زيارة رفسنجاني لبغداد تفجر خلافا بين طالباني ونائبه الهاشمي
الرئيس العراقي : موقف نائبي غير ودي وتجاوز على صلاحياتي

أسامة مهدي من لندن : فجرت زيارة يقوم بها الى العراق حاليا رئيس مصلحة تشخيص النظام في ايران علي اكبر هاشمي رفسنجاني خلافا بين الرئيس العراقي جلال طالباني ونائبه طارق الهاشمي الذي هاجم الزيارة ورفض المشاركة في استقبال رفسنجاني حيث عبر طالباني عن اسفه واستغرابه الشديدن لموقف الهاشمي الذي يقود الحزب الاسلامي السني وقال ان موقف الحزب المعرض للزيارة من دون التنسيق معه يعتبر تجاوزا على صلاحياته وموقفا غير ودي تجاهه .. بينما قام المسؤول الايراني اليوم بزيارة مفاجئة لمدينة سامراء محاطا بالمئات من الحراس الايرانيين حيث زار مرقد الامامين العسكريين ابرز العتبات المقدسة لدى الشيعة في العالم الذي فجر مسلحون قبته وماذنته مطلع عام 2006 .

وعبر طالباني quot;عن أسفه و استغرابه الشديدين للبيان الذي أصدره الحزب الإسلامي العراقي (بقيادة الهاشمي) حول زيارة أية الله سماحة الشيخ علي أكبر هاشمي رفسنجاني رئيس مجلس الخبراء و رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام في الجمهورية الإسلامية الإيرانية الذي يزور العراق تلبية لدعوة رسمية من قبلهquot; . واضاف في بيان صحافي الليلة أن هذه الدعوة أعلن عنها مسبقاً ويعلم بها الحزب الإسلامي و أمينه العام (الهاشمي) بصفته نائباً للرئيس الذي شارك عضو مكتبه السياسي إياد السامرائي quot;في مراسم إسقبال الضيف والاجتماع الرسمي بين الوفدين ورحب خلاله بزيارة الضيف الكريمquot;. واشار الى إن صدور هذا البيان من دون تنسيق ومشاورة مع الرئيس يعتبره تجاوزاً على صلاحياته و موقفاً غير ودياً من قبل الحزب الإسلامي تجاهه وهو quot;الذي لم يأل جهداً في دعم الحزب الإسلامي العراقي ومساندته و تأييد مواقفه في كل القضاياquot;.

وقد استغربت مصادر عراقية استقبال طالباني لرفسنجاني كرئيس للجمهورية حيث جرى عزف السلامين الايراني والعراقي وتفتيش المسؤول الايراني لحرس الشرف. وتساءلت قائلة quot; هل سيجري المسؤولون العراقيون مثل هذا الاستقبال الى رئيس مجلس الشورى المصري او رئيس هيئة البيعة السعودي مثلا ..quot;.

وكان الحزب الإسلامي شدد على إن الزيارة الحالية التي يقوم بها رفسنجاني إلى العراق غير مرحب بها في وقت كشفت مصادر عن محاولات يقوم بها اعضاء في الوفد الإيراني الزائر بناء على طلب من رفسنجاني شخصيا لتحقيق لقاء يجمعه بالهاشمي الذي رفض المشاركة في الاستقبال الرسمي الذي جرى له في بغداد .

وطالب أعضاءٌ في المكتب السياسي للحزب الحكومة العراقية بفتح الملفات المتعلقة بتدخلات طهران في الشأن العراقي quot;والتي أضرّت بالوضع الأمني والسياسي وكادت تجر البلاد إلى إتون الحرب الأهليةquot; . وأوضحوا إن تطوير العلاقات بين البلدين إيجابياً يستدعي إحترام الشأن الداخلي العراقي والكف عن التدخل به quot;مثل دعم الميليشيات وإثارة النعرات الطائفية وجعل الحدود بين البلدين ممراً لإدخال السلاح والمخدرات إضافة إلى حقوق عراقية لا تزال طهران متمسكة بها كما قالوا في بيان صحافي وزعه مكتب اعلام الحزب اليوم .

ووصل رفسنجاني الذي كان يتولى منصب رئاسة الجمهورية الايرانية خلال الحرب مع العراق بين عامي 1980 و1988 قد بدأ امس زيارة رسمية الى العراق تستغرق خمسة أيام بدعوة من الرئيس العراقي جلال طالباني .

وجاء رفض الحزب الاسلامي لزيارة رفسنجاني الى العراق في وقت قال مصدر مقرب من الرئاسة العراقية أن الهاشميquot;سني وضابط في الجيش العراقي السابقquot; لم يحضر مراسيم استقبال رفسنجاني كاشفاً عن ldquo;تحركات للوفد الإيراني الزائر بناء على طلب من رفسنجاني شخصيا لتحقيق لقاء يجمعه بالهاشميrdquo;. معروف ان الهاشمي كان اعرب في مرات عدة عن امتعاضه من تدخل ايران في شؤون العراق الداخلية ورفض بداية الاسبوع الحالي تصريحات ايرانية اعتبرت البحرين جزءا من ايران .

والمح المصدر الى احتمال عقد الاجتماع فعلا لمناقشة بعض الملفات التي لا تزال عالقة مع إيران وفي مقدمتها تبعات الحرب العراقية الإيرانية التي دامت ثمان سنوات والتدخل الإيراني بالشأن العراقي بحسب آخر التقارير الأمنية فضلا عن مطالب ايران بمئات المليارات من الدولارات عما تقول انها تعويضات عن الحرب . وأضاف أن الاجتماع إذا ما تم فسيناقش ايضا استهداف المخافر الحدودية العراقية ومشكلة المياه الإقليمية بين البلدين وتجفيف منابع المياه التي تدخل الأراضي العراقية عبر إيران إلى جانب مناقشة ملف هام آخر يتعلق بتصريحات بعض الساسة الإيرانيين العدائية ضد مملكة البحرين تاريخيا وجغرافيا والتشكيك بعروبة سكان هذه المملكة العربية .

وقد عبرت اوساط شعبية اخرى عن عدم ترحيبها بزيارة رفسنجاني ايضا حيث استنكر مجلس العموم لشيوخ لعشائر العراقية هذه الزيارة مؤكدين في بيان أصدروه عقب اجتماع لقادته بأن رفسنجاني قد تلطخت يداه بالدماء العراقية على مدى عقدين أو أكثر من الزمن . واشاروا الى أن العشائر ترى في استقبال هذا الشخص استهانة بدماء شهداء الحرب مع ايران وتضحياتهم ونكرانا لحق المغدورين الذين تمت تصفيتهم على أيدي الميليشيات الإيرانية وفرق الموت . ومن جهته أكد رئيس جبهة الحوار الوطني صالح المطلك أن زيارة رفسنجاني فيها استفزاز كبير لمشاعر العراقيين ولعوائل الشهداء على وجه الخصوص . وقال في تصريحات صحافية ان يران لم تتصرف بشكل ايجابي مع العراق داعيا الحكومة العراقية الى عدم الذهاب بعيدا في علاقتها مع إيران لأنها تتصرف بعنجهية مع العراق والعراقيين .

وقد قام رفسنجاني اليوم بزيارة الى مدينة سامراء (125 كم شمال بغداد) حيث تفقد مرقد الامامين العسكريين ابرز العتبات المقدسة لدى الشيعة في العالم. وقالت مصادر امنية ان رفسنجاني قام بزيارة سامراء من دون اطلاع رجال الدين ووجهاء العشائر مشيرين الى ان الزيارة شكلت مفاجاة . يذكر ان مرقد سامراء تعرض لعملية تفجير في 22 شباط (فببراير) عام 2006 كانت بمثابة الشرارة التي اطلقت موجة من اعمال العنف الطائفي اودت بعشرات الالاف من العراقيين سنة وشيعة.

وخلال لقائه مع رفسنجاني امس اكد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ان حكومته تسعى لتجاوز سياسات العداء التي مارسها النظام السابق ضد طهران بينما اعرب رئيس مصلحة تشخيص النظام في إيران علي أكبر هاشمي رفسنجاني عن سعادته لتسلم اصدقاء ايران السلطة في بغداد .

وبحث المالكي مع رفسنجاني العلاقات الثنائية وسبل تطويرها في المجالات الاقتصادية والتجارية والثقافية وضرورة الاسراع في تنفيذ الاتفاقيات التي تم التوقيع عليها بين البلدين مؤخرا. وقال ان تبادل الزيارات بين البلدين وعلى أعلى المستويات يؤكد ان العلاقات الثنائية قد تجاوزت آثار السياسات التي إتبعها النظام السابق وان العراق حريص على إقامة أفضل العلاقات مع جميع دول الجوار. من جانبه هنأ رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام في ايران المالكي على نجاح إنتخابات مجالس المحافظات باعتبارها مؤشرا قويا على مدى النجاح الذي حققته القوات الامنية في تثبيت الامن والاستقرار وبما يساعد في إنفتاح دول العالم على العراق كما نقل عنه بيان صحافي لمكتب اعلام المالكي الى quot;ايلافquot; الليلة الماضية .

وفي وقت سابق امس قال رئيس مجلس تشخيص النظام في ايران انه سعيد لان يرى اصدقاء ايران الذين وقفوا ضد النظام السابق وقد استلموا السلطة في بلدهم مؤكدا استعداد بلاده لمساعدة العراقيين في مختلف المجالات بينما اكد الرئيس العراقي جلال طالباني سعي بلاده لاخراج منظمة مجاهدي خلق الايرانية المعارضة من العراق كاشفا عن محاولات لاقناع دولة ثالثة بأستضافتهم .

وقال رفسنجاني خلال مؤتمر صحافي مشترك مع طالباني انه مسرور لان يرى المجاهدين العراقيين من اصدقاء ايران الذين عملوا معها قد استطاعوا التخلص من النظام السابق وحكم بلدهم بأنفسهم .

واشار الى ان العراق هو مركز الثقل في اهتمام العالم الان مشددا على ان ايران مستعدة لمساعدته والتعاون معه في مختلف المجالات . وتمنى ان تنتهي الظروف الامنية والمعيشية الصعبة التي يعيشها الشعب العراقي حاليا في اسرع وقت quot;لنشهد عراقا حرا متحدا متقدماquot;. واوضح انه لم يناقش بعد مع المسؤولين العراقيين القضايا الملحة بين البلدين من دون ان يدلي بتوضيحات اخرى .

ومن جهته قال طالباني ان علاقات العراق الخارجية تتحسن باستمرار مع مختلف الدول وله حاليا علاقات ممتازة مع جميع دول الجوار . واشار الى ان زيارة رفسنجاني مهمة جدا في تعزيز العلاقات العراقية الايرانية وانها تؤكد بأن العراق قد خرج من عزلته الدولية .. وقال ان الزيارة هي quot;نعمة من الله وبركة quot; .

وعن وجود منظمة مجاهدي خلق الايرانية المعارضة في العراق اوضح طالباني ان الدستور العراقي يحظر وجود مسلحين اجانب على الاراضي العراقية وقال ان عناصر المنظمة وقفوا مع النظام الدكتاتوري السابق ضد الشعب العراق ونفذوا هجومات في شمال العراق وقتلوا عشرات الاكراد الابرياء ايضا . واوضح ان العراق يسعى حاليا لاخراج المنظمة واقناع دولة ثالثة باستضافتها .

ورفض طالباني سؤالا يتعلق باقتصار مساعدة ايران على الاحزاب الشيعية العراقية مشيرا الى ان لطهران علاقات مع جميع القوى العراقية القومية واليسارية والعروبية ايضا .

ويترأس رفسنجاني مجلس تشخيص مصلحة النظام أعلى هيئة تحكيمية في النظام الإيراني ومجلس الخبراء الإيراني الذي يشرف على عمل المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي . ويقود رفسنجاني في زيارته هذه للعراق وفدا دينيا وسياسيا لاجراء مباحثات مع المسؤولين العراقيين إضافة إلى زيارة العتبات الشيعية المقدسة في العراق . ومن المقرر أن يلتقي رفسنجاني كبار المراجع الشيعية العراقية اضافة الى شخصيات سياسية ودينية اخرى .

وكان طالباني اختتم الاد الماضي زيارة رسمية الى طهران استغرقت ثلاثة ايام إيران حيث التقى كبار قادة إيران. ونشبت حرب بين إيران والعراق بين عامي 1980 و1988 أوقعت أكثر من مليون قتيل من الجانبين لكنه وبعد الإطاحة بنظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين في عام 2003 فقد تحسنت العلاقات بين البلدين .