تعود جذور النزاع المسلح الدائر حاليا في اليمن بين الحكومة من جهة، والمتمردين الشيعة من جهة أخرى، إلى سياسة الحرب الباردة التي تأثرت بها المنطقة خلال عقد الستينيات. وكانت قررت الحكومة اليمنية وقف العمليات العسكرية التي كانت القوات المسلحة تقوم بها ضد الحوثيين بمناسبة حلول عيد الفطر. الا أن الحكومة اليمنية والمتمردون عليها في الشمال تبادلوا الاتهامات يوم السبت بخرق الهدنة المقررة خلال أيام عيد الفطر في حرب قتل فيها العشرات هذا الاسبوع. وكان وأكد بيان حكومي بأن القوات المسلحة اليمنية ستوقف العمليات العسكرية في جميع مناطق القتال، شريطة ان يلتزم المتمردون الحوثيون بـ 5 شروط تشمل وقف إطلاق النار وفتح الطرق والانسحاب من المديريات وإعادة المعدات المدنية والعسكرية وإطلاق سراح المحتجزين. وجاء في البيان quot;ان الحكومة ستوقف كل العمليات العسكرية في المناطق الشمالية الغربية من البلاد من الآن فصاعدا.quot;

اتهم الرئيس اليمني علي عبد الله صالح يوم الاحد في خطاب أذاعته وسائل الاعلام الحكومية المتمردين الحوثيين بشمال البلاد بقتل مدنيين أبرياء واستخدامهم quot;كدروع بشريةquot;.

وحوصر المتمردون اليمنيون المنتمون للطائفة الزيدية الشيعية في معركة مع القوات الحكومية منذ اطلاق الجيش اليمني لعملية quot;الارض المحروقةquot; في أغسطس اب في محافظتي صعدة وعمران.

وكان أعلن مصدر عسكري يمني لوكالة الأباء الفرنسية ان اكثر من 140 متمرداً شيعياً قتلوا اليوم الاحد في شمال اليمن خلال معارك عنيفة مع الجيش اليمني في صعدة عاصمة المحافظة التي تحمل الاسم نفسه. وفي وقت سابق رحب الرئيس اليمني الجنوبي السابق علي ناصر محمد اليوم الاحد بجهود إحلال السلام بمحافظة صعده إثر وقف إطلاق النار بين الجيش والمتمردين الحوثيين.

وقال ناصر محمد فى تصريح صحفي نشر اليوم في صنعاء quot; إن قضية الحوثيين في صراعهم مع السلطة يكتنفها الكثير من الغموض والملابساتquot;، مشيرا إلى إن لغة السلاح هي اللغة الأبرز بينهم وبين السلطة، ومعبرا عن أسفه لإقحام الخلاف المذهبي والطائفي في القضية. وعادت الحياة الطبيعة الى محافظتي صعده وعمران اليوم بعد اشتبكات دامية قبل وقف اطلاق بين الجانبين امس السبت تكبد خلالها الجيش والحوثيون عشرات القتلى والجرحى فى معظم جبهات القتال.

وطالب الرئيس اليمني السابق بوقف إطلاق النار واللجوء إلى حل المشكلة سلميا عبر التهدئة والحوار، ودعا الى أن يتم التوافق على حل الأزمة اليمنية بالحوار وبتظافر جهود الخيرين في اليمن وخارجه من الحريصين على أمن ووحدة واستقرار هذا البلد ،مشددا على إن استقرار اليمن هو استقرار لدول وشعوب المنطقة كلها. وقال quot; إن قرار الحرب والسلم بيد صناع القرار في اليمن والأمل في أن تنتصر إرادة السلام والاستقرار والمحبة والتعايش والمواطنة المتساوية والقانون على ماعداها quot;.

وتبادلت الحكومة اليمنية والمتمردون عليها في الشمال الاتهامات يوم السبت بخرق الهدنة المقررة خلال أيام عيد الفطر في حرب قتل فيها العشرات هذا الاسبوع. وقال متحدث عسكري في بيان بعد أن أعلنت الحكومة اليمنية وقفا لاطلاق النار من جانب واحد ان المتمردين لم يلتزموا بوقف اطلاق النار وانهم مازالوا يشنون الهجمات على القوات المسلحة اليمنية في باقم وسفيان والملاحيظ.

وأزعج عدم الاستقرار في اليمن الذي يشمل حملة نشيطة للقاعدة ضد اهداف حكومية واجنبية خلال العامين الماضيين القوى الغربية والمملكة العربية السعودية المجاورة أكبر منتج للنفط في العالم. وقال المتمردون ان الجيش الحكومي يواصل هجماته. وقال بيان صادر عن المتمردين يتهم الجيش باطلاق الصواريخ والمدفعية صباح يوم السبت في منطقة سفيان ان السلطات تواصل هجماتها في عدة قطاعات على الرغم من اعلانها الهدنة.

ونشر موقع للمتمردين على شبكة الانترنت صورا لما بدا أنهم أطفال بين 87 شخصا قتلوا في غارة جوية على مخيم مؤقت للنازحين في محافظة صعدة الاربعاء بعد يومين من قصف القوات الحكومية لسوق في مدينة الطلح. وقوبلت الحادثتان بادانة واسعة من جماعات الاغاثة وجماعات حقوق الانسان اليمنية. وطالبت مسؤولة حقوق الانسان بالامم المتحدة اليمن بتنفيذ التزاماته تجاه المدنيين. وابلغ علي سالم البيض رئيس جمهورية اليمن الجنوبية السابقة الذي اقام في المنفى منذ حرب مع قوات الرئيس على عبد الله صالح عام 1994 تجمعا من الانفصاليين الجنوبيين ان حكومة صالح ارتكبت جريمة حرب.

مصدر عسكري يعلن عن إحباط هجوم للتمردين في صعده

على صعيد متصل، قال مصدر عسكري يمني ان الجيش أحبط هجوما نفذه المتمردون الحوثيون إثر محاولتهم الاستيلاء على القصر الجمهوري بمدينة صعدة عاصمة المحافظة بشمال اليمن أسفر عن مصرع العشرات من الحوثيين.

واشار المصدر الى ان أتباع الحوثي نفذوا هجوماً شاملا على المدينة، في محاولة للسيطرة عليها من جميع الجهات. واضاف ان المواجهات وقعت فى المنطقة المحيطة بالقصر الجمهوري غير انه تم السيطرة على الوضع بعد مقتل العشرات من المتمردين الحوثيين، وفرار المئات منهم الى الجبال المحيطة بالمدينة.

مصادر يمنية تهاجم حسن نصرالله

وفي السياق عينه ذكرت صحيفة quot;الحياةquot; ان الحكومة اليمنية رحبت بدعوة الأمين العام لـquot;حزب اللهquot; السيد حسن نصر الله إلى وقف العمليات العسكرية ضد المتمردين لكن اوساطاً حكومية عبّرت عبر صحيفة quot;الحياةquot; عن استغرابها من عدم دعوته quot;الحوثيينquot; الى انهاء خروجهم المسلح على الدولة والدستور والقوانين ولا حتى توجيه النصيحة اليهم لقبول شروط اللجنة الامنية العليا الست. وقال مصدر حكومي طلب عدم ذكر اسمه: quot;لم نستغرب دعوة نصرالله لوقف القتال في هذه الظروف، لكن ما يدعو للاستغراب انه لم يوجه الى المتمردين حتى مجرد النصيحة لوقف تمردهم انطلاقاً من مبدأ عدم صوابية حمل السلاح خارج اطار الدولة والدستورquot;.

واضاف المصدر نفسه: quot;ليس لدينا شك في ان نصرالله يعلم بالتأكيد بأن الحوثيين رفضوا كل مبادرات السلام، ويصرون على استمرار مقاتلة الدولة على رغم كل الفرص التي طرحتها الحكومة عبر الوساطات لحل سياسي يضمن لهم انشاء حزب سياسي في اطار القوانينquot;.

وكانت الحكومة اليمنية اعلنت اول من امس وقفاً موقتاً لاطلاق النار لمناسبة عيد الفطر واقترحت تثبيته اعتباراً من ظهر السبت اذا التزم المتمردون شروطها. لكن مصدراً مسؤولاً في مكتب القائد الاعلى للقوات المسلحة أكد انquot;الحوثيينquot; لم يلتزموا وقف القتال وان quot;عناصر التمرد واصلت اعتداءاتها على القوات المسلحة والأمن في قطاعي الملاحيظ وسفيان وباقمquot;.

قتلى معظمهم من النساء والأطفال والشيوخ

وكان اكثر من ثمانين يمنيا، معظمهم من النساء والاطفال والشيوخ، قتلوا يوم الاربعاء الماضي نتيجة غارة جوية نفذها الطيران الحربي اليمني على معسكر مؤقت للنازحين في محافظة صعدة. وقد قوبلت هذه الغارة بادانة دولية واسعة، وطالبت الامم المتحدة الحكومة اليمنية بالوفاء بالتزاماتها تجاه المدنيين. وقد عبر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون يوم الجمعة عن انزعاجه من الغارة ودعا إلى وقف فوري للقتال بين القوات الحكومية والحوثيين.

وتقول الأمم المتحدة إن القتال الدائر في صعدة منذ عام 2004 ادى الى نزوح اكثر من 150 الف يمني عن ديارهم. وتتهم الحكومة اليمنية الحوثيين بالسعي نحو اعادة نظام الامامة الزيدية الذي اطيح به في انقلاب عسكري عام 1962، كما تتهم ايران بدعم المتمردين. اما الحوثيون، فيقولون إنهم يقاتلون من اجل الحصول على قدر من الحكم الذاتي، ويتهمون حكومة الرئيس اليمني علي عبد الله صالح بالتسلط والفساد، وبادخال نمط من الأصولية السنية الى البلاد من خلال تحالفها مع المملكة العربية السعودية.

وتقاتل الحكومة أيضا ضد العناصر الانفصالية في الجنوب، كما تواجه انتقادات امريكية بالتقاعس عن ماجهة المسلحين التابعين لتنظيم القاعدة في شرقي البلاد، وكذلك القراصنة الذين ينطلقون من سواحل اليمن.