واشنطن: شهدت حملة المرشح الديمقراطي quot;باراك أوباماquot; منذ فوزه على منافسته البيضاء وسيدة البيت الأبيض السابقة quot;السيناتور هيلاري كلينتونquot;، العديد من التحديات، التي ترجمت في تراجع نسبة تأييده في الاستطلاعات العامة، وقرب منافسه الجمهوري منه بعد فترة من تقدمه على ماكين، للعديد من الأسباب التي كان في مقدمتها عدم تمتع أوباما بالخبرة السياسية، وهو الذي فرض على اللجنة التي شكلها في السابق والتي تكونت من كارولين كيندي ابنة الرئيس الراحل جون كيندي وإريك هولدر نائب وزير العدل الأسبق وجيم جونسون لاختيار نائبه، ترشيح quot;جوزيف بايدنquot; لمنصب الرئيس لخبرته التي تصل إلى 35 عاماً في الشئون الخارجية، مما يعوض نقص خبرة باراك في الشئون الخارجية.

واختيار أوباما بايدن لينافس معه على بطاقة الحزب الديمقراطي منافسة الجمهوري ماكين في الانتخابات الرئاسية في الرابع من نوفمبر المقبل أنهي شهرين من البحث quot;السريquot; عن نائب له والتكهنات حول العديد من الأسماء التي كانت مرشحة لهذا المنصب بقوة، منها السيناتور عن ولاية إنديانا quot;إيفان بايهquot; ، وحاكم ولاية فرجينيا quot;تيم كاين ، بالإضافة إلى السيناتور عن ولاية نيويورك quot;هيلاري كلينتون التي كانت في ذيل القائمة. التي قالت عنه أنه قائد ذو خبرة وذو قوة استثنائية، والذي سيضيف إلى منصب نائب الرئيس. وعنه تقول حملة أوباما على موقعها الالكتروني أنه quot;متخصص في الشئون الخارجيةquot; و الرجل quot;الذي أسقط الدكتاتوريونquot;

وعززت خبرة بايدن (65 عاماً) في الشؤون الخارجية من فرصته لأن يكون نائبا للمرشح الديمقراطي ليسد النقص في خبرته، التي كانت محل انتقاد من المرشح الجمهوري، وكذلك العديد من الديمقراطيين، فقد أظهرت العديد من الاستطلاعات أن عدم خبرة أوباما في الشئون الخارجية وحداثة عمله السياسي قد تؤثر على فرصه في الفوز. فيمثل بايدن ولاية ديلاور بمجلس الشيوخ الأميركي منذ عام 1972. حين انتخب وهو في سن التاسعة والعشرين. وقد رأس اللجنة القضائية خلال الفترة من 1987 إلى 1995، ويرأس حاليا لجنة العلاقات الخارجية ، فضلا عن فترات أخري. وخلال رئاسته للجنة القضائية برز اسم بايدن على الساحة السياسية الأميركية لاسيما بعد إفشاله تسمية رونالد ريغان لروبرت بورك المحافظ بالمحكمة العليا في 1987.

ولبايدن خبرة واسعة بالشؤون الدولية، ففي عام 1999 صاغ مشروع قرار مجلس الشيوخ الذي دعم الحرب الجوية بكوسوفو، وهو حاليا يقود جهود الكونغرس الأميركي لإنهاء الأوضاع المأسوية في العديد من مناطق النزاع عالمياً وفي منطقة الشرق الأوسط لاسيما دارفور. فضلا عن خبرته بالشئون الداخلية بقضايا الرعاية الصحية للأطفال والرجال والنساء وأفراد الخدمات العسكرية. فقد كان له كبير الدور في صياغة العديد من قوانين مكافحة الجريمة خلال رئاسته للجنة القضائية بمجلس الشيوخ خلال العقدين الماضيين، والتي عرفت بقوانين بايدن للجريمة.

ولبايدن، أيضاً، دور قوي بالحياة السياسية الأميركية منذ تولية منصب سيناتور ديلاور بداية من البحث عن التعاون الحزبي (التعاون مع الحزب الجمهوري) لإنشاء لجنة الحقوق المدنية في عام 1983 الى تقديمه في عام 1986 قانون حماية المناخ العالمي وصولا إلى صياغته لقانون حماية السكك الحديدة العام الماضي الذي ينظم نقل المواد الخطرة بالسكك الحديدة الأميركية.

صعد نجم بايدن سياسيا بعد تلقيه دعوة من الرئيس الجورجي ميخائيل سكاشفيلي لزيارة بلاده التي دخلت مؤخراً في مواجهة عسكرية مع روسيا، فرغم انسحابه من هذا السباق الانتخابي ndash; فقد كان أحد المتنافسين على بطاقة الحزب الديمقراطي ndash; وقبل اختياره لمنصب نائب الرئيس يتردد اسمه بقوة بين العديد من المراقبين باعتباره الشخص المرشح لشغل منصب وزير الخارجية في حال فوز ''أوباما'' أو quot;كلينتونquot; ndash; عندما كانت تنافس منافسة محتدمة - في الانتخابات الرئاسية.

هذا، بالإضافة إلى أن بايدن سيساعد أوباما في كسب أصوات المسيحيين الملتزمين كونه كاثوليكي، إضافة إلى أصحاب الياقات الزرقاء (الطبقة العاملة) حيث ولد في ولاية بنسلفانيا التي تعتبر من ولايات الطبقة العاملة، فضلا عن مساعدته المرشح الديمقراطي في الفوز بأصوات الناخبين الديمقراطيين التقليديين وكبار السن الذي يجدون في بايدن ما وجوده في هيلاري التي استطاعت جذب هذه الفئات إلى صفها فيما لا يزال أوباما عاجز عن كسب تأييدها.

وسيكون لبايدن دور كبير في فوز أوباما بأصوات النساء اللائي كن يؤيدن هيلاري كمرشحة الحزب الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية أو لمنصب نائب الرئيس بعد إخفاقها بالفوز ببطاقة الحزب، وذلك لدوره في إصدار العديد من القوانين الخاصة بحماية العائلة والمرأة والأطفال ومواجهة جرائم العنف وحماية الأطفال والزوجات من العنف المنزلي والاغتصاب. وتستفيد حملة أوباما من حياة بايدن الشخصية في جذب أصوات العديد من الأميركيين بالنظر إلى تمسكه بالعائلة وتربية أطفاله بعد موت زوجته الأولي، ورغم عمله في واشنطن إلا انه يستقل القطار يوميا لمدة ساعة ونصف الساعة ذهابا وإيابا إلي منزله في ولاية ديلاور، وهو ما يصب في مصلحة أوباما انتخابياً.

يمتلك بايدن قدرة الرد على منافسي ومنتقدي أوباما، فيوصف في الكثير من الأحيان بالمهاجم الشرس، ففي كلمته بمؤتمر الحزب انتقد بايدن المنافس الجمهوري quot;جون ماكينquot; قائلاً أن أميركا لا تحتاج إلى جندي جيد في البيت الأبيض، لكنها تحتاج إلى قيادة باراك أوباما الحكيمة، وأن فترة ماكين سوف تكون فترة ثالثة لبوش وسياساتها التي قال عنها أنها أخفقت في معالجة قضايا مثل ظهور روسيا والصين والهند كقوى عظمى وانتشار الأسلحة الفتاكة، إضافة إلى التغير المناخي وعودة ظهور الأصولية في أفغانستان وباكستان اللتين تعدان الجبهتين الرئيسيتين ضد الإرهاب.

هل من توافق في الرؤى

بالنظر إلى مقاربة كل من بايدن وأوباما إلى العديد من قضايا السياسية الخارجية نجد أن هناك اتفاقاً بينهما حيال العديد من القضايا لاسيما المتصلة بمنطقة الشرق الأوسط، فعلى الرغم من تصويت بايدن على أرسل قوات أميركية إلى العراق للتخلص من صدام حسين، التي رفضها أوباما، إلا أنه بعد فترة انتقد سياسات إدارة بوش في العراق، وصرح أكثر من مرة أنه ندم على التصويت على إرسال قوات إلى العراق. وكتب في عام 2006 أنه يأمل بانسحاب الجنود الأميركيين من العراق بحلول العام 2008، وهو موقف قريب مما أعلنه أوباما الذي يؤيد انسحابا بعد 16 شهرا من تسلمه مهماته الرئاسية في حال فوزه. فقدم مع الرئيس الفخري لمجلس العلاقات الخارجية ليسلي جيلب خطة من خمس نقاط تقدم حل سياسي لإنهاء الحرب، والتي وافق عليها مجلس الشيوخ بموافقة 75 سيناتور في حين عارضها 23 آخرون.

وعلى غرار أوباما يري بايدن أن الجبهة الفعلية للحرب على الإرهاب ليست العراق كما تؤكد إدارة بوش بل الحدود بين أفغانستان وباكستان، ويقول مثل أوباما إذا كان علينا إرسال تعزيزات إلى مكان ما فهو أفغانستان؛ لأن مصير أفغانستان يرتبط مباشرة بأمن أمريكا، داعيا إلى إرسال قوات وإمكانات إضافية إلى هذا البلد.

ويتفق الرجلان على ضرورة دعم إسرائيل لتبقي متفوقة على جيرانها العرب وعدم المقايضة على الدعم الأمريكي لإسرائيل لاسيما في مواجهة التهديد النووي الإيراني، فقد زارا إسرائيل معا خلال جولة أوباما الخارجية في يوليو الماضي، وأعلنا تأييدهما بأن تكون القدس quot;الموحدةquot; عاصمتها. ولا يخفي بايدن تأييده لإسرائيل والذي يفيد في كسب أصوات الجالية اليهودية الأميركية الفاعلة داخل الولايات المتحدة، فيؤكد أنه صهيوني، ويقول quot;ليس بالضرورة أن تكون يهودياً كي تكون صهيونياًquot;، واصفا إسرائيل أنها quot;أفضل قوة تملكها الولايات المتحدة في الشرق الأوسطquot;.

وعن الأزمة النووية الإيرانية التي تعد من أكثر القضايا تحديا لإدارة بوش الابن والإدارة القادمة، يتفق بايدن وأوباما على التفاوض مع طهران، فيعارضان استخدام القوة العسكرية ضد البرنامج النووي الإيراني، فحسب بايدن، فإن أمام واشنطن عقدا من الزمن قبل أن تمتلك إيران قدرة نووية مميتة، ولكن هذا لا يعني إهمال الخيار العسكري، فيقولان أن كل الخيارات على الطاولة. ويدعم بايدن على انخراط سوريا في المجتمع الدولي وإنهاء حالة العزلة المفروضة عليها، انطلاقا من أن هذا من شانه كسر الروابط الإستراتيجية بين دمشق وطهران.

انتقادات لاختيار بايدن نائب للرئيس

على الرغم من المكاسب الكثيرة التي تعود على المرشح الديمقراطي quot;باراك أوباماquot; من اختيار quot;بايدنquot; لمنصب نائب الرئيس، إلا أن الكثير من الجمهوريين والمحافظين انتقدوا هذا الاختيار. فقد كتب مايكل روبين بحصيفة الواشنطن بوست يوم 26-8 مقالة تحمل عنوانquot; Biden's Blink on Iranquot;، وصف فيها بايدن بالسيناتور المفضل لدي طهران لسياساته تجاه البرنامج النووي الإيراني، ويشير في مقالته إلى عدد من مواقف بايدن تجاه إيران. فيقول في عام 1998 أبغ بايدن وزير الخارجية التشيكي أن إيقاف برامج الإذاعة الموجه لإيران قد تكون بداية للحوار مع إيران. وبعد إعلان الرئيس بوش أن إيران من دول محور الشر axis of evil، رأس بايدن في 13 مارس 2002 غداء بالمجلس الإيراني ndash; الأميركي، وذلك المجلس حسب روبين يضم شركات النفط الراغبة في إنهاء العقوبات المفروضة على إيران.

ويشير إلى أن بايدن كان ضمن 22 سيناتور آخرون رفضوا الموافقة على مشروع القانون الذي يعتبر الحرس الثوري الإيراني جماعة إرهابية، وهو القانون الذي رفضه أيضا quot;باراك أوباماquot;، و برر بايدن عم موافقة على مشروع القرار لدعم ثقته بإدارة الرئيس بوش

وفي هذا السياق يشير جون بولتون في مقالته المعنونة بـ quot;لماذا لا يساعد بايدن أوباما المنشورة في 27 -8 على موقع معهد أميركان انتربرايز، إلى أن عمر بايدن سيكون في نوفمبر القادم 66 عاما بما يقل ست سنوات عن المرشح الجمهوري ماكين والذي يبدد شعار أوباما القائم على التغيير، فالبعض يشير إلى أن أوباما أختار بايدن لمنصب النائب لطمأنة الناخبين وسد الثغرات الموجودة في سيرته الذاتية، بدلاً من اختيار شخص يعزز رسالة التغيير التي يرفعها أوباما شعاراً لحملته. وعن هذا تقول النيويورك تايمز بسنواته الـ 65 يضفي القليل من الشعر الأبيض على بطاقة ترشيح كان يمكن أن تبدو أكثر شبابا من اللازم.

واختيار أوباما ذو خبرة ضئيلة في الشئون الخارجية لشخصية ذو خبرة طويلة يجعل البعض يعقد مقارنة بين دور بايدن المتوقع في حال فوز أوباما بدور تشيني القوي خلال إدارتي بوش لعدم خبرة بوش. ويضيف بولتون انتقادا أخر في مقالته السابق الإشارة إليها لاختيار بايدن في أن ولاية بايدن ديلاور ليست على درجة من الأهمية في المجمع الانتخابي حيث لها ثلاثة أصوات فقط، والذي قد يبدد من فرصه في الفوز بالولايات الجمهورية وتلك المتأرجحة.