نضال وتد من تل أبيب: تواصلت ردود الفعل الغاضبة في إسرائيل على نائب رئيس الحكومة، ووزير المواصلات، شاؤول موفاز، بعد أن هدد الأخير في مقابلة مع صحيفة يديعوت أحرونوت، بأن إسرائيل ستهاجم إيران في حال واصلت الأخيرة برنامجها النووي. فقد أعلن مصدر أمني، وصفَ بأنه رفيع المستوى أن تصريحات موفاز تفتقر إلى المسؤولية وأنها لا تتوافق ومواقف حكومة إسرائيل. وأكد هذا المصدر، وفق ما أوردته الإذاعة الإسرائيلية، الأحد، أن مشروع إيران النووي هو مشكلة عالمية وليس مشكلة خاصة بإسرائيل، كما أن من شأن الانتقادات التي تعالت في العالم لتصريحات موفاز أن تضر بمساعي إسرائيل بإقناع دول العالم بتشديد العقوبات المفروضة على إيران.
في المقابل أعلن مصدر رفيع المستوى، مقرب من ديوان أولمرت، أن أقوال موفاز لم تكن بالتنسيق مع رئيس الحكومة الإسرائيلية، وأنها لا تتماشي ومواقف الحكومة، مشيرا إلى أن أولمرت يدرك أن أجواء الانتخابات السائدة تؤثر على تصريحات وزراء الحكومة ورجال السياسة الإسرائيلية.
ولم يحظ موفاز بتأييد سوى من الوزير العمالي، بنيامين بن إليعيزر الذي قال هو الآخر إن إصرار إيران على تطوير قدرات نووية سيجر عليها هجوما إسرائيليا ن وإنه إذا أصر أحمد النجاد على تصريحاته بمحو إسرائيل من على الخريطة فسيتم محو إيران قبل أن يتحقق ذلك.
في المقابل شن نائب وزير الأمن الإسرائيلي، متان فيلنائي هجوما شديد اللهجة ضد موفاز متهما إياه بالعبث في القضايا الاستراتيجية الإسرائيلية وتوظيفها لخدمة مصالحه السياسية والحزبية الرامية لتعزيز مكانة موفاز داخل حزب كديما. واعتبر فلينائي في حديث مع الإذاعة الإسرائيلية أن تصريحات موفاز مرفوضة وأنه من الأفضل للحكماء في هذا الوقت أن يصمتوا ويتركوا قضايا الأمن الإسرائيلي للجهات المختصة بذلك.
ولم تقتصر ردود الفعل الغاضبة على تصريحات موفاز، باعتبارها تضر بالسياسة الخارجية لإسرائيل وموقف إسرائيل المعلن، بأن المسألة الإيرانية هي مشكلة عالمية يتعين على المجتمع الدولي أن يعالجها دون أن تكون إسرائيل رأس الحربة في هذا المضمار، على رجال السياسة بل جرت هجوما وانتقادات واسعة في الصحف الإسرائيلية، التي اعتبرت أن موفاز يعمل بدافع تعزيز فرص فوزه في الانتخابات الداخلية لحزب كديما، دون أن يلقي بالا لنتائج وإسقاطات تصريحاته.
وفي هذا السياق قال المحلل في صحيفة معاريف، بن كسبيت، أنه من الصعب أن نسخر من موفاز فهو رجل جاد وضابط جيد ورئيس سابق لهيئة الأركان ممتاز، بعيد عن ملذات الحياة...يعرف كيف يجمع حوله رجالا ممتازين، يعرف كيف يحدد الهدف، وعادة ما يحقق أهدافه. هو عادة رجل مسؤول، ونشيط وجاد، ولكنه فجأة وبدون مقدمات يكبو بمثل هذه الكبوة، وكل ذلك لماذا، من أجل الانتصار على تسيبي ليفني؟، في الأسبوع الماضي أبلغته عضو الكنيست مارينا سلودكين quot;إنه ليست كل الوسائل مباحة للوصول إلى السلطةquot; وهي لا تعلم كم كانت صادقة في حديثها.
ويمضي بن كسبيت ليقول إن موفاز، ارتكب فعلا لم يسبقه أحد إليه، فهو لم يطلق تصريحاته، في سياق quot;ليس للنشرquot; أو تحت عبارة quot;مصدر رفيع المستوىquot; وإنما أصر على ذكر اسمه ولقبه، يمكن التلميح للأمر، ويمكن استخدام استعارات وتورية في الحديث ولكن هناك أمور وبكل بساطة يمنع الحديث عنها علنا.لو كان موفاز اليوم وزيرا للأمن، لكان طالب بفصل وزير المواصلات على الفور، لأن الضرر الميداني الفعلي، والجماهيري العام والإعلامي الذي وقع بسبب تصريحاته هو جسيمquot;.
ويشير بن كسبيت إلى أن موفاز، الذي يتولى أيضا ملف الحوار الاستراتيجي مع الولايات المتحدة، كان أعلن بعد عودته ، قبل أسابيع من أخر جولة للحوار في واشنطن، وكرر في الجلسات المغلقة ضرورة توخي الحذر وأنه لا يجوز أن تتزعم إسرائيل المعسكر العالمي لوقف إيران، وأن كل الخيارات مطروحة على الطاولة لكن لا يجوز الحديث عن ذلك على الملأ.
وخلص بن كسبيت إلى القول: فجأة تحول أحمد النجاد إلى الضحية، وأصبحت إيران في حالة الدفاع عن النفس من خطر اليهود المجانين. صحيح أن موفاز أدلى بأقواله في سياق أوسع للكلام وأنه قصد أن يقول إنه فقط في حال فشل التحرك الدبلوماسي، وإذا ..لكن الصحافي في نهاية المطاف يبحث عن أقوى جملة ليضعها عنوانا، وعلى هذا العنوان يقوم ويسقط كل شيء بما في ذلك أسعار النفط وأيضا مصير موفاز نفسهquot;.
أما رافي روزينفيلد، فقد نصح هو الآخر في مقالة له في معاريف، موفاز بأن يعلم أنه في الميدان السياسي وخلافا للميدان العسكري والجيش، فإن الساسة يطلقون رصاصة واحدة ثم يترقبوا ما الذي سيحدث، ولا يفعلون كما في الجيش حيث يطلقون صلية كاملة من الرصاص، وإذا ما تم اللجوء إلى السلاح، فلا أحد يستخدم أداة quot;البوميرانجquot; التي ترتد إلى صاحبها. عمليا فإن موفاز هو أول المتضررين من تصريحه، فقد كان تصريحه هذا أحد أسباب ارتفاع أسعار النفط العالمية، وهو أمر، وإن كان ليس واضحا ما إذ1ا كان موفاز يتذكر أنه قبل كل شيء وزير المواصلات، وأسعار النفط العالمية تخص وزارته أكثر من أي وزارة أخرى.