واشنطن تؤكد عدم التوصل لاتفاق والمشهداني يتوقع رفضا برلمانيا
المالكي : اتفقنا على رحيل القوات عام 2011 وخلافات جوهرية باقية

أسامة مهدي من لندن: أكد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ان بلاده اتفقت مع الولايات المتحدة على رحيل جميع قواتها من العراق عام 2011 وشدد على ان بلاده لن توقع اي اتفاقية استراتيجية معها تعطي قواتها حصانة مفتوحة او بقاء غير محدود للقوات .. لكن واشنطن ردت على الفور مؤكدة عدم التوصل إلى اي اتفاق بعد .. فيما توقع رئيس مجلس النواب العراقي محمود المشهداني رفض المجلس للاتفاقية المنتظرة .

واضاف المالكي ان العملية السياسية والحوارات يجب ان تتم تحت الشمس وكل شيء يجب ان يكون مكشوفا وشفافا وواضحا quot; وقد ولى عهد إخفاء المعلومات واستغفال الشعب وان المعادلة اصبحت متوازنة بين الشعب والحكومة والثقة متبادلة quot; . واشار في كلمة له خلال حضوره اليوم مؤتمرا عشائريا في بغداد ان النظام السابق ادخل العراق في مغامرات وحروب ومؤامرات وتدخلات في شؤون الدول الاخرى ووضعه تحت العقوبات الدولية بموجب الفصل السابع وقد انتهى هذا العهد . وطالب الامم المتحدة quot; بان يكون هذا العام نهاية خضوع العراق للفصل السابع لأن العراق اليوم بلد الدستور والمؤسسات ولايشكل خطرا على المنطقة ويسعى إلى حل المشاكل بالطرق السلمية بالتعاون وتبادل المصالح quot; .

وشدد المالكي بالقول quot; لايمكن ان نعقد اي اتفاقية الا اذا كانت تحفظ السيادة الكاملة والمصالح الوطنية وألا يبقى اي جندي اجنبي على ارض العراق الا بوقت محدد وليس بوقت مفتوح ولن نفرط بدماء ابناء العراق بإعطاء حصانة مفتوحة quot; .واضاف ان السقف المفتوح ممنوع في الاتفاقية quot;وقد اتفقنا على ان الاعمال العسكرية لاتتم الا بالاتفاق مع الحكومة العراقيةquot; .. وقال ان هناك اتفاقا بين الطرفين بعدم وجود اي جندي اجنبي في العراق بعد عام 2011 . واوضح انه مع وجود تقدم كبير في الاتفاقية فمازالت هناك نقاط خلاف جوهرية لدى الطرفين .

ووعد رئيس الوزراء العراقي مواطنيه قائلا :اؤكد لكم اننا لانعمل أي شيء بالخفاء ونحن على ابواب استعادة كامل الحقوق والسيادة وستطلعون على الاتفاقية الامنية وسنعرضها على مجلس النوابquot; . وانتقد بعض السياسيين الذين يظهرون في وسائل الاعلام ويزيفون الحقائق حول الاتفاقية الامنية بين العراق والولايات المتحدة من أجل الحصول على مكاسب دعائية وانتخابية زائفة ومفضوحةquot;.

ودعا المالكي العراقيين الى ان يحسنوا اختيار ممثليهم ليس في الموقع الاول فحسب بل في جميع مواقع المسؤولية ومن الذين يؤمنون بدولة القانون والمؤسسات ويخضعون لها ولايتمردون عليها quot;كي لايعود العراق مرة اخرى لحكم الفرد والنظام الدكتاتوري السابق الذي استأثر بالسلطة وانتهك القيم وحرمات مراجع الدين واساتذة الجامعات والعلماء والجيش وجميع القيم العشائريةquot; .

واضاف quot;نعم او لا يجب ان نقولها في محلها حتى لاتعود الايام السوداء وحتى لا يتسلل المفسدون الى مواقع المسؤولياتquot; . واشار الى ان مؤتمرات العشائر ومجالس الاسناد والمتطوعين تشكل ظواهر جديدة في تاريخ العراق وستحفظها ذاكرة الاجيال لأنها عبرت عن مواقف وطنية اصيلة لأبناء العشائر . واضاف quot;سننجح في عملية البناء والاعمار وسنتقدم الى امام وننتصر بارادة الوحدة الوطنية وبالتعاون على البر والتقوى التي تعني الحرص على بناء دولة المؤسسات وحفظ القانون وبناء الوطن ونبذ الارهاب والطائفية والجهل والتطرف ، كما نجحنا في القضاء على الارهاب واوقفنا الحرب الاهلية بوعي الشعب والمصالحة الوطنية وبالوقفة المشرفة لأبناء العشائرquot; .

وفي اول رد فعل على تصريحات المالكي هذه قالت الولايات المتحدة إنه لم يتم التوصل بعد الى اتفاق نهائي مع بغداد بشأن القوات الاميركية .

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية روبرت وود quot;ما اتفق عليه المتفاوضون هو مشروع اتفاق. ما زال ينبغي ان يمر عبر عدد من محاور الارتكاز في النظام السياسي العراقي قبل ان يصبح لدينا فعليا موافقة من الجانب العراقيquot; كما ينبغي ان يوقع عليه الرئيس جورج بوش. واضاف وود quot;الى ان يكتمل الاتفاق ليس لدينا اتفاق.quot; وامتنع عن التعليق على الموعد 2011 الذي قال المالكي إنه الموعد المتفق عليه لإسدال الستار على اي وجود اجنبي في العراق.

وحول تصريحات المالكي نفسها توقع رئيس مجلس النواب العراقي محمود المشهداني الا يصادق البرلمان العراقي على الاتفاقية .

وقال المشهداني في مؤتمر صحافي عقده في عمان اليوم عقب خروجه من مستشفاه اثر اجراء عملية جراحية quot;قراءتي لفهم البرلمانيين فان هكذا اتفاقية لن تمر من خلال البرلمان العراقيquot;. واضاف quot;في هذه اللحظة التي اتكلم بها لا الحكومة العراقية جاهزة لهذه الاتفاقية ولا البرلمان العراقي بكل اطيافه، الا القليل منهمquot;. واوضح quot;عليه اعتقد ان الاتفاقية ستمر بمخاض عسير وسوف لن تمر من خلال البرلمان بالتأكيدquot;.

ودعا المشهداني quot;الذين يرون ان هناك مصلحة في بقاء القوات المتعددة الجنسيات في العراق ان يجدوا لهم مخرجا خارج البرلمان اما داخله فالامر منته ولن تمر هذه الاتفاقيةquot;. واكد انه quot;لا يمكن لدولة لم تحصل على استقلالها الناجز ان تعقد اتفاقية مع دولة عظمى مهيمنة على العالم لان هناك نقصا في الاهليةquot;مشيرا الى ان quot;هذه الاتفاقية تهم اجيالا كثيرة ومستقبل العراق فلماذا هذا الاستعجال ؟quot;.

وكان الناطق الرسمي باسم الحكومة العراقية الدكتور علي الدباغ قال الجمعة الماضي ان quot;رحيل كل القوات عن العراق سيكون خاضعاً لمتطلبات الأمن القومي العراقي وما تراه الحكومة العراقية من ضرورة لوجود تلك القوات من عدمه بالإتفاق مع الإدارة الأميركية وسيكون ذلك في موعد يتم تحديده بصورة مشتركة وأن المواعيد والآجال الزمنية المقترحة هي مواعيد إفتراضية يسعى الجانب العراقي إلى المطالبة بها وتثبيتها في الإتفاقية المقترحةquot; . وجاء تصريح الدباغ بعد ساعات من اعلان رئيس الوفد العراقي المفاوض حول الاتفاقية وكيل وزارة الخارجية محمد الحاج حمود ان الحكومتين العراقية والاميركية اتفقتا على سحب القوات الاميركية من العراق بنهاية عام 2011 . ذلك بعد ساعات من مغادرة وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس لبغداد الليلة الماضية . وقال ان quot;المفاوضين أنجزوا مهمتهم، الامر الان يتعلق بالقادةquot; السياسيين العراقيين. واضاف وتابع ان quot;الجانبين اتفقا كذلك على انسحاب جميع الوحدات المقاتلة الاميركية من المدن بحلول حزيران (يونيو) العام المقبل 2009quot;. واكد حمود ان quot;الرئيس الاميركي جورج بوش وافق على الاتفاقية التي تتضمن 27 فقرةquot;.

وخلال زيارتها لبغداد الخميس الماضي قالت كوندوليزا رايس ان بغداد وواشنطن quot; قريبتان جدا من اتفاق بشأن تنظيم الوجود العسكري الاميركي في العراقquot;. واضافت ان quot;المفاوضين احرزوا تقدما نحو وضع اللمسات الاخيرة على الاتفاق لكن ليس هناك ما يدعو إلى الاعتقاد ان هناك اتفاقاquot; مشيرة الى انه quot;لا تزال هناك مسائل يجب تسويتها تتعلق بطريقة عمل قواتنا في المستقبل وهذا أمر طبيعيquot; . وفي ما يتعلق بالحصانة للقوات الاميركية في العراق اوضحت الوزيرة quot;لا اريد الدخول في التفاصيل الان لكن ما يمكنني قوله ان كل الامور تتقدم بشكل ايجابيquot;.

وكان quot;اعلان مبادئquot; وقعه الرئيس الأميركي جورج بوش ورئيس الوزراء نوري المالكي في كانون الأول (ديسمبر) الماضي قد خطط للتوقيع عليه في الحادي والثلاثين من تموز (يوليو) الماضي ليدخل حيز التنفيذ في الأول من كانون الثاني ( يناير) من العام المقبل لكن خلافات اخرت ذلك لحد الان . ويحكم الاتفاقية تواجد القوات الأميركية في العراق بعد عام 2008 إذ يعتمد تواجدها حاليا على تفويض من الأمم المتحدة يجدد عند نهاية كل سنة بطلب من الحكومة العراقية. وكانت عدة قوى سياسية ومرجعيات دينية عراقية مؤثرة من بينها التيار الصدري أبدت معارضتها الشديدة للاتفاقية وقالت إنها ستتصدى لها بكل الوسائل معتبرة أنها تنتقص من سيادة العراق وقراره المستقل وتعطي حرية للقوات الأميركية على أرضه وتمنحها قواعد عسكرية دائمة.