في ظل إنبطاعات تنتجها بإستمرار المعارضة البحرينية ترتكز على أن السلطات تنتهج مبدأ التجنيس العشوائي لمقيمين في المنامة بغية تعديل التركيبة السكانية، تقول سلطات البحرين إن التجنيس مبدأ دستوري لا غبار عليه، ويستطيع البرلمان المنتخب أن يغير أي مواد دستورية تبيح للسلطات حق التجنيس، وسط محاولات من المعارضة لنقل الأزمة الى الشارع عبر التظاهرات التي تكررت هذا العام وذلك من أجل وضع سياسة تجنيس متفق عليها تضع حلولا يطمئن معها البحرينيون الى مستقبلهم.

تظاهرة في المنامة لمناهضة سياسة التجنيس

الكويت: للمرة الثانية على التوالي هذا العام تحركت أحزاب المعارضة البحرينية نحو الشارع للتظاهر ضد سياسة الحكومة البحرينية في ملف التجنيس، بما يعيد الأزمة الداخلية حول هذا الموضوع الى المربع الأول، إذ تظاهر أكثر من ألفي بحريني أمس، يتقدمهم نواب في البرلمان، ورؤساء قوى سياسية، بدعوة من ست جمعيات سياسية بحرينية لتشكيل قوة احتجاج ضد الحكومة البحرينية التي تجابه إتهامات من قبل جهات داخلية شيعية بأنها لا تنتهج سياسة واضحة ومحددة في ملف التجنيس، وبالتالي لا يمكن الإطمئنان الى تحركها في هذا الملف الذي تعتبره أطراف شيعية بأنه موجه بشكل خاص نحو إحداث إنقلاب في التركيبة السكانية الداخلية المائلة لصالح الطائفة الشيعية، بيد أن السلطات البحرينية تردّ بشكل متكرر على تلك الإتهامات بأنها تتبع الدستور والقانون اللذين يفوّضان الحكومة بمنح الجنسية البحرينية لمستحقيها وفقا لضوابط خاصة.

وفي تظاهرة الأمس التي جاءت بعد تظاهرة مماثلة تماما في الأسبوع الأول من شهر شباط (فبراير) الماضي، قال الأمين العام لجمعية الوفاق الوطني الإسلامية -التيار الرئيس في صفوف الشيعة- الشيخ علي سلمان إن المتظاهرين يسعون إلى سياسة تجنيس متفق عليها تضع حلولا يطمئن معها البحرينيون الى مستقبلهم، ويطالبون بشفافية اكبر في ملف التجنيس من حيث تحديد سقف معين لمنح الجنسية، والإعلان عن ذلك في الجريدة الرسمية، لافتا الى تصريح لوزير الداخلية البحريني الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة في 10 أيلول (سبتمبر) الماضي أعلن فيه ان البحرين تقوم quot;بمراجعة سياسة منح الجنسية في ظل المستجدات الامنية والسياسية والاقتصاديةquot;.

وينتمي المتظاهرون الذين حملوا الأعلام الوطنية، واللافتات التي تندد بما أسموه التجنيس العشوائي في البلاد، الى ست جمعيات سياسية معارضة هي الوفاق الوطني الاسلامية (التيار الشيعي الرئيس)، العمل الوطني الديمقراطي (يسار قومي)، المنبر الديمقراطي التقدمي (يسار)، العمل الاسلامي (شيعية)، التجمع القومي الديمقراطي (بعثيون) والاخاء الوطني (ليبراليون).

وتثير قضية التجنيس في البحرين جدلاً سياسياً واسعاً في أوساط المعارضة، وصارت الشأن الأبرز على صعيد الأجندة الداخلية من خلال التوظيف السياسي من قبل بعض قوى المعارضة التي دفعت الأمور باتجاه التصعيد وتنظيم تظاهرات ومسيرات في بعض المدن. وتتهم بعض التيارات المعارضة الحكومة بالقيام بتجنيس خارج إطار القانون بهدف تعديل الميزان الديمغرافي لمصلحة طائفة معينة هي السنية، لكن الحكومة تؤكد أن عملية التجنيس تتم وفقاً للقانون وتراه حقاً مكتسباً يمنح لمن قدموا خدمات جليلة للدولة.

وفي شباط (فبراير) الماضي تظاهر آلاف البحرينيين بدعوة من ست جمعيات سياسية معارضة مطالبين بوقف التجنيس، المراقبون يشيرون إلى أن بعض القوى المعارضة اتخذت من التجنيس قضيةً لتأليب الرأي العام في محاولة للكسب السياسي والسعي إلى تقويض النظام السياسي وقلب المعادلة اتساقا مع تحريض إقليمي يهدف إلى إعادة صياغة خرائط المنطقة، علما أن التظاهرات والشعارات التي يرفعها رموز بعض الجمعيات المعارضة تزيد النيران اشتعالا وتدفع بالأوضاع نحو المزيد من الاحتقان الطائفي في بلد لا يحتمل المزيد من التوتر، وكانت النيابة العامة في البحرين وجهت إلى ثلاثة من الأشخاص الذين تم اعتقالهم تهم إنشاء وتنظيم وتمويل جماعة إرهابية، ومحاولة قلب النظام السياسي، والتحريض على الكراهية.

يشار الى أن البرلمان البحريني كان شكّل لجنة تحقيق في قضية التجنيس، واتهامات بعض القوى السياسية، وخلصت اللجنة إلى عدم وجود أي تجاوزات قانونية في عمليات التجنيس ، فيما يرى مراقبون أن توجه حكومة البحرين نحو تجنيس العرب المقيمين يهدف إلى تعديل التركيبة السكانية للحفاظ على الأمن القومي للمملكة عقب طغيان وجود الجاليات الآسيوية في منطقة الخليج العربي.

وقبل نحو عام كان الفريق ركن الشيخ راشد بن عبد الله آل خليفة، وزير الداخلية البحريني، قد رد بقوة على إتهامات الجمعيات المعارضة (الشيعية) لوزارته بأنها تجنس العرب من الطائفة السنية لتغيير التركيبة السكانية على حساب الطائفة الشيعية، مشيرا إلى أن من تم منحهم الجنسية خلال السنوات الخمس الأخيرة بلغ عددهم 7012 شخصا، معتبرا أن الأرقام التي تتداولها هذه الجمعيات laquo;هي مجرد إشاعات وأقاويل مسيسة وغير صحيحةraquo;، وأن منح الجنسية يتم وفق إجراءات قانونية. وأوضح وزير الداخلية البحريني أن عمليات التجنيس في بلاده بدأت منذ عام 1937، وأن كثيرا من العائلات البحرينية السنية انتقلت إلى الدول المجاورة في الخليج لوجود جذور لها بالسابق في هذه الأماكن، في حين ارتحل إلى البحرين من كانوا من العراق وإيران (من الشيعة) واستوطنوا البحرين.