فالح الحمراني من موسكو: صاحبت ردود فعل الراي العام التركي الحادة على أحداث غزة، تصريحات شديدة ضد اسرائيل أدلى بها رئيس الوزراء رجب طيب اوردغان، اضاف عليها رده الشديد على الرئيس الاسرائيلي شيمون بيرس في جلسة المنتدى الاقتصادي العالمي بددافوس، وعلى هذا النحو تطابق لاول مرة منذ عدة عقود موقف الحكومة التركية مع موقف الراي العام.ويأتي هذا التحرك في إطار سياسة إحياء الدور الذي لعيهquot; العثمانيونquot; في الشرق الاوسط.

ويتعاطى المجتمع التركى مع منطقة الشرق الاوسط التي ترتبط بوشائج تاريخية وثقافية عميقة مع الاتراك والتي ظلت خاضعة لعدة قرون للحكم التركي، quot;كمنطقة قريبة عليهquot;وجزء من اصوله.
وتسعى الحكومة الحالية في سياستها الشرق اوسطية الاخذ بالاعتبار الميول الاجتماعية الداخلية و معالم مورثها التاريخي.وفي الوقت الذي تبدي فيه انقرة موقفا سياسيا ياخذ بنظر الاعتبار وجهة نظر الراي العام لبلدان المنطقة فانها تسعى من خلال ذلك تحقيق اهدافها الاستراتيجية في الشرق الاوسط بالاعتماد على القوى القوى الفاعلة هناك.ويطلق على التيار السياسي الذي يعتبر منظره الرئيسي مستشار اوردغان للشئون الخارجية احمد داودغولو: quot; العثمانية الجديدةquot;. ويتمحور هدف هذا التيار على احياء الإمبراطورية العثمانية في الشرق الاوسط على خلفية الوضع المترب في العالم. بيد ان من الطريف التساؤل عما هل ستتمكن تركيا تنفيذ تركيا هذه الخطة؟


عراقيل وهواجس
ان رغبة تركيا في اعادة الى الدولة الغابرة في الشرق الاوسط و المنجزات التي احزتها على مدى السنوات الست الاخيرة على هذا المسار تثير من دون شك قلق دول الكبرى في العالم التي لها مصالح في هذه المنطقة.

ومن المرتقب ان تتبنى بعض الاطراف اجراءات جادة ضد سياسة تركيا الشرق اوسطية الرامية الرامية للحد من حرية حركة اسرائيل والولايات المتحدة في المنطقة.ومن المنتظر ان توظف انقرة قدراتها وخاصة الاقتصادية لمواجهة الضغوط التي يمكن ان تتعرض لها، وهي على طريق تحقيق سياستها الشرق اوسطية. ولكن انقرة تتحسب من ان هناك وسائل ضغط اخرى يمكن ان تمارس عليها غير الوسائل الاقتصادية، بما في ذلك تلويح الكونجرس الامريكي بقضية الاعتراف بارتكاب الأتراك quot;مذبحة الأرمنquot;. بيد ان انقرة تراهن على ان امريكا غير معنية بحرق الجسور مع دولة ذات اهمية استراتيجية وموقع اقليمي مثل تركيا، وان الدوائر الإسرائيلية النافذة تخشى من تقليل تركيا من أهمية quot;محرقة اليهودquot; (الهلوكوست).

وتشير الدلائل الى انقرة تتوجس اكثر من الخطر الداخلي وليس من تهديدات المجتمع الدولي.وثمة مخاوف من اندلاع موجة عنف في تركيا تستهدف شخصيات معروفة منحدرة من اصول يهودية او اعتداءات على المعابد اليهودية. واستدعت هذه المخاوف رئيس الوزراء رجب طيب اوردغان للتعهد علنا بانه لن يسمح بتنامي مظاهر quot; معاداة الساميةquot; وانه لا ينتقد الشعب اليهودي بل دولة اسرائيل على ممارساتها بغزة.

ولا تنحصر العراقيل امام تطبيق استراتيجية تركيا ازاء الشرق الاوسط هذا وحسب. فيمكن ان تواجة انقرة ايضا مقاومة البلدان العربية. وخاصة من قوى التيار القومي المشبع بروح المواجهة لتركيا. ولهذا فان علاقات تركيا بحماس الاسلامية، افضل من علاقتها بفتح.

وثمة توقعات بان المنطقة سوف تشهد على خلفية تلك التطورات احداثا تثير الاستياء من تركيا في العالم العربي، مما يشير الى ان انقرة وبالرغم من قدراتها الكامنة لاحياء دور quot;العثمانيينquot; في الشرق الاوسط والنجاحات على حققتها، ستواجه مشاكل جادة على هذا طريق سياستها الشرق اوسطية.