الإنسان بأن التعديل التشريعي الخاص بإلغاء عقوبة الحبس في جرائم النشر لم يكن على قدر التطلعات إليه إذ مازالت هناك أفعال كثيرة يعاقب عليها بالحبس في مجال ممارسة حرية الرأي والتعبير .

ورأى المجلس في تقريره أن هذه الحرية ولو أنها حق أصيل من حقوق الإنسان لكنها لا ينبغي أن تكون على حساب حرية الحياة الخاصة وأن الحرية المسؤولة هي خيار ممكن ومطلوب .وعلى مستوى حرية الرأي والتعبير فإنه يرى أن التعديل التشريعي الخاص بإلغاء عقوبة الحبس في جرائم النشر لم يكن على قدر التطلعات إذ ما زالت هناك أفعال كثيرة يعاقب عليها بالحبس في مجال ممارسة حرية الرأي والتعبير.

حبس الصحافيين والدعاوى القضائية كانت أيضاً أحد ملفات المجلس فى تقريره حيث يعلن عن: قلقه الشديد وتخوفه الأشد من أي تراجع عن حرية الصحافة وحرية الرأي مع الشواهد الكثيرة على هذا ومنها إحالة الصحافيين على المحاكمة والإسراف في رفع الدعاوى القضائية عليهم والتي بلغت نحو 500 دعوى في العام الماضي فقط وكذلك حجب المواقع الإلكترونية .

ورأى التقرير ما يحدث أنه ضيق بالمساحة التي اكتسبتها حرية الرأي والتعبير، أشار إلى وثيقة الإعلام المزمع صدورها والتي وصفها بأنها (تقييد لحرية البث الفضائي) وأنها تستدعي إجراء حوار مجتمعي حولها للوصول إلى معالجة حقوقية وقانونية دقيقة ومتوازنة قبل التسرع في إضافة قيود جديدة تهدر حرية الإعلام .

وأكد المجلس القومي لحقوق الإنسان في تقريره أن ترسيخ و تعزيز قيم المساواة وتكافؤ الفرص والشفافية هي من ضرورات الوقاية من الفساد ومكافحته، مطالبا بسرعة إصدار قانون لاتاحة المعلومات وتداولها لاستحداث ما يلزم من نصوص ذكية لمواجهة حالات تضارب المصالح التي تحظرها اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد باعتبارها ضربا من ضروب السلوك غير المشروع وهي الاتفاقية التي صادقت عليها مصر لتعتبر بذلك جزءا من التشريع الوطني .

وأشار التقرير إلى أنه من واقع رؤية المجلس لشمولية منظومة حقوق الإنسان ككل لايتجزأ فإن حماية حقوق الإنسان الاقتصادية والاجتماعية تمثل حاجة ملحة، وأولوية ضرورية في ظل تزايد معاناة المواطنين وطالب بالتفعيل الصارم لقانون وآليات حماية المستهلك ومراقبة السلوك الاحتكاري في السوق، واتخاذ كافة الاجراءات والتدابير القانونية والإدارية لمواجهة الارتفاع غير المشروع للاسعار، داعيا في الوقت نفسه إلى القيام بحملة مجتمعية واعية ومنظمة لاعلاء قيمة التكافل الاجتماعي، وتحقيق التضامن الإنساني بين الفئات القادرة والفقيرة .

كما طالب بوضع خطة متعددة المحاور للقضاء على ظاهرة عمالة الاطفال الذين وصل عددهم إلى مليون و 700 ألف طفل .ونبه التقرير إلى ضرورة أن تتواصل مسيرة الاصلاح القانوني والسياسي في مصر والتي اعتبرتها الدولة إحدى أولوياتها .. مشيرا إلى أن هذا الامر جدير بالتواصل على طريق تحقيق المزيد من حماية وتعزيز هذه الحقوق والحريات .

توصيات ومقترحات

وخلص التقرير إلى القول إنه يقدر مجددا الاهتمام الذي توليه الحكومة لجهوده وأنشطته وأن مايصدره من أحكام وتقييمات لايصدر عن رؤية ذاتية، ويدرك أنه بحاجة في أداء رسالته إلى تفاعل سلطات الدولة معه، مضيفاً أن النهوض بحقوق الإنسان مهمة تفاعلية تشارك فيها الحكومة ومختلف الهيئات والمؤسسات ومنظمات المجتمع المدني .وأشار التقرير إلى مجمل التوصيات والمقترحات التي صدرت عن المؤتمر الذي نظمه المجلس في 25 نوفمبر الماضي حول quot;المواطنة في مصرquot; وكذلك إعلان المواطنة الذي أصدره المجلس ، وسرعة إصدار القانون الموحد لبناء وترميم دور العبادة ، وإجراء مراجعة تشريعية شاملة لتعديل أي قوانين تتضمن شبهة التمييز بين المواطنين على أساس الجنس أو العرق أو الدين أو الطبقة أو الفئة ، وضرورة إصدار قانون تكافؤ الفرص والمساواة وحظر التمييز .

وأوصى التقرير بإصدار قانون جديد لتنظيم الانتخابات ومباشرة الحقوق السياسية على أساس نظام القائمة النسبية إلى ضرورة أن يراعي القانون تنظيم ممارسة المصريين في الخارج لحق الانتخاب والمشاركة ، والنص في بنوده على تمييز ايجابي يضمن الحد الادنى لتمثيل المرأة في المجالس النيابية ، وإجراء الانتخابات بالرقم القومي .وشدد التقرير على أهمية تفعيل الإشراف القضائي على كافة الانتخابات العامة، والعمل على ترسيخ حقوق المواطنة المنصوص عليها في المادة الأولى من الدستور إلى تشريعات ولوائح وأنظمة إدارية وبرامج وخطط عمل على كافة المستويات .