اعداد أشرف أبوجلالة من القاهرة: تحت عنوان quot;مصير المنشقين الايرانين في العراق يكشف عن حقيقة حدود الهيمنة الأميركيةquot;.. تتناول اليوم صحيفة النيويورك تايمز الأميركية تداعيات جديدة وذات مغزى بشأن الغارة التي شنتها القوات العراقية الأسبوع الماضي على معسكر أشرف شرق العراق، حيث تقول أنه في الوقت الذي كان قد أعلن فيه الجنرال دافيد بيترايوس في سبتمبر / أيلول الماضي على أن بلاده حصلت على ضمانات من الحكومة العراقية تكفل لمنشقي ايران الذي يعيشون في هذا المعسكر ( وعددهم 3400 ) أن يظلوا يحظون بالحماية بعد أن يُسلم الأميركان مسؤولية المعسكر للقوات العراقية، لم يُثِر هذا الشجار الدموي الذي نشب بين قوات الشرطة العراقية وسكان المعسكر مخاوف جديدة في واشنطن بشأن قيمة هذه الضمانات فحسب، بل كشفت في الوقت ذاته عن حجم التأثير والنفوذ الضعيف الذي يحظى به المسؤولون الأميركيون الآن في بلد كانوا يسيطرون عليها بدرجة كبيرة لما يقرب من ست سنوات.
ومضت الصحيفة لتؤكد على أن تلك الغارة أجبرت إدارة أوباما على مواجهة بعض الموضوعات الشائكة التي عانى منها سابقه، ومن بينها: منع العراق من السقوط بصورة أكثر عمقا ً تحت نفوذ ايران، وكيفية استحداث سياسة صارمة تجاه ايران وسط مفاوضات دقيقة لتفكيك برنامج البلاد النووي المزدهر. كما أشارت الصحيفة إلى أن المسؤولين في واشنطن ظلوا يتصارعون على مدار سنوات بشأن مصير سكان هذا المعسكر، التابعون لمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة. ورغم استمرار ادراجها على لائحة وزارة الخارجية الأميركية الخاصة بالمنظمات الارهابية، إلا أنها زودت وكالات الاستخبارات الأميركية بسيل من المعلومات بشأن برنامج إيران النووي، حسبما أفاد مسؤولون أميركيون.
ومنذ عام 2003 وحتى مطلع العام الجاري، كانت تقوم القوات الأميركية بتوفير الحماية لمعسكر اشرف، كما كان يتصدى الدبلوماسيون الأميركيون لمطالب طهران بإرسال هؤلاء المنشقين مرة أخرى إلى إيران. كما كان يخشى بعض من مسؤولي الإدارة الأميركية السابقة من احتمالات قيام الحكومة في بغداد بشن حملات قمعية على المنشقين الايرانيين في العراق بمجرد أن تفرض القوات العراقية سيطرتها على البلاد مطلع العام الجاري. كما أشارت الصحيفة إلى أن السفارة الأميركية في بغداد قامت بارسال وفدا ً لمقابلة السلطات العراقية بغرض تذكيرهم بالتزامهم المكتوب بعدم الاساءة للمنشقين أو إعادتهم إلى إيران. وبالفعل حصل الأميركيون على موافقة بارسال طاقم من المسعفين العسكريين إلى المعسكر لمعالجة الجرحى الإيرانيين.
وفي الوقت الذي يدور فيه الحديث عن وجود مخاوف متعلقة بمدى التزام المسؤولين العراقيين باحترام رغبات المنشقين بعدم العودة إلى إيران ضد رغبتهم، قال مسؤول رفيع بوزارة الخارجية الأميركية أن هناك شكوك تفيد بأن العراقيين يأخذون تلك المخاوف بمحمل الجد. وتابع هذا المسؤول - الذي رفض الافصاح عن هويته نظرا ً لحساسية المسألة - حديثه بالقول :quot; سوف يخبرك العراقيون بما تريد أن تسمع. ولهذا السبب، سوف نستمر في مراقبة الوضع عن كثبquot;. وفي محور آخر، عاودت الصحيفة لتبرز حقيقة أن الخوف من أن تتحول الجماعة الايرانية المنشقة ( منظمة مجاهدي خلق ) إلى ورقة مساومة في علاقة بغداد بطهران قد تسبب في إحداث شرخ بداخل ادارة الرئيس جورج بوش حول جدوى إزالة المنظمة من القائمة الإرهابية أم لا.
وأوضحت الصحيفة في النهاية أنه وبالرغم من المحاولات التي قام بها منسق شؤون مكافحة الإرهاب بوزارة الخارجية الأميركية السفير ديل دايلي، في الأيام الأخيرة من إدارة الرئيس السابق جورج بوش، لإزالة منظمة مجاهدي خلق من قائمة الجماعات الإرهابية التي سبق وأن وضعتها وزارة الخارجية الأميركية، إلا أن مسؤولين من الإدارة الحالية استبعدوا إمكانية قيامهم بتلك الخطوة عما قريب، كما أكدت الصحيفة على عدم وجود ما يشير إلى أن وزيرة الخارجية، هيلاري كلينتون، تفكر حتى في اتخاذ هذه الخطوة.
فالصحيفة ترى من جانبها أن الإقدام على خطوة مثل هذه ستلعب دور بلا شك في تكدير علاقة واشنطن بطهران في الوقت الذي حوَّل فيه البيت الأبيض أسلوب تعامله الحواري مع إيران إلى حجر زاوية في سياسته الخارجية. ويقول بعض المسؤولين في كل من البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأميركية أن الجهود التي تبذلها الإدارة الحالية بغرض التحاور مع إيران، حتى في أعقاب حملتها القمعية الدموية التي عقبت الانتخابات الرئاسية الأخيرة، قد أزادت كذلك من تعقيد الحسابات الخاصة بالجماعة المنشقة. وهنا نقلت الصحيفة عن مسؤول بوزارة الخارجية الأميركية قوله :quot;هذا ما يجعل الأمور صعبة للغاية. فهناك قدر كبير من الشكوك حول ما يجري في إيرانquot;.
التعليقات