نساء ينتظرن بفارغ الصبر زيارة أهاليهن في بلدانهن
الجزائريات ينتفضن في غزة بعد معاناة مزمنة
نجلاء عبد ربه من غزة: لم يعد بإمكان مئات الجزائريات اللواتي تزوجن من فلسطينيين وقدمن مع أزاوجهن إلى قطاع غزة، الصبر على عدم رؤية أهاليهن وذويهن في بلدهن المنشأ الجزائر. فقمن بتظاهرة رفعن خلالها الأعلام الجزائرية والفلسطينية، وطالبن الرئيسين الفلسطيني محمود عباس والجزائري عبد العزيز بوتفليقة بوضع حل لمعناتهن المستمرة منذ أكثر من عشر سنوات. وتواعدت فطيمة quot;30 عامًاquot; مع عددٍ من رفيقاتها أن يلبسن اللباس الجزائري التقليدي عصر اليوم التالي، ويتجمعن أمام ساحة الجندي المجهول... فما كان من صديقاتها إلا أن يتصلن بكافة أصدقائهن للغرض ذاته. وعصر اليوم التالي، كانت المفاجأة الرائعة بأن تجمعت مئات الجزائريات من مختلف مدن قطاع غزة في الساحة المشهورة وسط مدينة غزة، مع أطفالهن وأزواجهن.
وبدا المشهد، وكأن المظاهرة السلمية ذاتها تقع وسط العاصمة الجزائرية. فالتظاهرة العفوية التي لم يكن مخططًا ومعدًا لها بشكل جيد، جاءت أجمل ما يكون من نساء تزوجن فلسطينيين في الماضي، وأتين لقطاع غزة ليكملن مشوار حياتهن الذي إرتضينه لأنفسهن.
ففطيمة التي ربطتها علاقة بزوجها الحالي أسامة أبان فترة دراسته في أحد جامعات الجزائر تكللت بالزواج، عاد الشاب مع عروسه ليكونا حياتهما الخاصة، وأنجبت منه ولدين وطفلة، ليعيشا أجمل سنوات عمرهما. بيد أن إشتياقها لرؤية والدتها فاق كل التصورات بعد قرابة تسعة أعوام قضتها داخل فلسطين.
الأمر ذاته.. والإشتياق نفسه لرؤية الأهل والأخوات، عند مئات النسوة الجزائريات اللواتي إجتمعن باللباس الجزائري التقليدي الجميل والمميز، فخديجة أو ما يسمونها بالدلع، وهو ما أظنه quot;خدوجةquot;، تقول لإيلاف quot;أنتظر سماح إسرائيل لنا بالخروج من قطاع غزة بفارغ الصبر لرؤية والدتي التي تعاني مرضا قد يؤدي إلى وفاتها قبل أن أراها وأشبع عيني برؤيتهاquot;.
ويكاد الدمع ينزل من مقلتيها وهي تتحدث عن حنينها لرؤية مسقط رأسها. وتقول quot;صحيح أن زوجي لم يشعرني قط بغياب أهلي عني، فهو حنون جدًا ولطيف جدًا معي، لكن الأمر يتعلق بذكريات الطفولة وأهلي وإخوتيquot;.
وتقول سيدة لإيلاف، كانت تحتضن طفلين لم يتجاوز أكبرهما 5 أعوام، أنني لم أخرج من قطاع غزة منذ يوم دخلته، أي قبل 10 سنوات. وتضيف quot;إسرائيل منعت خروجنا من قطاع غزة منذ العام 2001م، أي في العام التالي من إنتفاضة الأقصى، فهي كانت تسمح لنا بالخروج، لكنها تقول لن تعودوا مطلقا، وهو الأمر الذي رفضناه بالبتة، فهم يريدون أن يفرقوا بيننا وبين أزواجنا وأطفالناquot;.
ومع دخول الإنتفاضة الفلسطينية في العام 2000م، توقفت إسرائيل عن إصدار بطاقات quot;هوياتquot; للفلسطينيين الذين لم يتمكنوا من الحصول على تلك الهوية، وباتوا يفتقدون اليوم لأوراق ثبوتية كالهوية وجواز السفر تمكنهم من السفر للخارج منذ أكثر من عشر سنوات. وهو ما عانت منه مئات الجزائريات وغيرهن من جنسيات مختلفة تزوجن بشبانٍ فلسطينيين.
وبعيدًا عن أجواء السياسة توقفت مع عشرات السيدات الجزائريات الفلسطينيات حول طبيعة وجمال اللبس الجزائري التقليدي الذي زين شارع عمر المختار الذي يتوسطه ساحة الجندي المجهول بجانب المجلس التشريعي الفلسطيني.
وتبتسم إحدى السيدات quot;كريمةquot; وهي تفتخر بلبسها الخاص. وتقول لـ إيلاف quot;إشتريت عدد من الفساتين الجزائرية الخاصة قبل مجيئي إلى غزة مع زوجي، ومع مناسبات العيد أو إجتماع نسائي جزائري نلبس هذا اللبس الجميل، ليذكرنا بأهلينا ومسقط رأسنا.
وناشدت مئات النساء اللواتي رفعن الأعلام الجزائرية والفلسطينية الرئيس الفلسطيني محمود عباس والرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة بالتدخل العاجل لإنهاء معاناتهن في غزة، والسماح لهن بزيارة أهليهن في الجزائر والعودة إلى غزة مرة أخرى.
وبين محاولة هؤلاء النسوة للحصول على أبسط حقوقهن، وهي رؤية ذويهن، بين مماطلة وعنجهية الإحتلال الإسرائيلي، يبقى الأمل يراوح آلاف الشبان الفلسطينيين للخروج إلى دول مختلفة والإلتحاق بجامعاتهم.
التعليقات