قلق متزايدمن تحول الشلل السياسي الى عنف
واشنطن بوست: أسعار الأسلحة في لبنان ترتفع والتاريخ يعيد نفسه

بيروت: اشترى أبو عمر وهو تاجر عملات لبناني وأب لأحد عشر طفلا، عشر قطع اسلحة على الاقل، منذ بداية العام الماضي. وقال: quot; كل ما يمكنني الحصول عليه وثمنه في متناول يدى اشتريه. انا لا ابيع. اليوم هو وقت شراء الأسلحة quot;. العديد من اللبنانيين الذين يشعرون بقلق متزايد من تحول الشلل السياسي في البلاد الى عنف، يستعدون بالطريقة نفسها. وواحد من مقاييس قلقهم هو ثمن قطع الأسلحة الصغيرة: مدفع من طراز كلاشنيكوف الذي كان يباع بما يتراوح بين 75 الى مائة دولار قبل عام يصل ثمنه الآن الى ما يتراوح بين 600 دولار الى الف دولار. وحتى الأسلحة الأضخم والقديمة تزيد قيمتها، بما في ذلك قاذفات quot; ار.بي.جي quot; التي كانت تعتبر في يوم من الأيام quot; قمامة الأسلحة quot;، كما قال غسان قرحاني، وهو مقاتل سابق على دراية بسوق الأسلحة، يصل ثمنها الآن الى 500 دولار بعد ان كان لا يزيد على 50 دولارا، وهي quot;مفيدة في معارك الشوارعquot; كما قال غسان.

وبالرغم من اتفاقات نزع الأسلحة، فإن العديد من أعضاء الميليشيات اللبنانية يحتفظون بأسلحتهم. ويبدو ان الاحزاب مثل حركة المستقبل ذات الأغلبية السنية، وأنصار زعيم المعارضة المسيحي الجنرال ميشال عون، يشترون الأسلحة في الوقت الراهن. يقدر قرحاني الذي يعيش في مدينة طرابلس، ان نصف السكان في الأحياء السنية ذات الدخل المحدود لديهم اسلحة. وقال انه قبل عامين كان عدد من يمتلك اسلحة quot;محدودا للغايةquot;.

وطبقا لتجار الأسلحة والمشترين، فإن معظم الأسلحة في السوق اليوم، تعود الى فترة الحرب الأهلية وكانت مخزنة. أما الآن فيتم بيعها. وقال ابو عمر الذي رفض ان يقول اسمه الحقيقي، خوفا من ان تلقي الشرطة القبض عليه بتهمة الاتجار بالأسلحة من دون ترخيص، quot;يوجد تجار اسلحة في هذا البلد اكثر من عدد شعر رأسيquot;. وأضاف انه يشتري الاسلحة من quot;ثلاثة أطراف رئيسية: السوري والفلسطيني والشيعي في ضاحية بيروت الجنوبيةquot;، وقال: quot;أتصل بهم واقول لهم ماذا اريد، ويأتون لي بالقطع. احيانا هم يتصلون بي عندما تكون لديهم قطع مميزةquot;.

وقال قرحاني معلقا: ان الحكومة تعرف كل شيء، وتعرف من يبيع ومن يشتري. وأضاف قائلا: ان السياسة الآن تقوم على أساس السماح للناس بامتلاك أسلحة، ما داموا لا يستخدمونها ضد بعضهم بعضا. وتبدو الحكومة غير قادرة على وقف انتشار الحصول على الأسلحة، إذ ان الدولة لم تسمح بالأسلحة من مخيمات اللاجئين الفلسطينيين ولم تنزع سلاح حزب الله. ويقول تجار السلاح، ان أحداث يناير (كانون الثاني) أدت إلى إنفاق كثير من اللبنانيين على الحماية الشخصية. وكان الإضراب الذي أعلنته المعارضة، قد أعقبته مناوشات بعد يومين بين عناصر شيعية وسنية في حي طريق الجديدة.

ودفعت أعمال العنف بيروت إلى حالة اقرب إلى حرب الأهلية، إذ اعتلى القناصة أسطح البنايات، وانتشرت الدبابات في بعض الشوارع، واضطرت المخاوف من اندلاع حرب أهلية القادة اللبنانيين إلى تهدئة مؤيديهم، إلا ان التوتر لا يزال مستمرا بين الشيعة والسنة. وقال أسعد السبع ان طريق الجديدة كان بمثابة صفعة في وجوههم، وأضاف قائلا ان ما حدث كان بمثابة أول تحذير، إذ احرقت سياراتهم ورشقت منازلهم بالحجارة.

ويقول السبع انهم أدركوا انه كان يتعين عليهم، الاعتماد على أنفسهم لحماية حيهم السكني وأسرهم وممتلكاتهم. قال السبع أيضا، ان بيروت لها سكان ولن يسمح للآخرين باحتلال المنطقة الشيعية في وسط بيروت. وقال أبو عاطف علاوية، 50 عاما، وهو من سكنة زاروب التمليس، الحي الصغير في منطقة طريق الجديدة ذات الأغلبية السنية، ان quot;الجميع لديهم بنادق.

وأنت ترى كل هذه البيوت وليس بينها ما ليس فيه خمس أو ست بنادق. واذا لم تصدقني بوسعك ان تنتظر لترى ما الذي يحدث في كل مرة يتحدث فيها زعيم في التلفزيونquot;. وقال حسين، وهو من مؤيدي حزب الله في منطقة زقاق البلاط الشيعية، ان quot;الحزب هو كل شيء بالنسبة لنا. هل تعتقد انهم يعرفون كيف يقاتلون؟quot;، مشيرا الى مؤيدي الحكومة، ومضيفا انه quot;في حرب حقيقية لن يطول الأمر بهم أكثر من نصف ساعةquot;. ويشعر الأغنياء والفقراء بالحاجة الى شراء الأسلحة. وقالت ندى، وهي من سكنة حي كليمنصو، انها كانت مندهشة عندما أعطاها والدها أول مرة بندقية، وطلب منها الاحتفاظ بها في البيت. أما الآن فإنها معتادة على الأمر. ومثل حسين رفضت إعطاء اسمها الكامل.

وقال أسد شفتاري القائد السابق في ميليشيا قاتلت خلال الحرب، ان quot;هذا تاريخ يعيد نفسه. وعندما يشعر الناس بأنهم غير محميين ويخافون من الآخر، فإنهم يسعون الى حماية انفسهم، فيشترون البنادق، ومن تلك اللحظة يكون الطريق منزلقاquot;. وقال شفتاري انه يتذكر جيدا شراء بندقيته الأولى من شخص فلسطيني. وأضاف quot;كان عدوي، وكلانا يعرف ذلك، ولكن هكذا هي الحياةquot;.

وقال quot;كان شعورا رائعا ان يحمل المرء بندقية. ان ذلك يجعله يشعر برجولة وبحماية أكبر، ولكن ما أن تمتلك بندقية، فإنك تبدأ معاملتها مثل طفل، فأنت تنظفها وتعتني بها، وتنتظر وقت استخدامها، وتريد أن تعرف كيف تعمل. ثم تستخدمها وهي تستخدمك، وتجد نفسك في الحرب على هذا النحو بالذاتquot;.