اجمع سياسيون أردنيون أن لغة الخطاب التي انتهجها الملك عبدالله الثاني خلال مقابلة مع صحفية هارتس، جاءت قوية وصادرة عن زعيم يتمتع بمصداقية عالية، خاطب الرأي العام الإسرائيلي مباشرة ليكشف حقيقة الأوضاع في حال استمرار التعنت الإسرائيلي ورفضه التفاوض وإحلال السلام وإنهاء الصراع في المنطقة. وقالوا ان خطاب الملك ،الذي يدرك صراحة المخططات الإسرائيلية إزاء القدس وحالة الغياب والاسترخاء العربي إزاء ما يحدث، ياتي ضمن خطوات منظمة من الضغط المتدرج التي يتبناها.
مواجهات بين فلسطينيين والجيش الاسرائيلي على مقربة من المسجد الاقصى |
عمان: إكتسبت اللغة الصريحة، القوية والتحذيرية الصادرة عن العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني في مقابلة مع صحفية هارتس الإسرائيلية دلالات سياسية ودبلوماسية مفادها انه تجاوز الحكومة اليمينية وخاطب مباشرة الجمهور الإسرائيلي برسائل عن حقيقة مستقبله.
وحذر الملك في المقابلة التي أجراها معه محرر الشؤون السياسية في صحفية هارتس أكيفا الدار والتي نشرت الجمعة، حذر الاسرائيلين من موضوع المساس بالقدس وتغيير هويتها لأنها ستكون بمثابة الشرارة التي تشعل العالم الإسلامي.
وحول القراءات السياسية ونقاط القوة التي تضمنتها مقابلة الملك عبدالله الثاني يؤكد سياسيون أردنيون في حديث خاص لـquot; إيلاف أن لغة الخطاب الملكية جاءت قوية وصادرة عن زعيم يتمتع بمصداقية عالية وداعم حقيقي للسلام ، خاطب الرأي العام الإسرائيلي وكشف حقيقة الأوضاع في حال استمرار التعنت الإسرائيلي ورفضه التفاوض وإحلال السلام وإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي.
كما تكمن أهمية تلك المقابلة بحسب السياسين أنها quot;تحدثت بصراحة وعلانية عن معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية الموقعة منذ 15 عاما، وبان السلام بين البلدين ليس بالدفء الذي يعتقده البعض وإنما العلاقة تزداد برودة quot;.
وثمة سبب قوي لتلك اللغة القوية كما يقول سياسيون أن quot; الأردن مدرك تماما للمخططات الإسرائيلية إزاء القدس، وكذلك حالة الغياب والاسترخاء العربي إزاء ما يحدث في عاصمة لها خصوصية عند كل أتباع الديانات السماويةquot;.
وفي التفاصيل، يقول رئيس الوزراء الأسبق الدكتور معروف البخيت إن quot; خطاب الملك الموجه إلى الرأي العام الإسرائيلي جاء ضمن خطوات منظمة من الضغط المتدرج التي يتبناها الأردنquot;.
مضيفا أن quot; الملك عبدالله الثاني خاطب الجهمور الإسرائيلي وليس الحكومة عبر صحفية هارتس ليذكرهم بالمستقبل وحقيقة الواقع الذين يريدون الوصول له ووضعهم أمام خيارين أما العيش بعقلية القلعة أو الاندماج في المنطقة في أطار سلام شامل.
لكن وزير الداخلية السابق سمير حباشنة يرى أن التاريخ يتشابه عندما خاطب الراحل الحسين بلغة شديدة نفس رئيس الوزراء حول السلام، فاليوم لغة الملك عبدالله قوية وذكية ويحظى بمصداقية عالية جيدا عند الأوساط الداخلية الإسرائيلية لذا كان خطابه موجها إلى وجدان الرأي العام الإسرائيلي ليدرك أن خياره وأمنه لا يتحقق إلا بالسلام الشامل والعادل.
ولكن ثمة قراءة سياسية لسطور تلك المقابلة والمحاور تكشف عن تصعيد الدبلوماسية الأردنية حيال إسرائيل بهذا الشأن، ويعتقد نائب رئيس الوزراء السابق الدكتور محمد الحلايقة أن الموقف الأردني الدبلوماسي تحول إلى دبلوماسية هجومية وعنيفة quot; وهذا يعود إلى جملة أسباب وفق الحلايقة يعددها بـquot; بالموقع الجيو سياسي للأردن الذي يعد الأقرب إلى فلسطين والأكثر تأثرا في ملف السلام إذ تحقق أو لم يتحقق quot;.
مضيفا ان quot;النقطة الأهم وهي اعتداء إسرائيل على القدس إذ شكلت هذه النقطة اعتداء ومساسا بالدور الأردني المنصوص عليه في اتفاقية السلام الموقعة بين إسرائيل والأردن مما دفع الملك إلى تحذير إسرائيل من المساس وإجراءات الأحادية أو تغييرهويتهاquot;.
ومن الأسباب التي تقف وراء تصريح الملك كما ذكر الحلايقة، أن الأردن لاحظ استرخاء في الموقف العربي فكانت تلك المقابلة بمثابة رسالة أيضا إلى العرب والمسلمين وكذلك الاسرائيلين أنفسهم أن الأردن يدرك تماما مخططاتهم إزاء القدس وخطورتها في تغيير معالم المدنية إذا أصرت في المضي قدما فانه سيكون مؤشرا للتأزم.
إلى ذلك ، يعتقد المحلل السياسي عبدالله أبو رمان أن quot; الملك تمكّن من استثمار معاهدة السلام لمخاطبة المجتمع الإسرائيلي مباشرة متجاوزا حكومة اليمين الإسرائيلي موظفا مكانته وسمعته الدولية كأحد ابرز المتابعين للعملية السليمة ومستقبل منطقة الشرق الاوسط quot; واضاف أن الخطاب تضمن رسائل وضحت حقائق رئيسية في كشف زيف وسياسية الخدّاع التي انتهجتها هذه الحكومة مما سيساهم في إضعاف مصداقية هذه الحكومة المتطرفة خصوصا أن المتحدث هو احد المعروفين بمواقفهم الصلبة تجاه إحلال السلام في الشرق الاوسط، والمصداقية في قول كلمة الحق دون مجاملات أو الالتفاف على الحقائق.
اما على صعيد المعاهدة الأردنية الإسرائيلية الموقعة منذ عام 1994 وبعد مرور 15 سنة عليها والتي رأى الملك عبدالله بأنها تزداد برودة، اعتبر الدكتور البخيت أن quot;وضوح لغة الملك عبدالله بهذه النقطة كانت حاسمة خصوصا عندما قال إن الاتفاقية وقعت كجزء من عميلة لتحقيق السلام الشامل، وانه من المستحيل تقريبا أن يزور أردني إسرائيلquot;.
غير أن الدكتور الحلايقة اعتبر أن معاهدة السلام الأردنية الاسرائيلة باتت ضعيفة وستصبح في مهب الريح إذا لم يتحقق السلام الكامل والشامل .
فيما قرأ الحباشنة كلمات الملك إزاء المعاهدة أنها لغاية هذه اللحظة بخير لكن الوجه الأخر لهذا الحديث هو تهديد ملوكي وتنبيه شديد اللهجة بل إضاءة لإشارات حمراءquot; لكي يعلموا أنهم لن يتمكنوا من حصد مكاسب من جانب واحدquot;.
ولكن في المجمل، اجمع السياسيون أن موقف ولغة الملك القوية تحتاج إلى خطوات أهمها موقف عربي داعم وقوي وكذلك ضغط من قبل الإدارة الأميركية على الحكومة الإسرائيلية اليمينة، وإنهاء حالة الانقسام الفلسطيني والمصالحة لضمان تحقيق السلام الشامل.
ولكن لغة الخطاب الملكي كما يرى السياسيون quot;جاءت منسجمة مع الرأي العام الأردني والغضب الشعبي وتشكل ورقة ضغط على الحكومة الإسرائيلية من شأنها إضعاف موقفها بين صفوف جمهورها الداخليquot;.
وعن إمكانية إسقاط حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنامين نتتياهو يؤكد الدكتور البخيت انه من المبكر الحديث عن ذلك لكنه في ذات الوقت لم يستعبد حدوث حراك جديد في المجتمع الإسرائيلي خصوصا العقلاء منهم.
لكن الحباشنة لم يستعبد هذا السيناريو متوقعا أن quot; تتم مواجهة سياسية بين الأردن وحكومة نتتياهو ولكن يجب أن تسبق هذه الخطوة بخطوات داخل الأردن أبرزها رص صفوف الأردنيين جمعيا ، وكذلك أعادة الوظيفة الاجتماعية والاقتصادية للحكومة.
التعليقات