تشويه عدد quot;الإكسبرسquot; عن إندماج المسلمين في فرنسا
الرقابة في لبنان: غباء وتخلف بخط أسود عريض

إيلي الحاج من بيروت: يظن كثيرون أن لبنان بلد حريات فكرية وثقافية وأنه رائد وطليع الدول العربية في احترام الرأي والتعددية ومجاراة الحداثة والتطور. صحيح ولكن إلى حد ما، لأن هناك دوماً وجها آخر أو قفا للظواهر. فحتى اليوم لا يزال ثمة quot; رقيب quot; في بيروت كما في زمن الخمسينات والستينات من القرن الماضي، يقبع في أحد مكاتب المديرية العامة للأمن العام ، شبه أمّي بالتأكيد يمارس عمله الروتيني بمزاجية ممزوجة بغباء قل نظيره. يحمل في يده قلم حبر صيني أسود سميك ويسمح لنفسه بأن يحدد للقراء اللبنانيين ما يجب ألا يقرأوه من الصحف والمجلات والكتب الأجنبية. وقد يستبدل قلم الحبر السميك بالمقص إذا شاء، يعمله في المقالات والصور، أو بالمنع النهائي لئلا تتشوّش أفكار القراء وتضطرب نفوسهم بسبب اطلاعهم على ما quot;لا يجبquot; أن يطلعوا عليه.

مناسبة هذا الكلام إن quot;الرقيبquot;، العائش فكرياً في العصور المظلمة، وقعت بين يديه أخيراً نسخ من مجلة quot; الإكسبرسquot; في عددها الماضي الذي عالج موضوع اندماج المسلمين في المجتمع الفرنسي في ملف- موضوع غلاف، حمل عنوان: quot;الإسلام، الحقائق المزعجةquot;، وتحته عناوين فرعية : quot;الإسلام والعنفquot;، quot;مصير النساءquot;، وquot;الحداثة مستحيلةquot;.

أفاقت الحميّة في رأس quot;الرقيبquot; المسكين، فعبّر بفظاظة عن استيائه من تناول هذه المواضيع ونشرها وتصديرها إلى الشعب اللبناني الآمن الخالي البالي والمطمئن والسعيد بعلك الأفكار نفسها إلى الأبد . مواضيع رغم أهميتها الشديدة ملّها الناس في كل الدول العربية، لكثرة تناولها في الصحف والمجلات والكتب وسيول الكلمات والأبحاث في المؤتمرات والندوات وبرامج وسائل الإعلام المحلية في كل بلد والفضائية العابرة للحدود والقارات . هكذا تناول قلم الحبر السميك وأخذ يشطب عشوائياً مقاطع هنا وهناك من نسخ المجلة، حاذفاً كل ما ظن واعتقد لجهله الفرنسية بالتأكيد، أنه يمكن أن يكون مسيئاً إلى معتقدات دينية.

والأرجح إن quot;الرقيبquot; في غمرة نشاطه غاب عن باله أن ثمة اختراعاً شيطانياً ابتدعه الغرب إسمه الكمبيوتر، وألحقه بعمل جهنمي آخر هو quot;شبكة الأنترنتquot; التي أطلقت عالم المعرفة المفتوحة مجاناً لكل الناس من أقصى الأرض إلى أقصاها. فيستطيع بسهولة من استهوته مواضيع المجلة الفرنسية المذكورة أن يطلع عليها كاملة على موقعها الألكتروني الذي يعجز رقيب الأمن العام اللبناني المسكين والمتخلف عن حجبه.

ولئلا يظن أحد أن رقيب الأمن العام منحاز إلى طائفة أو مذهب معين يجدر التوضيح والتأكيد أن quot;كلاquot;. إذ حدث أن بعض رجال الدين في لبنان انزعجوا من كتاب quot;شيفرة ديفنتشيquot; للمؤلف دان براون فسارع إلى منعه (النسخة المعرّبة فقط)، لكأن الكنيسة التي مضى عليها ألفا كنيسة يمكن أن يهددها كتاب بوليسي خيالي، وأحياناً يمنع كتاباً شعرياً، مثل quot;حديقة الحواسquot; للشاعر عبدو وازن لأنه يصف quot;حياءquot; المرأة، أو يقص صوراً من مجلات يعتبرها فاضحة حرصاً على أخلاق الناشئة ربما لئلا يعرفوا ماذا تخفي ثياب المرأة أو الرجل، كأن لا تلفزيونات في كل بيت ولا شواطىء ومسابح يذهبون إليها في المعتقل الصحراوي الذي اسمه لبنان.

وللتأكيد على عشوائية الرقابة ولا لزوميتها تنشر quot;إيلافquot; حرفياً المقاطع التي حذفها الرقيب اللبناني، وهي كلها تقع في إطار حرية الرأي لا الإساءة :

quot;- (...) إنها مناسبة لمقارنة القرآن وتقاليده بقيم الديموقراطية الحديثة، وكي نتطرق إلى مواضيع تثير الغضب.

- لكن المشكلة الأساس تكمن في كيفية تحديث وضع النساء في العمق من دون المس بالقرآن. وتعتبر عالمة الإجتماع ليلى بابس أن quot;رسالة الوحي المحرّرة تتناقض مع واقع المسلمين الذين لا يبرحون مستمرين في إطار تشريعي حُدد منذ أربعة عشر قرناً. وتوجب على رجال الدين لأن يعترفوا صراحة وعلانية أمام الجميع بأن بعض الآيات يجب أن يوضع جانباً. والوقت يستعجلنا.

-quot;الكفّار/ الملحدون لا خيار أمامهم سوى الإهتداء، أو النفي أو الموتquot;. إن الآيات التي تدعو إلى الحرب ترتبط أصلاً بسياق تاريخي محدد. فقد لجأ الرسول إلى المدينة عام 622 ميلادية بعدما طرده المشركون من مكّة المكرّمة، فأعلن الحرب عليهم.

للإطلاع على مواضيع ملف مجلة quot;الإكسبرسquot; كاملة : http://www.lexpress.fr/actualite/societe/religion/les-verites-qui-derangent_510630.html