نضال وتد من أم الفحم: تصدى آلاف الفلسطينيين في إسرائيل صباح اليوم، الثلاثاء، في مدينة أم الفحم لمحاولات مجموعة من أنصار حركة كهانا اليمينية العنصرية اقتحام المدينة وتنظيم مسيرة لرفع الأعلام الإسرائيلية فيها استفزازا لمشاعر الفلسطينيين ولتثبيت السيادة الإسرائيلية في المدينة، وفق ما يدعي منظم المسيرة العنصري باروخ مارزيل، الذي كان أصر على القيام بالجولة تحت حماية الشرطة الإسرائيلية، وذلك بعد أن وافقت محكمة العدل العليا الإسرائيلية على السماح له بتنظيم المسيرة المذكورة، على الرغم من رفض أهالي المدينة والقيادات العربية لهذه المسيرة تحسبا لوقوع مواجهات بين مجموعة مارزل وبين الأهالي.

وقام المئات من شبان المدينة برشق أنصار اليمين بالحجارة، في منطقة الأقواس المحاذية لمستوطنة quot;ميعاميquot;، واضطروهم إلى الانسحاب من المكان ومغادرة المنطقة، عندها تدخلت الشرطة وقامت بإطلاق الغاز المسيل للدموع على أهالي أم الفحم. وأكد شهود عيان لإيلاف أن الأجواء متوترة في أم الفحم، في ظل المواجهات التي لا تزال متواصلة بين بين الشرطة وأهالي أم الفحم، في ظل التواجد الكثيف لرجال الشرطة في المدينة.

ووقعت عشرات الإصابات في صفوف أهالي أم الفحم، كما أصيب عدد وصف بغير القليل من أفراد الشرطة خلال المواجهات، من ضمنهم المفتش العام لشرطة إسرائيل ونائبه. وشهدت مدينة أم الفحم، والبلدات الفلسطينية المجاورة لها في وادي عارة، منذ ساعات الصباح، تدفق المئات إن لم يكن الآف من الفلسطينيين بينهم القيادات السياسية للأحزاب العربية، بغية مواجهة مجموعات اليمين الإسرائيلي المتطرف.

في المقابل نشرت الشرطة ومنذ ساعات المساء من يوم الاثنين قوات كبيرة لها في المدينة وفي محيطها تحسبا لمواجهات شديدة بين المستوطنين وبين سكان أم الفحم. وأعلنت الشرطة عن درجة استنفار عالية ونشر المئات من عناصر القوات الخاصة المدججين بالأسلحة والذخيرة الحية. وقال ناطق رسمي إن الشرطة جندت لمهمة حماية مسيرة أنصار اليمين أكثر من 2500 عنصر من عناصرها.

وقالت الصحف الإسرائيلية إن الشرطة استنفرت قواتها بهذا الشكل على أثر إعلان عضو الكنيست اليمين، ميخائيل بن أرييه عن عزمه المشاركة في المسيرة ومطالبته الكنيست بتوفير الحماية الرسمية له. ويحاول أنصار اليمين تبرير مسيرتهم الاستفزازية بالقول إنه إذا لم يسمح لنا برفع علم الدولة في أم الفحم، فهذا يعني أننا لن نستطيع رفع علم إسرائيل في تل أبيب أيضا.

إضراب عام

وكانت بلدية أم الفحم أصدرت، أمس الاثنين، بيانا أكدت فيه أنّ المدينة ستبقى مضيافة لكل زوارها، لكنها ترفض استقبال من يدعو لترحيلنا من أرض الآباء والأجداد، كما وتمّ الإعلان عن إضراب عام يوم الثلاثاء، يشمل جميع مرافق الحياة في المدينة، باستثناء المخابز والعيادات الطبية والصيدليات.

كما أعربت جهات عربية عن خشيتها من وقوع مواجهات واشتباكات في حال أصرت المجموعة العنصرية على التظاهر، خصوصا بعد قرار المحكمة الإسرائيلية العليا بحق أعضاء المجموعة التجول في المدينة. وفي هذا السياق كان عضو الكنيست جمال زحالقة طالب الشرطة الإسرائيلية بمنع مجموعة مارزل وبن أريه من حمل السلاح، معلنا عن تخوفه من قيام مجموعة العنصريين اليهود بإطلاق النار في المدينة مما قد يؤدي إلى انفجار دوامة عنف وإراقة الدماء.

وحذر رئيس اللجنة الشعبية للدفاع عن الحريات، أمير مخول، بدوره من قيام الشرطة باستغلال المسيرة للاعتداء على المواطنين العرب في المدينة، فيما تترقب اللجنة الشعبية المحلية، بيان من الشرطة لتعلن مسار الزيارة، لا سيما في ظل فرض الشرطة التعتيم الكامل على كل ما يتعلق بعدد المشاركين اليهود في المسيرة، أو مسارها.

وفيما يحافظ قادة المدينة على لغة قانونية، فإن كثير من الأوساط الشابة في المدينة تعلن مسبقا أن أهالي المدينة يعتزمون منع مارزل وجماعته من دخول المدينة ولو بأجسادهم. وقال الشاب أحمد محاميد لإيلاف، إنه ومجموعة من رفاقه الشباب مستعدين لمواجهة الشرطة وقوات الأمن الإسرائيلية إذا اقتضت الضرورة، وأنهم لن يسمحوا لمارزل بإهابة الفلسطينيين في إسرائيل من خلال جولته الاستفزازية في شوارعها وهو يحمل العلم الإسرائيلي.

ويرى سكان المدينة أن زيارة مارزل وجماعته للمدينة ما كانت لتقر لولا الأجواء العنصرية في إسرائيل والتحريض المستمر من أوساط حكومية وحزبية فيها ضد أهالي المدينة، ولا سيما تصريحات وزراء في الحكومة ونواب في الكنيست مثل أفيغدور ليبرمان، الذي ينادي بترحيل أهالي أم الفحم أو ضم المدينة للسلطة الفلسطينية ضمن مخطط تبادل أراضي وسكان مع السلطة الفلسطينية.

يشار في هذا السياق إلى أن أم الفحم، ومنذ تولي الحركة الإسلامية بقيادة الشيخ رائد صلاح لرئاسة بلديتها منذ العام 1988، أصبحت تمثل في نظر الحكومات الإسرائيلية مركزا للتيار الإسلامي المتشدد لا سيما وأن تيار الشيخ رائد صلاح يعارض المشاركة في انتخابات الكنيست ويعارض مسار أوسلو واتفاقيات أوسلو الموقعة بين إسرائيل وبين منظمة التحرير الفلسطينية. وكانت الشرطة الإسرائيلية اعتقلت أمس في القدس، الشيخ رائد صلاح خلال مؤتمر صحافي عقد في حي الشيخ جراح بمناسبة إطلاق احتفالية القدس عاصمة الثقافة العربية.