بدأت عملية تجاهل المرأة المصرية والانتقاص من دورها في الثورة مع تشكيل لجنة من القانونيين لوضع التعديلات الدستورية، وخلت من أية وجوه نسائية، ثم تشكيل عصام شرف حكومته الأولى، ولم تتضمن أية خبرات نسائية.


القاهرة: جاءت حركة المحافظين الجديدة بمصر لتضع المزيد من الملح في الجرح الذي أصاب المرأة بعد نجاح الثورة في الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك بتاريخ 11 فبراير، وأكدت أن هناك إصرارا من حكومة الدكتور عصام شرف على إقصاء المرأة عن الحياة السياسية، بعدما نجحت الحملات الرجعية في تضاؤل دورها بشكل لافت على المستوى الرسمي في الدولة، و إستبعادها من كافة المناصب القيادية.

تجاهل واضح

بدأت عملية تجاهل المرأة والإنتقاص من دورها في الثورة مع تشكيل لجنة من القانونيين لوضع التعديلات الدستورية، وخلت من أية وجوه نسائية، ثم تشكيل الدكتور عصام شرف حكومته الأولى، ولم تتضمن أية خبرات نسائية،

السفيرة فايزة أبو النجا المراة الوحيدة في الحكومة المصرية

بإستثناء السفيرة فايزة أبو النجا المستمرة في منصبها كوزيرة للتعاون الدولي منذ النظام السابق، ولم تتوقف عملية التجاهل عند هذا الحد، حيث لم يسند الدكتور عصام شرف للمرأة أية حقائب وزارية في حكومته الثانية، باستثناء السفيرة فايزة أبو النجا.

ورغم إظهار المنظمات السنوية تذمرها من هذا التجاهل للمرأة، إلا أن شرف إستمر في الإخلال بحقوقها في تولي المناصب القيادية في الدولة، وأجرى تغييراً على المحافظين أدخل فيه 11 محافظاً جديداً، ولكن من دون أن تحظى المرأة بمقعد واحد. الأمر الذي زاد من حنق المرأة المصرية ضد المجلس العسكري الذي يدير شؤون البلاد منذ إزاحة مبارك عن الحكم في 11 فبراير الماضي، وضد رئيس الحكومة الدكتور عصام شرف.

شريك أساسي في الثورة

ووفقاً للناشطة السياسية إسراء عبد الفتاح فإن المرأة المصرية شاركت في الثورة بقوة، ولم تغب عنها لحظة واحدة، مشيرةً إلى أنها كانت مع الرجل جنباً إلى جنب وكتفاً بكتف، وأضافت لquot;إيلافquot; أن المرأة كانت حاضرة بقوة في ميدان التحرير وشتى ميادين وشوارع مصر التي شهدت الثورة، وقدمت شهيدات من بنات جنسها، لافتةً إلى أن المرأة كانت تتوقع بعد نجاح الثورة في إسقاط مبارك أن تحصل على حقوقها كاملة، ويتم إعادة النظر في القوانين التي تنتقص من تلك الحقوق، ولكن ما حدث هو العكس، بعد أن ظهرت شعارات تقول إن المرأة لبيتها، وأن quot;النساء ناقصات عقلا وديناquot;.

وأعربت عبد الفتاح عن قلقها من تراجع دور المرأة بعد الثورة، وتجاهل الحكومة منحها حقها في تولي المناصب القيادية في الدولة، متسائلةً: ألا يوجد في مصر كفاءات من النساء لشغل منصب الوزير أو المحافظ؟

تنامي ظاهرة العداء للمرأة

ومن جانبها، حذرت الإعلامية والمرشحة المحتملة لرئاسة الجمهورية بثينة كامل من تنامي ظاهرة العداء للمرأة بعد الثورة، نتيجة لتنامي دور التيارات الإسلامية المتشددة، وحذرت أيضاً من استجابة الحكومة والمجلس العسكري لضغوط تلك التيارات أو وضعها وفق قواعد اللعبة السياسية.

المراة المصرية كانت شريكة للرجل في ثورة 25 يناير

وقالت لquot;إيلافquot; إن المرأة نصف المجتمع، ناضلت من أجل نحاج الثورة، وليس من الإنصاف الإنتقاص من حقوقها أو معاملتها بشيء من الدونية مقارنة بالرجل، مشيرة إلى منح المرأة حقوقها التي نص عليها الدستور ومواثيق حقوق الإنسان الدولية التي وقعت مصر عليها يشكل مظهراً حضارياً من مظاهر الثورة المصرية، التي أبهرت العالم بتحضرها منذ إندلاعها في 25 يناير مروراً بإسقاط الرئيس السابق حسني مبارك، وحتى الآن.

وتعدد كامل مظاهر إنتقاص حقوق المرأة بعد الثورة بالقول إن ذلك بدا واضحاً من خلال تشكيل لجنة لوضع تعديلات دستورية على الدستور الذي أسقطته الثورة من الأساس، حيث خلت من الوجوه النسائية رغم أن مصر تزخر بالكفاءات النسوية في مجال القانون، ثم تعرضت المشاركات في وقفة إحتجاجية في ميدان التحرير بمناسبة الإحتفال بيوم المرأة العالمي للقمع، بحجة أن تظاهرتهن فئوية، وهناك اعتقالات جرت في صفوف النساء، وتساءلت كامل عن السر وراء إصرار الدكتور عصام شرف رئيس مجلس الوزراء على استبعاد المرأة من مناصب الوزراء والمحافظين ورؤساء تحرير الصحف والمجلات القومية، والمناصب القيادية في المؤسسات الرسمية؟

إختبار العذرية

تنظر المنظمات الحقوقية والنسوية لحادث اعتقال المتظاهرات من قبل الشرطة العسكرية، وإجراء اختبارات فحص العذرية لهن جبراً، باعتباره أقسى وأكبر انتهاك لحقوق المرأة المصرية بعد الثورة، وقالت كامل إن هذا الحادث بشع، ولم يقع في عهد الإستبداد والقمع في عهد الرئيس السابق، مشيرة إلى أنه ما كان ينبغي أن يمر هذا الحادث من دون عقاب، ودعت إلى ضرورة إعادة الدكتور عصام شرف النظر في سياسات حكومته تجاه المرأة.

تقصير المنظمات النسائية

فيما ألقت فوزية سعيد الناشطة النسائية باللائمة في تجاهل دور المرأة والإنتقاص من حقها على المنظمات النسائية، وقالت لـquot;إيلافquot; إن النساء اللاتي شاركن في الثورة مصريات ينتمين إلى شتى فئات المجتمع، وليس بينهن رابط، ولم يكنّ يبحثن عن مجد شخصي أو مناصب، بل خرجن من أجل الحرية والعدالة الإجتماعية لجميع المصريين.

مشيرة إلى أن مهمة الدفاع عن حقوق المرأة وإظهار تضحياتها أثناء الثورة يقع على عبء المنظمات النسائية، التي من المفترض فيها أنها تدافع عن حقوق المرأة، وتتصدى لأية محاولات تستهدف النيل من كرامتها أو الحطّ من شأنها أو الخصم من مكتسباتها التي نالتها بالنضال لسنوات طويلة.

وأوضحت أن المنظمات تقاعست عن ترشيح شخصيات نسائية للمشاركة في لجنة تعديل الدستور، ولم تتقدم بترشيحات للحقائب الوزارية رغم أن الدكتور عصام شرف فتح المجال أمام جميع التيارات والإئتلافات والمنظمات الأهلية لترشيح من يرونه الأصلح للحقائب الوزارية، وكذلك الحال في ما يخص حركة المحافظين الأخيرة.

قوانين سوزان

الكارثة الكبرى، حسبما ترى سعيد أن هناك محاولات للنيل من التشريعات التي ناضلت المرأة من أجلها لعشرات السنين، بدعوى أنها quot;قوانين سوزانquot;، أي أن من ساهمت في وضعها قرينة الرئيس السابق حسني مبارك، ومنها قوانين الرؤية، والخلع، ووثيقة الزواج الجديدة.

فضلاً عن أن هناك محاولات أخرى لإلغاء المجلس القومي للمرأة بدعوى أنه مجلس الهوانم، وأن سوزان مبارك كانت وراء إنشائه، مشيرة إلى أن المجلس رغم الكثير من السلبيات الخاصة به، إلا أنه ساهم في حصول المرأة على الكثير من حقوقها التي كانت مهضومة، مشددة على ضرورة تعديل مساره وتطهيره وليس الإلغاء.