إيلي الحاج من بيروت: أكدت معلومات متطابقة من مصادر عالية المستوى لـ quot;إيلافquot; أن quot;حزب اللهquot; وضع منذ إطلاقه عملية السيطرة المسلحة على بيروت الغربية وبعض مناطق الجبل شرطا وحيداً لعدم توجيه مسلحيه نحو المناطق ذات الغالبية المسيحية في شرق بيروت وجبل لبنان الشمالي، هو التزام رئيس الهيئة التنفيذية لحزب quot;القوات اللبنانيةquot; سمير جعجع الهدوء وعدم محاولته مساعدة حليفيه رئيس quot;تيار المستقبلquot; النائب سعد الحريري ورئيس quot;اللقاء الديمقراطيquot; النائب وليد جنبلاط، سواء أكانت المحاولة بالعنف الناري أو بالمواقف النارية.وأوضح أحد هذه المصادر، طالباً عدم كشف اسمه، أن مرجعا كبيرا يقف على الحياد في المواجهات العسكرية والسياسية الدائرة في البلاد اضطلع بالدور الرئيس، بل الوحيد في التوصل إلى اتفاق على هذه النقطة بين المعنيين. وكشف أن المرجع نفسه نال تعهدا من قيادة quot;حزب اللهquot; بعدما أبلغته قرارها الصارم والذي لا رجوع عنه وغير القابل للمساومة بإطلاق ماكينتها الحربية ضد خصوم الحزب، أن تحصر العمليات العسكرية قدر الإمكان ولا تمددها خارج بيروت، وعدم التعرض للسراي الحكومي حيث يتحصن رئيس الحكومة فؤاد السنيورة وبعض الوزراء، ولمقري سكن رئيس quot;تيار المستقبلquot; النائب سعد الحريري ورئيس quot;اللقاء الديمقراطيquot; النائب وليد جنبلاط.

كذلك تعهدت قيادة الحزب سحب مسلحيها من الشوارع في أسرع وقت ومنع الإعتداء على الناس في منازلهم وأعمال السرقة والنهب للممتلكات. وطلب المرجع ألا تشمل الأعمال العسكرية شرق بيروت، وكان الجواب استمهالاً للمراجعة. وعندما وصل الرد كان مضمونه الموافقة ولكن بشرط وحيد هو ركون سمير جعجع والحزب الذي يترأسه quot;القوات اللبنانية إلى الهدوء التام . فوافق المرجع : quot;إتركوا جعجع عليّ، هل تضمنون الجنرال ميشال عون والوزير السابق سليمان فرنجية؟quot; وكان الجواب إيجاباً.

على هذا الأساس لم تسجل حتى اليوم quot;ضربة كفquot; في المناطق التي عرفت بـquot;الشرقيةquot; خلال الحرب الأهلية الماضية 1975- 1990 . وعلى غير عادة جعجع في الظروف العصيبة، قلّل الرجل من إطلاق التصريحات والمواقف السياسية وخفف من حدة نبرته وكذلك فعل مساعدوه ونوابه وعموم أركان قوى 14 آذار المسيحيين . واكتفت إذاعة quot;لبنان الحرquot; الناطقة باسم حزب quot;القواتquot; بنقل أخبار التطورات من دون تعليق عليها، في حين تمكن تقنيو quot;حزب اللهquot; من تعطيل الموقع الإلكتروني لquot;القواتquot; فانتقلت إلى موقع آخر.

ويلاحظ من يجول في منطقة عين الرمانة المتاخمة لمنطقة نفوذ quot;حزب اللهquot; الضاحية الجنوبية أن مراكز حزب quot;القواتquot; خالية لا ناس فيها ولا حياة، في حين أن الخط الفاصل بين الضاحيتين الشيعية والمسيحية إذا جاز التعبير يشهد تدابير أمن شديدة وكثيفة للقوى الشرعية لمنع أي احتكاك.

وتعدّ عين الرمانة معقلاً لأنصار حزب quot;القواتquot;، ومنها انطلقت شرارة الحرب الأهلية الماضية وبين شبانها وشبان المناطق الشيعية المجاورة تاريخ من الحساسيات والمواجهات الكبيرة والصغيرة.

وحصلت لقاءات بين مسؤولين في حزب quot;القواتquot; وquot;التيار الوطني الحرquot; الذي يترأسه الجنرال عون وحزب الكتائب لضمان الإستقرار وعدم التصادم وبقاء المناطق المسيحية مفتوحة لكل اللبنانيين وأمنها بتسلم الجيش اللبناني وقوى الأمن.

إلا أن خشية برزت بعد حادث حلبا السبت الماضي، حيث أدت مواجهة بين أعضاء الحزب السوري القومي الإجتماعي وأنصار quot;تيار المستقبلquot; إلى مقتل 11 قومياً داخل مقر حزبهم، إذ تخوّف قياديون أن يتحرك هذا الحزب للتنفيس عن احتقانه وغضبه في منطقة الكورة الشمالية الشديدة الحساسية ويصطدم بأنصار quot;القواتquot; وينجر أنصار quot;تيار المردةquot; وبعدهم quot;العونيونquot; إلى صراع مسلح لا يعود ممكناً ضبطه . وتبين حتى الآن أن هذه المخاوف ليست في محلها.

ويقول مناوئون لـquot;حزب اللهquot; أن نقل المشاكل والمواجهات إلى quot;الشرقيةquot; ليس في مصلحته ومصلحة حلفائه، ولا سيما الجنرال عون. ويذكّرون بأن quot;حزب اللهquot; أرسل مسلحين إلى تلة ال 888 حيث قتلوا في مواجهة مع أنصار الإشتراكي، معتبرين أنه اتخذ من ذلك الحادث الذي تسبب به ذريعة لشن هجوم عسكري على منطقة عاليه. مما يعني أن التعهد عدم مدّ العمليات العسكرية إلى خارج بيروت قد يكون بلا قيمة حقيقية.

وفي الواقع لا يمكن الركون إلى أن أي منطقة ستبقى في معزل عن النار إذا طال أمد الحريق. فلبنان بلد شديد التداخل وكل زاوية طائفية أو حزبية فيه سريعة الإشتعال. خصوصا أن هناك من يعتقدون بأنهم يصنعون تاريخه من جديد هذه الأيام بالحديد والقمع ولا يتوقفون عند ثوابت أدركها غيرهم واستوعبها بعد كثير من الدم والدمع.