لو سألت لاعباً سعودياً عن أكثر لحظات الحرج التي قد يمر بها في مباريات كرة القدم لأجابك فوراً إنها لحظات الحداد التي تسبق بعض المباريات وخصوصاً في المحافل الدولية، لكن مباراة الهلال وزينيت الروسي كانت أخر مشاهد الاحراج للاعب السعودي.


الرياض : كانت مباراة الهلال السعودي وزينيت الروسي التي أقيمت مساء امس الأربعاء والتي أقيمت في دبي كانت آخر مشاهد quot;الإحراجquot; البالغ الذي يتعرض لها اللاعب السعودي عندما يطلب الفريق المقابل quot;وقفة حدادquot;.

يقول لاعب سعودي وهو دولي سابق فضل عدم ذكر اسمه في حوار قصير مع quot;إيلافquot; quot;إننا قضينا سنوات طويلة في الملاعب والأمر متروك لرغبتنا الشخصية،فلم تأمرنا إدارة المنتخب بالتجاوب مع دقائق الحداد، ولم ينهانا أحد عن ذلكquot; وأضاف quot;هناك بعض اللاعبين الذين يلتزمون بالفتاوى التي تحرم هذا الفعل على اعتبار أنه تقليد للكفار وأنها بدعة، وهناك لاعبين آخرين لا يعلمون عن هذه الفتوى شيئاً ولكنهم يقلدون زملاءهم ويخشون نظرة المجتمع فيما لو وقفواquot;.

وعن شعوره وهو لا يلتزم بالوقوف حداداً أمام الفريق المقابل قال quot;الأمر محرج جداً وخصوصاً أمام الفريق المقابل وأمام الجماهير وخصوصاً إذا كانت المباراة على أرضهمquot;.

اللاعبون الروس وقفوا لوحدهم فيما ابتعد لاعبو الهلال

في مباراة الهلال والفريق الروسي يوم أمس الأربعاء على نهائي بطولة دبي الدولية الودية اصطف اللاعبون الروس على الجزء الخاص بهم من دائرة الملعب ووقفوا جميعاً ومعم طاقم الحاكم الإماراتيون، فيما بدا الارتباك على لاعبي الهلال،ولم يصطفوا أمام الفريق الروسي مثلما يتطلب التقليد الرياضي المعروف، وبدأت الكاميرا تتنقل بين لاعبي الهلال الذي تنوعت ردود فعلهم، فبعضهم وقف مثل الثنائي الأوروبي ميريل رادوي وكريستيان فيلهامسون ومثل محمد الشلهوب وخالد عزيز، فيما كان اللاعب الملتحي أحمد الفريدي يغالب ابتسامته وهو يجري حركات الإحماء أمام اللاعبين الروس، وبقيت غالبية اللاعبون الزرق يقفون بخجل ويلتفتون يمنة ويسرة.

هذا المشهد كان حديث أنصار الفريق الهلالي الذين تنوعت ردود فعلهم أيضاً، فمنهم من كان لا يرى فيها بأساً وإنما هو تقليد رياضي لا أكثر، قائلين إنها لا يجب أن تخرج عن إطارها الرياضي البحت، ومنهم من بارك تفرق لاعبي الهلال وعدم اصطفافهم مقابل الفريق الروسي.

مشهد آخر تذكره المشجعون السعوديون عندما وقف جميع لاعبي فريق النصر دقيقة صمت قبل إحدى مبارياتهم الودية في معسكر فريقهم في إيطاليا مطلع الموسم الحالي.

وحينها ثار جدل أيضاً بين مؤيد ومعارض.

ويستند من يرون حرمة هذا العمل إلى فتوى أصدرتها اللجنة الدائمة للإفتاء في السعودية جواباً على سؤال حول نفس الموضوع، ونصت الفتوى على أن quot;ما يفعله بعض الناس من الوقوف زمناً مع الصمت تحية للشهداء أو الوجهاء ، أو تشريفاً وتكريماً لأرواحهم، وإحداداً عليهم، وتنكيس الأعلام من المنكرات والبدع المحدثة التي لم تكن في عهد النبي صلى الله عليه على آله وسلم ولا في عهد أصحابه ولا السلف الصالح ، ولا تتفق مع آداب التوحيد ، ولا إخلاص التعظيم لله ، بل اتَّبع فيها بعض جهلة المسلمين بدينهم من ابتدعها من الكفار وقلدوهم في عاداتهم القبيحة ، وغُلوّهم في رؤسائهم ووجهائهم أحياء وأمواتاً ، وقد نهى النبي صلى الله عليه على آله وسلم عن التشبه بهم ، والذي عُرف في الإسلام من حقوق أهله الدعاء لأموات المسلمين ، والصدقة عنهم ، وذكر محاسنهم ، والكفّ عن مساويهم .. ، إلى كثير من الآداب لتي بيّنها الإسلام وحث المسلم على مُراعاتها مع إخوانه أحياء وأمواتاً ، وليس الوقوف حداداً مع الصمت تحية للشهداء أو الوجهاء ، بل هذا مما تأباه أصول الإسلام quot; .

وعن هذه الفتوى وعن الوضع كاملاً تحدث لإيلاف الباحث الإسلامي السعودي عبدالله العلويط قائلاً quot;إن ما يفعله اللاعبون إذا كان القصد منه احترام للموتى وعزاء يوصل رسالة لأهاليهم فإن الأمر محمود وطيب.

ونفى العلويط أن تدخل هذه العادة الإنسانية التي تعارف عليها البشر في الدين لأن quot;البدعة والتشبه لا تكون إلا في أمور الدين فقط ولا يجب إدخالها في كل أمور الحياة العادية التي يمارسها الإنسان، وإلا لما لبسنا ربطة العنق وركبنا السيارة، وهم إنما يحرمون هذا الفعل من منطلق quot;البدعةquot; مثلما بدّعوا اليوم الوطني والسلام الوطني وغيرها من عادات الناس.

و تساءل العلويط quot;لو وقف أهل تونس أو المغرب أو مصر حداداً على أرواح شهداء جدة ألا نعتبر ذلك شيئاً طيباً؟quot;، وختم العلويط مداخلته بقوله quot;إن الرسول صلى الله عليه وسلم وقف لجنازة يهودي في حديث مشهور، وحينما قال له من عنده إنه يهودي قال الرسول quot;أو ليست نفساً؟quot; و أوضح quot;وإنني لا أعلم دليلاً يحرم هذا الفعل، بل إنه يعتبر شيئاً طيباً ويوصل رسالة طيبة كنوع من أنواع العزاء فيما إذا تعارف الناس على أن الصمت هو رسالة، ويمكن القياس على ما فعله الرسولquot;.

ويقول علي الزهراني وهو عضو لجنة الإعلام في الاتحاد السعودي لكرة القدم في حديث لـquot;إيلافquot;: quot;إن الأمر لا يجب أن يخرج عن مساره الرياضي، فهو عرف كروي يحدث في كل أرجاء العالم ولا يخص ديناً أو مذهباً معيناquot;، و أضاف الزهراني quot;كان من الأولى بلاعبي الهلال أن يقفوا أيضاً من أجل جدة وشهدائها الذي قضوا غرقاًquot;.

وختم الزهراني حديثه القصير قائلاً quot; لدينا أزمة في الفكر، فلا يجب أبداً أن ندخل آراءنا الشخصية البحتة في أعراف وتقاليد كرة القدمquot;.