حرب اليمن فاقمت الازمة المعيشية للسكان

نجحت اليمن والسعودية في ابقاء الحرب مع الحوثيين بعيدة عن الصحافيين والمنظمات الانسانية، حيث تحتدم معركة شرسة بين القوات اليمنية والقوات السعودية من جهة، والحوثيين من جهة أخرى. تشير صحيفة quot;التايمزquot; الأميركية في تقرير لها عن عدم وضوح ضلوع إيران بالحرب القائمة على الحدود اليمنية - السعودية، رغم ظهورهم كـquot;حماة للشيعة والمسلمين في انحاء العالم، اذ انهم لا يقومون بأي شيء أكثر من القيام بدور المشجع على الخطquot;، خصوصا بعد تضارب التقارير عن الغارات الجوية والدوافع من ورائها، وعن انتهاك المواثيق الدولية والانسانية في الحرب.

نشرت مجلة quot;التايمزquot; الاميركية في طبعتها الالكترونية تحليلا اخباريا عن الوضع في اليمن حيث تقاتل قوات الجيش اليمني المتمردين الحوثيين، وحقيقة الدور الايراني في النزاع. إذ نجحت السلطات اليمنية والسعودية في إبقاء المعلومات بعيدة عن الصحافيين والعاملين في المنظمات الانسانية رغم دوي ليل صنعاء بهدير الطائرات الحربية وهي تقلع شمالا نحو النزاع على الحدود السعودية، وفي منطقة الحدود، حيث ينعدم القانون بمحافظة صعدة، تحتدم معركة شرسة منذ أشهر بين القوات اليمنية والمتمردين الحوثيين، حسب المجلة. وتكمل المجلة الأميركية تقريرها في الإشارة الى نقل كل طرف ـ الحوثيون من جهة والسعوديون من الجهة الأخرى ـ تقارير متضاربة عن كل شيء من الغارات الجوية الى الدوافع، اذ ان محافظة صعدة منطقة محظورة ويصعب تمييز الحقيقة عن الوهم.

اقرأ أيضًا

إدارة أوباما دعمت اليمن بضرب القاعدة

مقتل 34 واسر 17 من عناصر القاعدة في اليمن

غارات على القاعدة في اليمن تقتل 28 من عناصره

المعارضة اليمنية: مقتل مدنيين في غارة ضد القاعدة

اليمن: الحوثي مصاب بجروح بالغة وسلم قيادة التمرد لصهره

وتكمل التايمز بالحديث عن وجود تقارير لم تتأكد بعد عن وقوع انتهاكات واسعة لحقوق الانسان، وقصف القرى وضلوع جهات خارجية بالنزاع القائم. وفي هذه الاثناء يتدفق عشرات الآلاف من اللاجئين من المناطق الواقعة على خطوط القتال مما يجعل من المتعذر بصورة متزايدة اخفاء النزاع عن بؤرة الضوء العالمية.

من جهتهم يقول الحوثيون ان حملتهم التي إنطلقت منذ عام 2004 من اجل الحقوق الثقافية والدينية تصاعدت في آب/اغسطس عندما أرادت الحكومة اليمنية تسوية القرى مع الأرض في هجوم سمي بـquot;عملية الأرض المحروقةquot;. أما السلطات اليمنية والسعودية فتقول ان الحوثيين الذين ينتمون الى المذهب الزيدي الشيعي، يتلقون تمويلا وتسليحا وتدريبا من ايران في محاولة لتقويض استقرار المنطقة.

ووفقا للمجلة الأميركية فإن اليمن يترنح تحت وطأة أزمات متضافرة من انعدام القانون وتفاقم الفقر وشح الماء وخطر داهم من تنظيم quot;القاعدةquot; وحركة انفصالية في الجنوب الى احتياطات نفطية تنضب بوتيرة متسارعة، ويشير محللون الى أن هذا الحشد من العوامل المتعددة يقع تحت وصف نذر الدولة الفاشلة. وقال وزير الخارجية اليمني ابو بكر عبد الله القربي في تصريح لمجلة quot;التايمزquot; ان التحدي الرئيسي الذي يواجه اليمن هو التنمية الاقتصادية في الحقيقة، وان اليمن سيصبح quot;دولة فاشلة من بعض النواحي بالتأكيد إذا لم يحصل على الدعم الذي يحتاجهquot;.

إزاء الحرب المستعرة حاليا فان اليمن يتلقى الكثير من الدعم (رغم ان حجم هذا الدعم ليس واضحا) من جارته الأغنى والأكبر، المملكة العربية السعودية التي انخرطت في القتال الشهر الماضي، حسب ما ذكرت المجلة. وفي خطوة منفصلة طلب الرئيس باراك اوباما مؤخرا 65 مليون دولار لمساعدة
اليمن في مكافحة الارهاب وتنظيم quot;القاعدةquot;.

لكن النزاع المحتدم شمالا، والموارد التي يستهلكها، ربما أخذ يُضعف الجهود الرامية الى التعامل مع متاعب اليمن الأخرى، كما انه ليس من المؤكد ان ايران ضالعة فعلا في النزاع. ويقول غاري سيك، الخبير بشؤون منطقة الخليج في جامعة كولومبيا، في تصريح للمجلة ان الأدلة غائبة بكل بساطة وان التلويح بالورقة الايرانية مناورة دعائية نافعة في الشرق الأوسط العربي، quot;وبرغم انهم ربما جمعوا بعض الأدلة على دعم خطابي ايراني للحوثيين فأعتقد انهم استغلوا هذا القدر المحدود من الأدلة وقاموا بتضخيمه الى شيء أكبر لتبرير افعالهم من الناحية العمليةquot;.

حرب اليمن تصبح حربًا بالوكالة مع استمرار تورط اللاعبين الرئيسين

ويضف سيك quot;ان الايرانيين كانوا سعداء من حيث الأساس بأن يكون الفضل لهم في ذلك، لأنهم يحبون ان يُنظَر اليهم بوصفهم حماة الشيعة والمسلمين في انحاء العالم، ولكن ليس من الواضح اذا يقوم الايرانيينبشيء أكثر من القيام بدور المشجع على الخطquot;.

وتؤكد المجلة ان ايران، في الوقت الذي رُبطت نفسها علنا بجماعات مسلحة مثل حزب الله وquot;حماسquot; فضلا عن ميليشيات شيعية في العراق، فان علاقتها بالحوثيين علاقة مشكوك فيها، ذلك ان المذهب الشيعي الزيدي يختلف عن المذهب الاثنى عشر الذي يُمارس في ايران، وان مطالب الحوثيين تركزت على الحقوق والموارد، وهي قضية يقول غريغوري جونسون، الخبير بشؤون اليمن في جامعة برنستون، ان جذورها تكمن في احساس الحوثيين بالتهميش منذ ثورة 1962 اليمنية. كما يسارع المراقبون للاشارة الى ان الرئيس اليمني علي عبد الله صالح نفسه زيدي وفقا للمجلة.

وتضيف quot;التايمزquot; الى وجود آخرين يشيرون بخبث أكبر الى اجندة سعودية وراء الأمر كله، فالسعوديون الذي يشكلون أكبر مصدر للمساعدات التي يتلقاها اليمن سنويا، كانوا سريعين على نحو يثير الريبة الى الانخراط في القتال، كما يقول علي سيف حسن، رئيس منتدى التنمية السياسية في اليمن. ذلك ان السعوديين ينظرون بقلق الى انعدام القانون بصورة متزايدة في اليمن وحدوده المفتوحة وقدرة القرويين المحليين على العبور متى ما يحلو لهم، ويشير حسن الى ان السعوديين quot;بسبب هذه الحرب ستكون لديهم الآن فرصة لاقامة سياج، والأكثر من ذلك ستكون لديهم فرصة لتطهير المنطقة من جانبهم ومحو كل القرى وجعلها منطقة حرة سلسلة يستطيعون السيطرة عليهاquot;، يشار الى ان السعوديين يقيمون بالفعل منطقة عازلة بعمق 10 كلم داخل الحدود اليمنية.

تقارير عن انتهاك حقوق الانسان وتدفق عشرات آلاف اللاجئين


ولكن إذا لم تكن الحرب في اليمن، الحرب الكبيرة التي تُخاض بالوكالة، كما يدعي اليمن والمملكة العربية السعودية، فان محللين اقليميين يقولون ان من الجائز تماما ان تصبح حربا بالوكالة إذا استمر اللاعبون الرئيسيون في القول انها كذلك على طريقة quot;جاء الذئب الى ان يأتي فعلاquot;. ويقول جونسون ان احد الأشياء التي أصبحت الحكومة اليمنية حاذقة بصورة خاصة في ممارستها خلال السنوات الماضية، هو ربط ازماتها الداخلية باهتمامات اقليمية وغربية أكبر مشيرا الى ان اليمن حاول في اوقات أخرى ان يربط الحوثيين بتنظيم quot;القاعدةquot;.

في هذه الاثناء يبدو ان القصف في الشمال الذي ربما كان الهدف منه في البداية ان يوجه تحذيرا الى مرتدين آخرين مثل الانفصاليين الجنوبيين، حسب المجلة، لم يفعل سوى الكشف عن ضعف الحكومة، دون ان يفعل الكثير لانهاء تمرد الحوثيين. وإذ يتركز الاهتمام على صعدة فان الحكومة اليمنية تنفق مواردها المالية المتناقصة بسرعة تثير القلق، ويتزايد عجز الميزانية اليمنية، اذ أصبح النزاع معقدا وبعيد الأثر بصورة متزايدة بانخراط قبائل مع هذا الجانب أو ذاك بعدما ظلت خارج النزاع في السابق، اما ايران ـ الطرف الوحيد الذي لا يبدو ان له دورا حقيقيا حتى الآن ـ فان الوقت قد يحين قريبا للتدخل.