&انتظر مهاجم بايرن ميونيخ توماس مولر اشارة من مدربه بيب غوارديولا لإطلاق الجناح ارين روبن الذي كان يحجم حركته بشريط مطاطي ضخم. وعندما اعطى المدرب الاسباني اشارته ركض الهولندي بأقصى سرعة لمسافة 10 أمتار متخطياً برشاقة حاجزين صغيرين ثم عرج بين عمودين قبل أن تتدحرج الكرة أمامه. ومن دون توقف سيطر عليها بلمسة واحدة ثم سددها بقدمه اليسرى بقوة وبدقة من مسافة 20 ياردة لتدخل مرمى مانويل نوير، وبعدها عاد مباشرة إلى نقطة البداية ليتلقى الرضا الواضح من مدربه.

وقد تكون هذه جلسة روتينية في مركز تدريب بايرن ميونيخ، ولكن لا يوجد شيء غير عادي لطريقة عمل ارين روبن في حياته المهنية، محاولاً تكرار ذلك بما أنه يسعى لتحقيق الكمال ، لتعطي صورة رائعة لواحد من أفضل اللاعبين في العالم أثناء أداء عمله الكروي.
&
هذا هو روبن الذي تم اختياره في صفوف أفضل تشكيلة للفيفا في عام 2014، والذي يتألق حالياً في مسابقة البوندسليغا ، حيث يحتل الآن المركز الثاني لأفضل الهدافين برصيد 17 هدفاً في الدوري الألماني.
&
هكذا علقت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية على المشهد قبل أن تلتقي ارين روبن بعد وقت قصير من انتهاءه من تدريبات ذلك اليوم، عندما بدأ حديثه بالقول "كان لي الشرف للعمل مع الكثير من مدربين عظماء، وبالتأكيد أن غوارديولا واحد منهم. لم أعد صغيراً الآن، فقد بلغت الـ31 عاماً. أشعر بأنني تقدمت بضع خطوات إلى الأمام، وأنا مجرد مجنون كرة القدم".
&
وأضاف "في أول حديثي مع غوارديولا قال لي إنه من المهم أن استمتع بكرة القدم، ، فهو لا يريدني أن اكون مسترخيا ، إذ قال لي تمتع باللعبة وتمتع بحياتك. لقد منحني الثقة على الفور".
&
التطور
&
ولم يشعر الهولندي الطائر بفقدانه لقدراته، بل بالعكس فقد طورها منذ انتقاله إلى ريال مدريد من تشلسي في 2007. وقد جعله حصده لـ13 لقباً كبيراً في وقت لاحق "سلالة نادرة" – اللاعب الذي صقل المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو مواهبه مع البلوز الذي لم يتمتع بالنجاح فحسب، بل وصل إلى مستوى مختلف. وكان وقته ناجحاً بتحقيقه للقبين في الدوري الممتاز ومثلهما في كأس الدوري وكأس الاتحاد الانكليزي، حيث تُعد هذه الإنجازات أدلة على تألقه ، إلا أنه في أعماق قلبه لم يعتقد روبن بأنه أظهر كل قدراته، كما طُرحت الصحيفة أسئلة حول لياقته البدنية. فما الذي تغير؟ .
&
يجيب الهولندي الدولي "لقد كبرت بضع سنوات. أعتقد بأنني تطورت بشكل ايجابي في تشلسي وقد ساعدتني تلك السنوات الثلاث بأن أكون أقوى ، لقد &كنتُ فتياً عندما وصلت إلى البريميرليغ وكنتُ آنذاك في الـ20 من عمري ، &المشكلة الوحيدة التي اعاقتني هي الإصابات التي لحقت بيَّ. لم ألعب خلال الأشهر الثلاث الأولى وما زلت أتذكر ذلك. كان وضعاً مجنوناً خلال مباراة ودية ضد روما في أمريكا، فقد كان لدى روما لاعب وسط هولندي أسمه أوليفر داكورت وكان له يوماً سيئاً ومحبطاً وحصل على بطاقة حمراء بعد ركلي التي تسببت في كسر ساقي".
&
وقال "عندما تعافيت بدأت ألعب على مستوى عالٍ جداً. هذا هو السبب الذي يدفعني بأن أكون سعيداً جداً بأدائي".
&
وتابع "لم يكن من العدل اتهامي، لأن الاحصائيات لا تكذب. ولكن أعرف الآن السبب الذي كان الناس يقولون عني في ذلك الوقت بأنني مصنوع من الزجاج وغطاس ، كنتُ أغضب من ذلك لأنني كنتُ أشعر بأنه ينبغي عليَّ أن أدافع عن نفسي دائماً. شعرت بأنني قوي. قوي بدنياً، وكنت سريعاً".
&
وأضاف "أعرف الآن أنه كان هناك شيء غريب في جسدي. أنا لاعب متفجر للغاية ولذلك كنتُ احتاج إلى أن يكون جسدي بكامله على ما يرام. أجريت عملية جراحية في العظام في آخر سنة التي كنتُ فيها مع ريال مدريد، وكان ذلك في غاية الأهمية لأنني سيطرت على جسدي".
&
تجربته مع مورينيو
&
يجيب الهولندي الدولي "كان عادلاً جداً. المشكلة الوحيدة التي عانينا منها هي الاصابات التي لحقت باللاعبين، ولم يستطع مورينيو الاعتماد عليَّ لأنني كنت أعاني أنا أيضاً من اصابات في بعض الأحيان.
&
&كلانا كنا محبطين وأصبح من الصعب العمل معاً. ولكن من وجهة نظر كرة القدم كان من المهم جداً العمل معه لأنه ساعدني من الناحية الذهنية كثيراً".
&
فان غال له الدور الأكبر
&
وإذا كان مورينيو قد هيأ روبن وغوارديولا صقل مواهبه، فإن مدرب هولندا وبايرن ميونيخ آنذاك لويس فان غال قد "صنعه". وعندما غادر روبن ريال مدريد إلى بايرن، فإن الجناح الذي نشأ معجباً جداً بالمهاجم البرازيلي الاسطورة روماريو، كان يعرف أن هذه هي فرصته الأخيرة ليحتل العناوين الرئيسية في وسائل الإعلام العالمية في واحدة من الأندية العملاقة في أوروبا.
&
ويفسر روبن علاقته مع فان غال "منذ اليوم الأول لوصوله حيث قال :" لقد جعلني أشعر بأنني لاعب مهم. أعطاني دوراً مهماً، وبالتالي تألقت في السنة الأولى. تقدمت خطوة كبيرة بسبب فان غال. أنا ممتنن له جداً. إنه المدرب الذي يجعل أداء اللاعب كفرد أفضل. وهذا شيء نادر حدوثه في هذه الأيام".
&
والنقطة التي أبرزها روبن كانت كبيرة ومتعلقة بفان غال، نظراً إلى العرض المتذبذب الذي يقدمه مانشستر يونايتد حالياً، وقراءته للانتقادات التي توجه إلى المدير الفني في أولد ترافورد ، حيث قال روبن عن فان غال "إن لديه الكثير من الثقة لنجاح المدرب الهولندي مع الشياطين الحمر، على رغم أنه سيحتاج إلى وقت لبناء فريقه، وسيكون موسمه هذا رائعاً إذا تأهل لدوري أبطال أوروبا للموسم المقبل، وعندها سوف لن ينتقده أحد".
&
وعن إمكانية لحاقه بمواطنه في اليونايتد ، يتحدث روبن عن نفسه قائلاً :" "حياتي مع عائلتي جيداً جداً. فريقي ناجح، لذلك أنا باقٍ في بايرن. وإذا لم تسر الأمور على ما يرام ولم استمتع بها، ربما سيكون خياري الأول الانضمام إلى مانشستر يونايتد. ولكن فان غال &يحترم وضعي لأنه يعلم بأنني سعيد هنا".
&
وتعكس هذه السعادة في مستوى روبن الرائع، إذ يقول : "إن ميونيخ هو المكان المثالي لتربية عائلتي الصغيرة".
&
يعترف بوصف الغطاس&
&
أما الاتهامات عن أنه لاعب " غطاس " وكثير السقوط ، فقد تحدث عنها قائلاً :" لقد أصبحت شيئاً من الماضي ، &أعرف أنني فعلت أشياء خاطئة، وأعرف أيضاً أن هناك أوقاتاً يقول الناس عني كثيراً وهذا ليس عدلاً، ولكنني أستطيع التعايش معها ، &يجب أن تحكم على نفسك بطريقة عادلة وسأكون من اللاعبين الأوائل الذي يعترفون بأنهم قاموا بعمل خاطىء ".
&
دوري أبطال أوروبا&
&
في الوقت الحاضر، أخطاء روبن أصبحت قليلة، مما ضمن أداؤه لبايرن لقب آخر للبوندسليغا في فصل الربيع، ولكن هناك لقب آخر مهم مرغوب للغاية لدى روبن والبايرن ، وهو لقب دوري أبطال أوروبا الذي يُعد هاجساً للبايرن ولغوارديولا واللاعبون لفوزهم باللقب الخامس منذ عام 2013.
&
ولم تكن هذه البطولة ذات ذكرى جميلة دائمة لروبن ، &فقد كانت هناك خسارة للفريق في الدور قبل النهائي لم يستطيع روبن نسيانها ، &بعدما أهدر ركلة جزاء ضد تشلسي في أليانز أرينا في 2012.&
&
ولكن خيبات الأمل الماضية لم تحبطه ، كما أنه لا يفكر في العودة للوراء ، وبعد سؤاله : "إذا ماكان لايزال يفكر بالهدف الذي أحرزه في ويمبلي؟"، عندما اخترق دفاعات بوروسيا دورتموند. ليرد قائلاً : "بالتأكيد لا ، لست شخصياً يعيش على الماضي ويحلم به ، &فأنا رجل واقعي، وكلاعب لكرة القدم فإنه يجب عليك أن تعيش دائماً في تلك اللحظة – واللحظة هي الآن".
&
معجب بمدربه غوارديولا
&
يترقب روبن فرصة للقضاء على كل أمل يحلم به شاختار دونيتسك في المحطة الثانية من المرحلة الـ16 لدوري أبطال أوروبا مع وجود ميزة اللعب على أرضه، بعد أن انتهت المباراة الأولى بتعادلهما السلبي ، حيث يجب على بايرن أن يتقدم بالنتيجة ليلعب بشكل مريح ، لا سيما أن غوارديولا لا يشعر بالارتياح، إذ ان توجيهاته التدريبية تثبت ذلك، فإذا وقع شيء لا يعجبه، فإنه ينفجر ولا يرتاح حتى يوضح للاعبيه وجهة نظره.&
&
وتحدث الجناح مع الصحيفة البريطانية عن أساليب غوارديولا بقوله "إنه لأمر جيد، هل تعلم؟ الشدة والقوة حاسمتان دائماً وتساعدنا لنكون متينين. إنه يجعلك أن تتدرب على مستوى معين مع زملائك في الفريق، وبهذه الطريقة سيصبح الفريق ناجحاً معا. إنه مجرد مجنون كرة القدم.. مجنون".
&
واختتم روبن حديثه "غوارديولا يفكر دائماً كيف يجعلنا متفوقين. لا يهم ما حصل في الماضي، لأن كل شيء عنده هو عن المستقبل وماذا نستطيع أن نحققه غداً. نريد الفوز بدوري أبطال أوروبا. نريد أن نصل إلى برلين".
&
وإذا استطاع بايرن ميونيخ أن يحقق ذلك، فإن روبن مع تسديداته الرائعة والمدوية، سيكون محور هذا الانجاز.
&
إنجازات ارين روبن
&
آيندهوفن (1)، الدوري الهولندي 2003.
&
تشلسي (6)، البريميرليغ 2005 و2006. كأس الاتحاد 2007، كأس الدوري 2005 و2007، والدرع الخيرية في 2005.
&
ريال مدريد (2)، الدوري الاسباني 2006 وكأس السوبر 2008.
&
بايرن ميونيخ (11)، البوندسليغا 2010 و2013 و2014، وكأس المانيا 2010 و2013 و2014، وكأس سوبر الألماني 2010 و2012 ودوري أبطال أوروبا 2013 وكأس سوبر الأوروبي 2013 وكأس بطولة العالم للأندية 2013.