إسلام آباد: أصدر افتخار تشودرى، رئيس المحكمة العليا (كبير القضاة) في باكستان، أمرا بإجراء تحقيق بحادثة جَلْد فتاة مراهقة في مكان عام، الحدث الذي جرى تصويره وتوثيقه على شريط فيديو وبُثَّ في أنحاء مختلفة من العالم مؤخرا. وأمر تشودري الشرطة والمسؤولين الحكوميين المحليين في منطقة وادي سوات الواقع شمال غربي البلاد، بإحضار الفتاة المذكورة إلى المحكمة الأسبوع المقبل، حيث ستُعقد جلسة للنظر بالقضية.

quot;عمل وحشيquot;

ونقل بيان صحفي عن تشودري، الذي أُعيد مؤخرا إلى منصبه بعد أن كان قد أُقيل بأمر من الرئيس الباكستاني السابق برفيز مشرف عام 2007، قوله: quot;إن جلد الفتاة هو عمل وحشي ويشكِّل خرقا للقوانين الأساسية، كما يسيء لاسم باكستانquot;. وكان رئيس الوزراء الباكستاني، يوسف رضا جيلاني، قد أدان حادثة جلد الفتاة المذكورة، معتبرا أن العمل quot;معيب ومسبب العارquot;.


وقال مكتب جيلاني في بيان أصدره تعليقا على الحادثة: quot;إن عمل جلد الفتاة يُعد مناقضا للتعاليم والمبادئ الإسلامية التي تعلِّم المسلمين على معاملة المرأة بأدب ولطف.quot; وقال البيان أيضا إن الحكومة تؤمن بحقوق النساء، وهي سوف تواصل بذل قصارى جهدها واتخاذ أي إجراء لحماية حقوقهن.

الضرب بالسوط

يُشار إلى أن فيلم الفيديو المذكور كان قد أظهر عناصر يبدو أنهم من حركة طالبان وهم يمسكون بالفتاة ويضربونها بسوط، بينما راحت هي تصرخ من شدة الألم. وتقول مصادر محلية إن الفتاة متهمة بالتورط بعلاقات محرَّمة مع رجل غريب، وإن عملية جلدها حدثت منذ حوالي شهر ونصف. وقد وافقت حكومة إقليم الحدود الشمالية الغربية في باكستان منذ ذلك الحين على تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية، وذلك كجزء من صفقة سلام أبرمتها مع المسلحين في المنطقة.

لهجة الباشتو

واللغة (أي اللهجة) المُستخدمة في الشريط هي لهجة الباشتو التي يتحدث بها سكان منطقة وادي سوات. وتُسمع الفتاة، التي تظهر في الشريط وهي مُغطَّاة بالكامل بالبرقع، وهي تبكي وتصرخ طوال فترة الجلد التي تستمر لدقيقتين، وفي إحدى المراحل تقسم بحياة والدها بأنها لن تعود إلى فعلتها مرة أخرى.

وكان أقارب الرجل، الذي قيل إنه متورط بعلاقة مع الفتاة المذكورة، قد قالوا لـ بي بي سي، إنه كان قد ذهب إلى منزل الفتاة الكائن في قرية كالا كالاي ليقوم بإصلاح بعض الأعطال الكهربائية كونه يعمل بمهنة كهربائي، لكن المسلحين اتهموه بأنه كان على علاقة مع الفتاة.

تقييد وجلد

وأضاف الأقارب قائلين إن المسلحين أخرجوا الرجل من منزل عائلة الفتاة وقاموا بجلده قبل أن يعاقبوها هي بدورها بالجلد أيضا. وذكروا أيضا أن عناصر طالبان أرغموا شقيق الفتاة على مسك اخته وجسدها مدلَّى إلى الأسفل، بينما قاموا هم بجلدها.

وبعد عملية الجلد تلك، أرغم عناصر طالبان الرجل والفتاة على الزواج من بعضهما، كما أصدروا تعليماتهم للزوج بألا يطلق زوجته أبدا، الأمر الذي جعله يشعر بالخوف والذعر. وكانت الحكومة قد وافقت على تطبيق الشريعة الإسلامية في منطقة وادي سوات سعيا منها للحيلولة دون قيام طالبان بفرض حزمة صارمة من القوانين الخاصة بها.

قطع الرؤوس

يُذكر أن طالبان سبق لها أن قطعت رؤوس المنشقين عنها وقتلت النساء اللواتي اتهمتهن بالقيام بتصرفات quot;غير إسلاميةquot;. ويبدو أن مثل تلك الممارسات كانت قد خفَّت بعد قبول زعيم حركة طالبان رسميا بالمحاكم الإسلامية. إلا أنه من غير الواضح ما إذا كان نظام القضاء الجديد سيشكل عمليا بديلا لمارسات حكم طالبان.

ويبدو أن المحاكم الجديدة بدأت تعمل ببعض الفاعلية في مدينة مينجورا الرئيسية في إقليم سوات ، إلا أن سلطتها لا تغطي المناطق القروية النائية؛ حيث يقول شهود عيان إن المسلحين يواصلون فرض سيطرتهم، وإن لم يكن بنفس الوحشية التي كانت سائدة في السابق.