إذا لم تكن الركلة الرائعة ليسبر غرونكيار، جناح تشلسي السابق، قد وجدت طريقها إلى الزاوية العليا لمرمى ليفربول في 11 أيار 2003، لما كان رومان إبراموفيتش قد اشترى تشلسي أبداً.

والفوز في اليوم الأخير من البريمير ليغ ذلك الموسم قد غيّر مصير البلوز، إذ تأهل لدوري أبطال أوروبا وأقنع الملياردير الروسي بالاستثمار الملايين من الروبل في جنوب غربي لندن.

ولكن بعد تسع مواسم لاحقة عاد تشلسي إلى حيث ما كان عليه تحت قيادة المدير الفني كلاوديو رانييري مهرولاً بيأس لإحتلال أحد المراكز الأربعة في الدوري الممتاز.

وكما توجهت الأزمة الأخيرة في هذا الموسم نحو الذروة المعتادة لإقالة المدير الفني، فقد أشار عداد الانفاق في تشلسي إلى أكثر من بليوني جنيه استرليني.

في الوقت نفسه، ذكرت وسائل الإعلام البريطانية أن إبراموفيتش قال للاعبين الذين كان أداؤهم سيئاً أو المغرورين منهم، إنهم سيتبعون آخر كبش فداء أندريه فيلاس ndash; بواس إلى خارج أبواب ستامفورد بريدج إذا لم يحسنوا من ادائهم. وهذا الرقم المذهل للإنفاق كان هو السبب.

وعلى رغم أنه يمكن طرح كل أنواع الاتهامات على الروسي المبهم، إلا أن الإحجام عن الأجور والتنقلات ليست واحدة منها.

ففي مواسمه الثمانية الكاملة التي أمضاها في منصبه، انفق تشلسي مبلغاً لا يصدق قدر بـ642.584.000 جنيه استرليني على شراء لاعبين، وبعد ذلك دفع لهم أجوراً تحير العقل بلغت 1.170.591.000 استرليني. أي ما يجعل المجموع 1.813.175.000 استرليني يدمع العيون.

بالإضافة إلى انفاقه 66 مليوناً هذا الموسم حتى الآن على لاعبين من أمثال خوان ماتا في العام الماضي وأكثر من ذلك بقليل على غاري كاهيل في كانون الثاني الماضي.

وهكذا تم صرف بليونا استرليني على نادٍ الذي يمكنه أن ينهي موسمه الحالي في وضع أسوأ مما كان عليه حتى قبل أن تبدأ ثورة الروسي فيه.

وبالتأكيد، أنه في ما بين هذه الأوقات تمتع تشلسي بالفترة الأكثر نجاحاً في تاريخه. فقد فاز ثلاث مرات بلقب الدوري الممتاز ومثلها بكأس الاتحاد ومرتين بلقب رابطة الأندية المحترفة. وكان قريباً جداً من الفوز بدوري أبطال أوروبا لو لم يهدر جون تيري ركلة جزاء في المباراة النهائية ضد مانشستر يونايتد التي اقيمت في موسكو في نهاية الموسم 2007/2008 والتي أعطت الفرصة والإثارة للجماهير التي لا يمكن لهم أن يتصوروها أبداً.

ولكن على رغم كل هذه الأموال، أصبح تشلسي الحالي يتراوح في مكانه على أرضه وخارجه.

لماذا؟ حسناً، إقالة مدير فني لنادٍ على أساس منتظم لم تكن أبداً فلسفة الفوز والنجاح، ولكن تشلسي ما يزال يقوم بذلك.

ووفقاً للأرقام الخاصة به، دفع البلوز أكثر من 66 مليون استرليني لتوظيف وإقالة رؤساء المدربين والموظفين العاملين معهم خلال سنوات إبراموفيتش، قبل أن يتسلم أندريه فيلاس ndash; بواس هدية الوداع التي قدرت بين 9 و11 مليون استرليني.

ويبدو أن مانشستر سيتي سيلحق بالركب بسرعة بسبب مخاطر الانفاق الفاحش. وأنه يبدو أن الستيزن والبلوز، مع خسائر بلغت 67.7 و194.8 مليون استرليني على التوالي في الموسم الماضي، لديهما فرصة ضئيلة لمواكبة النظام اللعب المالي النظيف للاتحاد الأوروبي لكرة القدم الذي حدد العجز ليصل إلى 54 مليون يورو (37.8 مليون استرليني) على مدى ثلاثة مواسم.

وعلى رغم أن الشيخ منصور، مالك مانشستر سيتي، قد يواجه اتهامات ذاتها عن سوء انفاق البلايين، إلا أن الحقيقة تظل على أن المديرين الفنيين في تشلسي تحت إدارة إبراموفيتش كانت لديهم سلطة لم يسبق لها مثيل على اجتذاب أفضل اللاعبين الذين تدفع لهم أعلى الأجور.

ولكن فاتورة الأجور من 189.539.000 استرليني ndash; الأعلى في البريمير ليغ ndash; و112.179.000 استرليني انفقت على شراء اللاعبين، لم تكن كافية لمنع تشلسي من أن يفقد لقبه والمدير الفني كارلو أنشيلوتي منصبه في الموسم الماضي.

وأظهرت بيانات المال في كل موسم للدوري الممتاز بين 2003/2004 و2010/2011 أن تشلسي دفع مبالغ أكثر في الأجور والتنقلات من بعض منافسيه الرائدين. ومانشستر يونايتد هو المعيار الذي تتمنى كل الأندية الانكليزية الاخرى أن يحكم عليها، حيث حول الشياطين الحمر الأموال إلى الألقاب أكثر من أي نادٍ آخر.

ومهما قيل عن عائلة غليزر، المالكة لمانشستر يونايتد، إلا أنها نجحت في سوق الانتقالات مع تزايد فاتورة الأجور في أولد ترافورد الآن بشكل أسرع من الدخل المتزايد في النادي.

ومبلغ 152.915.000 استرليني للأجور هو أقل بنسبة 20 في المئة عن فاتورة تشلسي، الذي كان كافياً لانتزاع لقب البريمير ليغ في الموسم الماضي من خلال ما كان يفترض أن تشكيلة مانشستر يونايتد كانت الأضعف في عهد السير اليكس فيرغسون.

ومع ما مجموعه 1.196.032.000 استرليني في الأجور والتنقلات من 2003 وحتى 2011 استطاع فيرغسون أن يجلب 4 ألقاب الدوري الممتاز إلى أولد ترافورد وكأس الاتحاد الانكليزي وثلاثة ألقاب لكأس رابطة الأندية المحترفة، واللقب الذي ما يزال يطمح إبراموفيتش في الحصول عليه قبل أي شيء آخر: دوري أبطال أوروبا.

وبما أن الملياردير المكتئب يفكر باحتمال عدم تأهل تشلسي حتى للمنافسة في الموسم المقبل، فإنه ربما سيأخذ بعض الراحة من محنة التشكيلة التي انهزمت كل هذه السنوات منذ هدف غرونكيار.

وليفربول يتوجه إلى السنة الثالثة من المنفى في منافسات النخبة الأوروبية، وبلا شك هي أسوأ مرحلة على أرض الملعب مما كانت عليه منذ عام 2003.

والمخلصين في أنفيلد ndash; وأصحابه الحاليين ndash; من شأنهم أن يستشهدوا بالفترة الكارثية تحت إدارة المالكين الأميركيين السابقين توم هيكس وجورج جيلت.

ولكن على إبراموفيتش إلا يلقي اللوم إلا على نفسه، الناجي الوحيد من الأوبرا التي بلغت كلفتها بليونا جنيه استرليني، ولكنها لم تكن أفضل مما كانت عليه قبل تسع سنوات.