سألت إيلاف إختصاصيين في المجال الطبي والنفسي في العراق حول حمل المرأة بعد سن الاربعين، فتحدثوا عن مخاطر صحيّة متعدّدة تواجه المرأة والطفل على حد سواء، بينما رأى اختصاصيو علم النفس ان المرأة بعد سن الاربعين تكون اكثر نضجًا مما يتيح بعلاقة جيدة مع طفلها في ما بعد.


عبد الجبار العتابي من بغداد : أكدت طبيبة عراقية ان المرأة الحامل بعد سن الاربعين عامًا تزيد لديها نسبة التشوهات الخلقية بشكل كبير للولادات التي يأتي من ضمنها الطفل الذي يطلق عليه شعبيًا بـ (المنغولي) ، او ما يصطلح عليه علميًا (متلازمة داون) ، وكذلك تزداد نسبة التشوهات الخلقية على اختلافها البسيطة منها والصعبة، فيما اشارت طبيبة اخرى إلى أنّ المرأة الحامل في هذا السن عادة ما تنصح بزيادة الفحوصات والتحاليل المخبرية بشكل دوري وتحت اشراف طبيب مختص. فيما اشارت استاذة في علم النفس ان المرأة التي تلد في سنوات الاربعينيات من عمرها يكون اهتمامها بوليدها مثاليًا ، كما ان نسبة التأثيرات النفسية على الطفل غير مطلقة لأنّ الطفل لا يهمه سوى الحنان الذي يبذل اليه ، فيما اشارت استاذة في علم النفس ان العلاقات بين الام في هذا العمر وابنها تكون متفاوتة لكن الحنان المبالغ فيه هو العلامة الفارقة .

ويبدو ان اهم ما يشغل النساء اللواتي يعبرن سن الاربعين عامًا ويبحثن عن الانجاب هو الخشية من ظهور الولادات في حالات غير طبيعية، ويأتي ذلك من حب المرأة للانجاب، ومن الطريف ان المرأة احيانًا لا تعير لذلك اهمية كونها تعترف بالامومة اكثر من اعترافها بتقدم العمر، وقد وجدت ان العديد من النساء يحرصن على اتباع توصيات الاطباء بحذافيرها من اجل التواصل في الانجاب الى ما لا نهاية.

بالصدفة كانت المرأة التي تجلس قبالتي في سيارة النقل العام تداعب طفلاً لا يتجاوز عمره الثلاث سنوات، كان تقدّم العمر يبدو عليها، وهو ما جعلني لا اربط بينها وبين الطفل برابط الامومة، ومع مرور الوقت سمعتها تقول له كلمة (ماما) وهو ما جعلني اتجرأ وأسألها ان كان الطفل ابنها فعلا ؟ فأجابت نعم!!، وحين لاحظت ملامح الاستغراب على وجهي قالت : هو ابني البكر والوحيد ، فقد تزوجت بعمر متأخر ، بعمر 43 عامًا ، وانا الان بعمر 46 عامًا.

كنت اريد ان اسألها للاستفادة منها للموضوع الذي اعمل عليه، لكنني لم اجد الشجاعة لديّ ، لكنني اضطررت الى ان اكشف لها عن عملي ، فقالت : اعتقد انك تستغرب ان ألد هذا الطفل الجميل، نعم هذا صحيح واستغرب غيرك، فالطفل ولد سليمًا معافًى، واعتقد انني في صحة جيدة ، ويبدو ان فرصة الزواج بعدما شعرت باليأس هي التي منحتني القوة ، فأنا احب الاطفال وطالما كنت احلم بالانجاب، اعتقد ان صحتي الجيدة هي التي جعلتني انجب بشكل طبيعي .

وحينما سألتها : ألا تخشى حين يكبر ابنها يجدها اكبر منه بكثير وربما تسبب له عقدًا نفسية ؟ قالت : لا اعتقد ان الولد البار بوالديه (يتعقد) لان امه (عجوز) بل عليه ان يشكر الله على انجابها له ورعايتها، والمهم ان تربيه تربية سليمة وصالحة .

تقول الطبيبة النسائية وداد حمزة الشجيري إختصاصية نسائية وتوليد وأمراض العقم : تزيد نسبة التشوهات الخلقية بشكل كبير للولادات التي تحصل لدى المرأة الحامل بعد سن الأربعين ، هذا صحيح، ومن ضمنها الطفل الذي يطلق عليه (المنغولي)، وكذلك تزداد نسبة التشوهات الخلقية على اختلافها ، البسيطة منها والصعبة.

واضافت : وعادة ما ينصح الاطباء المرأة الحامل في مثل هذه السن بزيادة الفحوصات الطبية والتحاليل والتحاليل المخبرية، ومن ضمنها تحاليل فحص الدم وضغط الدم والسكري ونسبة اليوريا وغيرها، وتكون هذه التحاليل بصورة دورية من قبل الطبيب المشرف عليها .
وحول الاختلاف الحاصل بين الحامل في السن الطبيعية والحامل ما بعد الأربعين عادة من حيث رعاية الطبيب ، قالت الطبيبة الشجيري : تكون الزيارات أكثر عند المراة الحامل بعد الأربعين، ويجب ان تكون تحت رعاية الطبيب وإشرافه المباشر لمتابعة اي تغيرات لها وللجنين ومحاولة السيطرة عليها حتى تتم الولادة، فلابد من مراقبة تطور نمو الجنين بوساطة طرق الكشف الحديثة.

وتابعت : وهناك أمر آخر هو ان الولادات في تلك الحالة لا تتم بصورة طبيعية على الأغلب، وتبرز الحاجة إلى إجراء العمليات القيصرية.

من جهتها قالت الطبيبة هدى سعدي اختصاصية التوليد والامراض النسائية : لا شك ان المرأة الحامل بعد سن الاربعين تتميز عن سواها من الاعمار الاقل ، حيث للعمر احكامه والتغيرات الفيزيولوجية التي قد تحدث في جسم المرأة ، فهناك مخاطر من ارتفاع ضغط الدم وزيادة نسبة السكر واضطرابات القلب ، اضافة الى الخوف من تعسر في الولادة، اضافة الى مقاييس أخرى مثل الطول والوزن فتكون ولادة المرأة القصيرة والبدينة أصعب منها من مثيلاتها ذوات الطول والوزن المناسبين، ولكن ليس كل النساء الحوامل بعد سن الاربعين يلدن اطفالاً مشوّهين او (معوّقين) .

وحول نسبة الخصوبة للمرأة ما بعد سن الأربعين قالت : تكون اقل بنسبة كبيرة عن مثيلاتها من النساء الصغيرات في السن، وحول كون الأم الصغيرة تكون اقرب الى تفكير ونفسية الطفل من الأم الكبيرة في العمر قالت: ان الأم في عمر 15 عامًا واقل تنقصها الخبرة والتجربة والإحساس بالمسؤولية عنها في حالة الأم الكبيرة والناضجة التي تكون ذات تجربة وإدراك عاليين لطبيعة تربية الطفل واحتياجاته ونفسيته.
اما د. سهام حسن استاذة علم النفس الاجتماعي / جامعة بغداد فقالت : بالتأكيد حينما يكبر الطفل ويعي امور الحياة وما حوله، يفاجأ بأن الامهات حوله أقل سنًا من امه التي سيبدو عليها كبر السن، وربما يذهب في المقارنة بينها والاخريات، وربما حين يشعر بالفرق يتأثر نفسيًا بشكل لا ارادي ، ولكن على العموم انا اعرف نساء انجبن في عمر متأخر ولكن العلاقة بينهن واولادهن طبيعية ، واعتقد ان امومة المرأة وحنانها في سن الاكثر من الاربعين تكون اكبر لانها تجمعه كله من اجل وليدها الاخير، ولهذا فهذه الام تكون اكثر حرصًا لانها في الغالب تجد ان هذا الطفل هو اخر العنقود وعليها ان تغدق عليه كل الحنان والرعاية بشكل مبالغ فيه .

واضافت: ولكن .. احيانا يشعر الطفل بالخوف من فقدان امه كونها كبيرة في العمر ، وربما تصاب بأمراض ويزداد قلقه ، كما ان هناك مسألة مهمة وهي تتمثل في الحذر الشديد الذي تكون عليه الام حتى في الذوق الذي تتبناه ، فالام تريد ان تلبس ابنتها خاصة الملابس التي تختارها هي ، ولا تعترف بالفارق بين جيلها وجيل ابنتها، واحيانًا يكره الابن عندما يكبر امه، لانها تضيق الخناق عليه وتجعله قريبًا منه دائمًا ومحاطًا بذراعيها بسبب خوفها المبالغ فيه .