نائب الرئيس العراقي يدعو إلى وصفة وطنية تحل مشكلة كركوك
الأكراد متذمرون لرفع الأعلام العراقية على مقراتهم وإنذارهم بإخلائها

أسامة مهدي من لندن: عبرت الأحزاب الكردية عن تذمرها واستناكرها لإنذار القوات العراقية لها بضرورة إخلاء مقراتها في مناطق من محافظة ديالى خلال 72 ساعة، بعد أن رفعت القوات الأعلام العراقية فوقها، وأنزلت أعلام الأحزاب من عليها، وإعتبرت هذا الإجراء مخالفًا لسياسة الحكومة التي تتبنى التعددية السياسية وحرية العمل الحزبي.. بينما دعا نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي القادة السياسيين إلى البحث عن وصفة مناسبة لقانون انتخابات كركوك تحقق التوازن المرغوب في ادارة المحافظة عبر مشروع قانون متوازن ومتماسك يحسم بالتوافق الوطني بين الأطراف المعنية.

فقد قامت قوات من الجيش العراقي بإنزال أعلام الأحزاب الكردية من على مقرات الإتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس العراقي جلال طالباني والحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني والحزب الشيوعي الكردستاني في ناحية قره تبه التابعة لقضاء كفري بمحافظة ديالى شمال شرق بغداد. وقال نائب خليفة خليل مسؤول لجنة تنظيمات الإتحاد الوطني في قره تبه quot; قمنا برفع علم الإتحاد على مقرنا بعد أن اجرينا مباحثات مع هذه القوةquot;. وكانت القوات العراقية قد أنزلت ظهر أمس اعلام الأحزاب الكردية، وطلبت من قيادات هذه الأحزاب في المنطقة بإخلاء المقار تنفيذًا لقرار حكومي اصدره رئيس الوزراء نوري المالكي بإخلاء جميع الاحزاب التي اتخذت من مباني حكومية مقرات لها خلال شهر واحد في جميع انحاء العراق. وأضاف خليل ان القوات العراقية طلبت بإخلاء مقار الاحزاب الكردية في موعد اقصاه الثلاثاء المقبل كما قال في تصريح وزعه مكتب اعلام الاتحاد الوطني .

وعبر مدير ناحية قرتبة سيروان شكر عن أسفه لقرار الحكومة العراقية quot;التي تتبنى في خطابها السياسي التعددية السياسية وحرية العمل الحزبيquot; . وأضاف quot;القرار خاطئ ولا ينسجم مع مبادئ حرية العمل السياسي الحزبيquot; حسب تعبيره. كما أستنكر مسؤول تنظيم الاتحاد الوطني الكردستاني في قرتبة نائب خليفة خليل quot;أسلوب التبليغquot; وقال في تصريح لوكالة quot;نيوزماتيكquot; إن quot;مفرزة عسكرية داهمة المقر دون سابق إنذار وأنزلت العلم الأخضر ووضعت العلم العراقي بدلاً منهquot; . وأضاف أن quot;الأسلوب مدان، فقد جاء دون سابق إنذار وأهانوا علم الاتحاد، وبعد مناقشات واعتراضات على أسلوبهم أعادوا العلمquot; مشيرًا إلى انه quot;من المقرر أن تجتمع الأطراف السياسية في المنطقة اليوم الأحد مع آمر اللواء الرابع للجيش العراقي لتبليغه باعتراضات الأحزاب الكردية على قرار الحكومةquot;.

وأكد أن quot;جميع الأحزاب الأخرى غير الكردية الموجودة في الناحية تشغل مبان حكومية وقد استثنيت من القرارquot; معتبرا أن quot;ذلك إهانة للأحزاب الكرديةquot; .

من جانبه قال عضو الفرع 22 للحزب الديمقراطي الكردستاني ومسؤول تنظيمات قرتبة مصطفى وادي حسن إن quot;قوة أخرى من اللواء الرابع التابع للجيش العراقي والمتمركزة في المنطقة داهمت مقر الحزب ورفعت العلم العراقي على مبنى المقرquot; مطالبة عناصر المقر بإخلائهquot; . وأضاف أن quot;قوة الجيش العراقي رفعت العلم العراقي فوق المقر وأبلغتنا بإخلائه خلال 72 ساعة وبعكسه هددت بإخلائه بالقوةquot; حسب قوله، وعلق على الحادث بالقول quot;تغير برنامج اللواء الجديد من مطاردة الإرهابيين إلى طرد الأحزاب الكردية من المنطقةquot;. وقال quot;ابلغنا الجهات الحزبية (الكردية) العليا بتأزم الموقف هناquot;... مضيفًا أن quot;الأسلوب مرفوض ولا ينسجم مع المبادئ السياسية التي تتبناها الحكومة بخصوص إطلاق حريات العمل السياسيquot;.

وكان الحزب الشيوعي أول الأحزاب التي تم إبلاغها من قبل اللواء الرابع بإخلاء مقره الذي يقع داخل شعبة حزب البعث السابق. وقال سكرتير فرع خانقين للحزب جوهر شكورquot;كنا أول القوى السياسية التي دخلت الناحية بعد سقوط النظام واتخذنا من مقر شعبة حزب البعث السابق مقرًا لناquot; . واضاف أن quot;هذا القرار يأتي في غير أوانه، ويلقي على عاتق الحكومة مهمة توفير مقرات للأحزاب السياسية ودعمهاquot;.

يذكر أن مناطق خانقين، وقرتبة وجلولاء الواقعة شمال محافظة ديالى كانت واقعة تحت سيطرة اللواء 34 من قوات البيشمركة الكردية الذي استقدم من إقليم كردستان العراق العام الماضي بطلب من الحكومة الاتحادية العراقية والقوات متعددة الجنسية وتم استبداله بلواء من الجيش العراق بعد أسبوع من انطلاق عملية quot;بشائر الخيرquot; في محافظة ديالى اواخر الشهر الماضي.
ويضم اللواء 34 أربعة أفواج : فوجين من عناصر الحزب الديمقراطي وفوجين من عناصر الاتحاد الوطني . وكان المتحدث باسم وزارة الدفاع العراقية اللوء محمد العسكري قد اعلن مؤخرا عن سحب فوجين من اللواء إلى إقليم كردستان فيما حدد يوم الخامس والعشرين من الشهر الحالي كموعد نهائي لانسحاب الفوجين المتبقيين. وتعتبر مناطق قرتبة وجلولاء وخانقين حوالى 210 كم شمال بعقوبة مركز محافظة ديالى من المناطق التي يقطنها خليط سكاني من العرب والتركمان والاكراد .

وتتبع قوات البيشمركة الحزبين الكرديين الرئيسين وقد تم دمج هذه القوات عقب دخول القوات المتعددة الجنسيات إلى العراق عام 2003 وأطلقت عليها تسمية quot;قوات حراسة الإقليمquot; ويبلغ تعداد افرادها حوالى مئة ألف مسلح تم الاتفاق مؤخرًا على تشكيل فرقتين عسكريتين منها تضم 30 ألفًا على ان تلحقا بالجيش العراقي النظامي .

الهاشمي يدعو لوصفة وطنية تحل مشكلة كركوك

دعا نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي الى حل وطني توافقي بين جميع مكونات كركوك لقضية الانتخابات في المحافظة . وقال الهاشمي خلال مباحثات اجراها مع وفد كتلة حزب الفضيلة الاسلامي في مجلس النواب الذي ضم حسن الشمري رئيس الكتلة والنائبين باسم شريف وكريم اليعقوبي quot;ان الهموم الوطنية العراقية اليوم اكبر من الخلاف بين هذا الطرف او ذاك على مسألة محددة، ولذاك فإن تغليب مصلحة العراق هي فوق كل الاعتبارات الاخرىquot; كما قال بيان صحافي لمكتب المسؤول العراقي استلمت quot;ايلافquot; نسخة منه الليلة الماضية . واضاف quot;ان المشهد السياسي لا يحتمل مزيدًا من التعقيد ومهمة القادة السياسيين ينبغي ان تتركز في البحث عن وصفة مناسبة لقانون انتخابات كركوك تحقق التوازن المرغوب في ادارة المحافظة وتضمن النزاهة والشفافية المطلوبة وهذا لن يتحقق إلا في اطار مشروع قانون متوازن ومتماسك يحسم بالتوافق الوطني بين الاطراف المعنيةquot;.

وتأتي دعوة الهاشمي في وقت كشف الممثل الخاص إلى الأمين العام للأمم المتحدة في العراق ستافان دي ميستورا عن مقترحات جديدة سيقدمها خلال الشهرين المقبلين بهدف إيجاد حل شامل للمناطق المستقطعة ولاسيما مدينة كركوك . وقال خلال مؤتمر صحافي في بغداد امس إن من ضمن المقترحات التخلي عن اجراء استفتاء على مدينة كركوك والتوجه الى ايجاد تسوية سياسية بشأن طريقة إدارتها . واوضح انه سيقترح بين أيلول (سبتبر) وتشرين الأول (أكتوبر) المقبلين خيارات لإيجاد حل شامل لتلك المناطق ومن بينها مدينة كركوك مبيناً ان هذه الخيارات ستشمل إثنتي عشرة منطقة .

واعرب ميستورا عن امله بأن تؤخذ المقترحات في الاعتبار بشكل بناء لدى جميع الأطراف وأن يتم التوصل إلى صيغة تسوية بهدف ضمان حل سلمي وعادل في كركوك . واشار الى ان انتخابات المحافظات التي كان مقررًا أن تجرى في تشرين الأول واجلت بسبب عدم اقرار القانون الخاص بها تعتبر مرحلة أساسية في عملية المصالحة الوطنية.

وكان مجلس النواب العراقي قد صادق في الثاني والعشرين من الشهر الماضي على قانون انتخابات مجالس المحافظات والأقضية والنواحي بأغلبية 127 نائبًا من أصل 140 حضروا جلسة المجلس التي شهدت انسحاب كتلة التحالف الكردستاني منها احتجاجًا على تحويل التصويت إلى سري على المادة 24 من القانون الخاصة بكركوك في حين كان التصويت على باقي مواد القانون علنيًا.

ونقض مجلس رئاسة الجمهورية القانون بعد يوم واحد من إقراره وأعاده إلى مجلس النواب لتعديله والتصويت عليه من جديد بعد الاتفاق على تغيير مضمون المادة 24 التي يرفضها الاكراد لكن المجلس فشل في ذلك وقام بترحيل المشكلة الى الفصل التشريعي الجديد له والذي يبدأ في التاسع من الشهر المقبل وسط خلافات كبيرة بين الكتل السياسية.