سوسيا (الضفة الغربية) : في التلال الحجرية الى الجنوب من الخليل يشكو رعاة الغنم الفلسطينيون من تكرار هجمات المستوطنين الاسرائيليين المتشددين الذين يتعدون على أرضهم.
وتقول جماعات فلسطينيية واسرائيلية معنية بالدفاع عن حقوق الانسان ان القوات الاسرائيلية نادرا ما تتدخل حتى ولو كانت موجودة في موقع الاعتداء. لذا يخرج الضحايا الان كاميرات فيديو صغيرة لتوثيق الانتهاكات وحث السلطات على التحرك.
وذكر مكتب الامم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية الذي سجل 222 حادثا في النصف الاول من العام الحالي 2008 مقابل 291 خلال عام 2007 بكامله أن عنف المستوطنين في تزايد.
وقال المكتب ان 23 حالة من حالات هذا العام ادت الى خسائر بشرية من الفلسطينيين.
ويقول الرعاة الذين يطلقون أغنامهم لترعى على السفوح الجافة لسوسيا في الضفة الغربية انهم يتحملون الاعتداءات منذ عام 1982 حين أنشئت مستوطنة اسرائيلية هناك تحتضن أشجارها ومنازلها ذات الاسطح الحمراء كرمة ترويها مياه بئر.
ويزرع الفلسطينيون بعض القمح والشعير والزيتون والعنب لكنهم خسروا مصادر المياه والمراعي لحساب المستوطنة. ويضطرون لشراء العلف للاغنام والمياه من شاحنات لبيع المياه لتكملة ما تستخرجه نساؤهم يدويا من ابار حجرية.
ولا توجد خطوط رئيسية للكهرباء. وليشاهدوا التلفزيون يوصلونه ببطارية سيارة يجري شحنها بواسطة طاحونة رياح صغيرة.
ويقول نصر نواجة (25 عاما) الذي جلس في خيمة مع مزارعين اخرين quot; يحاول المستوطنون اخافة الناس ويجبرونهم على الرحيل.quot;
وأضاف quot;السلطات الاسرائيلية تنفي هذا لكن باستخدام الكاميرات نستطيع أن نثبت ما يحدث وأن نجبرهم على القيام بعملهم.quot;
ويقوم نواجة بدور منسق الكاميرا مع جماعة بتسيلم الاسرائيلية المعنية بالدفاع عن حقوق الانسان والتي أطلقت مشروعا أطلقت عليه quot;الرد بالتصويرquot; العام الماضي لتشجيع تطبيق القانون والمحاسبة.
وقالت ساريت ميكائيلي المتحدثة باسم بتسيلم quot;الفكرة هي اعطاء الفلسطينيين التكنولوجيا والمعرفة لتوثيق واقع حياتهم وبالتالي يفضحون انتهاكات حقوق الانسان ورد الفعل او الاحجام عن رد الفعل من قبل السلطات الاسرائيلية.quot;
ونشرت بتسيلم عدة لقطات لانتهاكات استقطبت اهتمام وسائل الاعلام العالمية وأصابت الكثير من الاسرائيليين بالصدمة.
وفي السابع من يوليو تموز صورت فتاة فلسطينية من منزلها لقطات تظهر جنديا اسرائيليا يطلق طلقة مطاطية على قدم معتقل فلسطيني معصوب العينين وموثوق اليدين يقف الى جواره معتقدا أنه بهذا ينصاع لامر من قائد كتيبته.
وعانى أشرف ابو رحمة (27 عاما) الذي كان يرتدي حذاء سميكا من جرح طفيف في اصبع قدمه لكن حادث اطلاق الرصاص في نعلين لم يظهر الى النور الى أن نشرت بتسيلم اللقطات في 20 يوليو.
ومنذ ذلك الحين وجه الجيش الاسرائيلي الاتهام للفتنانت كولونيل عومري بوربرج والجندي quot;بالسلوك غير اللائق.quot;
وتقول ميكائيلي quot;وصفها وزير الدفاع بأنها حادثة خطيرة جدا وغير معتادة.. لكن جماعة بتسيلم تشير الى أن هذا ليس غير معتاد. اساءة معاملة المعتقلين شائعة جدا.quot;
واضافت مستشهدة بواقعة أخرى جرى تصويرها ان الشرطة وجهت اتهامات لثلاثة مستوطنين خطفوا فلسطينيا وقيدوه في عمود بمستوطنة في تلال الخليل في الخامس من يوليو.
وفي الثامن من يونيو كان ثلاثة فلسطينيين هم امرأة في الثامنة والخمسين من العمر وزوجها وابن شقيقها يرعون الغنم قرب سوسيا حين أمرهم مستوطنان يستقلان جرارا بالمغادرة. وحين رفضوا عاد أربعة رجال ملثمين وأوسعوهم ضربا بمضارب البيسبول.
وأدت اللقطات التي تسجل البداية الهجوم والموجودة على شريط لجماعة بتسيلم جرت مصادرته في موقع الحادث ونسخته الشرطة فيما بعد للجماعة الحقوقية الى اعتقال ثلاثة اشخاص مشتبها بهم في سوسيا.
وتقول ميكائيلي quot;من المستبعد أن تتم محاكمتهم وادانتهم على أساس هذه اللقطات لكن من الواضح أن الضغوط الجماهيرية هي التى دفعت الشرطة الى التحرك.quot;
ويظهر هذا الاعتداء أن التصوير ليس ضمانا ضد الهجوم. وقال نواجة المزارع الذي يملك كاميرا خاصة ببتسيلم انه صور ذات مرة مستوطنين وهم يضربون مزارعين بينما وقفت القوات متفرجة.
وتابع قائلا quot;حين عدت الى سيارتي جاء ثلاثة جنود وأخذوا الكاميرا الخاصة بي وأخذوا الشريط وألقوا الكاميرا على الارضquot; مضيفا أن أحدهم ضربه على أذنه قائلا quot;اذا أمسكناك تصور ثانية سنقيم حفلا في منزلك.quot;
وقال موسى ابو هشهش الباحث الميداني في بتسيلم ان الاسرائيليين حطموا كاميرا في تلال الخليل وثلاث كاميرات في مدينة الخليل في الاسابيع القليلة الماضية. وأضاف quot;لكن لا يزال هذا اكثر أسلحتنا فعالية فهو وسيلة للمقاومة السلمية.quot;
ويوجد في منطقة الخليل بعض اكثر مستوطني الضفة الغربية تشددا وكثيرا ما يحاولون توسيع نطاق المناطق التي يسيطرون عليها.
ويضيف نواجة quot;قبل الانتفاضة كان يسمح لنا باستخدام نحو 80 في المئة من أراضيناquot; مشيرا الى الانتفاضة الفلسطينية التي بدأت عام 2000. وتابع quot;الان هي أقل من 30 في المئة.quot;
واحتلت اسرائيل الضفة الغربية خلال حرب عام 1967. وتنظر القوى الدولية الى الاستيطان الاسرائيلي وفي بعض الاحيان الضم لاراضي الضفة الغربية على أنه غير مشروع.
وقال محمد نواجة (62 عاما) وهو مزارع يرتدي جلبابا رماديا وغطاء رأس أبيض ان اسرائيل رفضت منح تراخيص بناء للسكان المحليين حتى هؤلاء الذين يملكون سندات ملكية ترجع الى الحقبة العثمانية.
وأضاف quot;غير مسموح لنا بالبناء هنا حتى هذه الخيمة غير مصرح بهاquot; وروى تاريخا من النزاعات وقرارات المحكمة الخاصة بالمجتمع الصغير المتمسك بأرضه.
التعليقات