دومينيك دو فيلبان ونيكولا ساركوزي

بدأت المحاكمة في قضية كليرستريم التي إتفق على وصفها بـquot;محاكمة العقدquot;، الإثنين بهجوم عنيف شنه المتهم الرئيسي في هذه القضية رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق دومينيك دو فيلبان على الرئيس نيكولا ساركوزي في ما يشكل امتدادًا قضائيًا لكراهية عمياء بين الرجلين. ويواجهدو فيلبان في حال ادانته عقوبة السجن حتى خمس سنوات وغرامة تصل إلى عشرات آلاف اليورو، ويتوقع أن يطالب بعدم قبول دعوى رئيس الدولة الذي هو واحد من 40 شخصًا في جهة الادعاء.

باريس: شن رئيس الوزراء الفرنسي السابق دومينيك دو فيلبان هجومًا شديدًا على الرئيس نيكولا ساركوزي يوم الإثنين لدى بدء محاكمة دو فيلبان بتهمة التآمر لتشويه خصمه السياسي قبل الانتخابات التي جرت في 2007. وقال دو فيلبان قبل دخوله قاعة المحكمة quot;انني هنا بإرادة رجل واحد، انني هنا بسبب تعنت رجل هو نيكولا ساركوزي الذي هو ايضًا رئيس جمهورية فرنسا. سأخرج حرًّا وبريئًا باسم الشعب الفرنسيquot;.

واضاف ان quot;بعضهم يريدون ان يصدقوا انه ليست هناك محاكمات سياسية في بلدنا. اريد ان اصدق ذلك ومع ذلك فنحن هنا في 2009 وفي فرنساquot;، مؤكدًا quot;ان معركتهquot; هي معركة quot;جميع اولئك الذين يقاتلون ضد الظلم وجميع اولئك الذين هم ضحايا تجاوز السلطةquot;.

إقرأ المزيد:

محكمة باريس تبدأ النظر في قضية كليرستريم

كليرستريم سر الكراهية بين ساركوزي ودو فيلبان

دو فيلبان يتهم ساركوزي في قضية كليرستريم

ولم يخف دو فيلبان - الذي ذاع صيته عالميا في 2003 بعدما ألقى كلمة مفعمة بالعواطف في الامم المتحدة ضد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق - وساركوزي العداوة بينهما عندما كانا يعملان معًا بالحكومة.

وقد استقبل رئيس الوزراء الاسبق الذي رافقته زوجته واولاده الثلاثة، بالتصفيق الحاد لدى وصوله الى المحكمة قبل ان يجلس في جهة المتهمين.

وهو متهم بالضلوع في عملية تلاعب بوثائق لزعزعة وضع ساركوزي قبل العام 2007، ويتوقع ان يطالب بعدم قبول دعوى رئيس الدولة الذي هو واحد من اربعين شخصًا في جهة الادعاء المدني في هذا الملف. ورغم تمتع الرئيس بالحصانة اثناء ولايته بموجب بند من الدستور، فان ذلك لا يحظر عليه اللجوء الى القضاء.

وقد بدأت المحاكمة في مناخ خارج على المألوف. وحصل نحو خمسين صحافيًا على البطاقة التي تسمح لهم بدخول قاعة المحاكمة حيث حكم بالاعدام على الملكة ماري انطوانيت في 16 تشرين الاول/اكتوبر 1793، في احدى المحطات اللافتة للثورة الفرنسية.

وطلب محاموه يوم الاثنين من القضاة منع مشاركة ساركوزي في القضية كمدع قائلين ان مشاركته المباشرة في محاكمة تتعارض مع كونه رئيسًا للدولة.

وظهرت فضيحة quot;كليرستريمquot; في 2004 عندما أرسل مجهول الى قاض يحقق في قضية فساد مرتبطة بصفقة أسلحة مع تايوان وثائق تورط عددًا من الشخصيات البارزة من بينها ساركوزي في القضية، وتضمنت الوثائق

دو فيلبان خلال حديثه للصحافة يوم الاثنين

قائمة طويلة بحسابات مصرفية تزعم أنها مفتوحة لدى مؤسسة كليرستريم المالية ومقرها لوكسمبورج مع تلميح الى أنها مرتبطة بتايوان وعصابات اجرامية من بينها المافيا الروسية.

غير أنه اتضح سريعًا زيف الوثائق وتحول التحقيق الى معرفة من يقف وراء تلك المناورة. وجرى تعريف هوية المبلغ المجهول الذي أرسل القائمة على أنه جان لوي جيرجوران وهو مسؤول تنفيذي سابق بمجموعة (اي.ايه.دي.اس) الاوروبية تربطه علاقة وثيقة بالمخابرات الفرنسية.

ويواجه موظف اخر في المجموعة وهو متعامل سابق ومتخصص في الكمبيوتر عالم الرياضيات اللبناني ـــــ الفرنسي عماد لحود تهمة تزوير قائمة الحسابات المصرفية. ويخضع الاثنان للمحاكمة أيضًا.

ويعتقد مدعون أن دو فيلبان - الذي كان وزيرًا للخارجية ثم للداخلية في ذلك الحين - دفع جيرجوران لارسال الوثائق للقاضي دون الكشف عن هويته، علىالرغم من أنه كان يعلم أنها مزورة وذلك بهدف الاضرار بمنافسه ساركوزي.

غير أن الفضيحة لم تمس ساركوزي الذي فاز في الانتخابات الرئاسية في 2007. وانسحب دو فيلبان من الحياة السياسية وتأهل بعد ذلك للعمل كمحام.

وحتى 23 تشرين الاول/اكتوبر، ستسعى محكمة الجنح الى تحديد هوية الجهة التي زورت اللوائح المصرفية ما ادى الى اتهام نحو 200 شخصية من الاوساط السياسية والصناعية بالفساد، بينهم ساركوزي.

وكان الهدف من عملية التلاعب المعقدة جدًا التي تعود الى 2003، الاساءة الى اصحاب الحسابات الوهمية لدى شركة الخدمات المالية في لوكسمبورغ quot;كليرستريمquot;، عبر الاظهار انهم تلقوا رشوة في عملية بيع اسلحة لتايوان في العام 1991.

وكان قاض يحقق في وقائع الفساد هذه تلقى اللوائح المرسلة من جهة مجهولة. ثم فتح تحقيق في قضية وشاية. وكان نيكولا ساركوزي انذاك وزيرًا في الحكومة نفسها مع دومينيك دو فيلبان، الذي خاض معه صراعا شرسا لخلافة جاك شيراك في قصر الاليزيه في العام 2007.

نائب الرئيس السابق جان لوي غريغوران، نائب الرئيس السابق للمجموعة الاوروبية للصناعات الدفاعية (اي ايه دي اس)

ويعتبر ساركوزي ان اضافة اسمه هدفت الى quot;تلطيخ سمعتهquot; لدى الرأي العام لمنع وصوله الى الاليزيه. وقد تعهد quot;معاقبةquot; من يقف وراء هذه القضية quot;بشدةquot;، علما ان شكوكه تتجه نحو دو فيلبان الذي كان وزيرا للداخلية ورئيسا للوزراء.

اما دو فيلبان المتهم بالتواطؤ في الوشاية والذي يواجه في حال ادانته عقوبة السجن حتى خمس سنوات وغرامة تصل الى عشرات الاف اليورو، فينفي من ناحيته اي ضلوع في هذه القضية، ويُتوقع أن يطالب بعدم قبول دعوى رئيس الدولة الذي هو واحد من 40 شخصاً في جهة الادعاء.

ورغم فوز ساركوزي في العام 2007 ورغم كون رئيس الوزراء السابق معزولا سياسيا، فانه مصمم على الثار من خصمه مدفوعا بطموحاته الرئاسية.

وقد اطلق مؤيدوه ما سمي quot;نادي فيلبانquot; وكتبوا على احد مواقع الانترنت quot;ان البلاد تحتاج اليه للتأثير على الحاضر والتحضير للمستقبلquot;.